موسوعة الأديان

الفرع الثالث: الديصانية:


أصحاب ديصان: أثبتوا أصلين: نورا وظلاما.
فالنور: يفعل الخير قصدا واختيارا.
والظلام: يفعل الشر طبعا واضطرارا.
فما كان من خير ونفع وطيب وحسن فمن النور.
وما كان من شر وضرر ونتن وقبح فمن الظلام.
وزعموا أن النور: حي عالم قادر حساس دراك، ومنه تكون الحركة والحياة.
والظلام: ميت جاهل عاجز جماد موات، لا فعل له ولا تمييز.
وزعموا أن الشر يقع منه طباعا وخرقا.
وزعموا أن النور جنس واحد، وكذلك الظلام جنس واحد.
وأن إدراك النور إدراك متفق، فإن سمعه وبصره وسائر حواسه شيء واحد، فسمعه هو بصره، وبصره هو حواسه، وإنما قيل سميع بصير؛ لاختلاف التركيب، لا لأنهما في نفسهما شيئان مختلفان.
 وزعموا أن اللون هو الطعم، وهو الرائحة، وهو المحسة، وإنما وجدوه لونا؛ لأن الظلمة خالطته ضربا من المخالطة، ووجده طعما؛ لأنها خالطته بخلاف ذلك الضرب، وكذلك القول في لون الظلمة وطعمها ورائحتها ومحستها.
وزعموا أن النور بياض كله، وأن الظلام سواد كله.
وزعموا أن النور لم يزل يلقى الظلمة بأسفل صفحة منه، وأن الظلمة لم تزل تلقاه بأعلى صفحة منها.
واختلفوا في المزاج والخلاص: 
فزعم بعضهم أن النور داخل الظلمة، والظلمة تلقاه بخشونة وغلظ، فتأذَّى بها وأحبَّ أن يرقصها ويلينها، ثم يتخلص منها، وليس ذلك لاختلاف جنسهما، ولكن كما أن المنشار جنسه حديد، وصفحته لينة، وأسنانه خشنة، فاللين في النور، والخشونة في الظلمة، وهما جنس واحد، فتلطَّف النور بلينه، حتى يدخل تلك الفرج، فما أمكنه إلا بتلك الخشونة، فلا يتصور الوصول إلى كمال وجود إلا بلين وخشونة.
وقال بعضهم: بل الظلام لما احتال حتى تشبث بالنور من أسفل صفحته، فاجتهد النور حتى يتخلص منه ويدفعه عن نفسه، فاعتمد عليه فلجج فيه، وذلك بمنزلة الإنسان الذي يريد الخروج من وحل وقع فيه، فيعتمد على رجله ليخرج، فيزداد لجوجا فيه، فاحتاج النور إلى زمان ليعالج التخلص منه والتفرد بعالمه. وقال بعضهم: إن النور إنما دخل أجزاء الظلام اختيارا؛ ليصلحها، ويستخرج منها أجزاء صالحة لعالمه، فلما دخل تشبثت به زمانا، فصار يفعل الجور والقبيح اضطرارا لا اختيارا، ولو انفرد في عالمه ما كان يحصل منه إلا الخير المحض والحسن البحت، وفرق بين الفعل الاضطراري وبين الفعل الاختياري.
الملل والنحل للشهرستاني – 1/296



انظر أيضا: