موسوعة التفسير

سورة هود
الآيات (32-35)

ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ

غريب الكلمات:

يُغْوِيَكُمْ: أي: يُضِلَّكم، وقيل: يُهْلِكَكم؛ لأنَّ الإضلالَ يُفْضي إلى الهلاكِ، وأصلُ (غوي): يدُلُّ على خِلافِ الرُّشدِ، وإظلامِ الأمرِ [420] يُنظر: ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (4/399)، ((المفردات)) للراغب (ص: 620)، ((تذكرة الأريب)) لابن الجوزي (ص: 161)، ((تفسير القرطبي)) (9/28). .

المعنى الإجمالي:

يُخبِرُ الله تعالى عن قومِ نُوحٍ أنَّهم قالوا له: يا نوحُ قد حاجَجْتَنا فأكثَرتَ مُحاجَّتَنا، فأْتِنا بما تَعِدُنا مِن العذابِ إن كنتَ مِن الصَّادقينَ في دعواك، فقال لهم نوحٌ: إنَّ اللهَ وَحدَه هو الذي يأتيكم بالعذابِ إن شاء، ولَستُم بفائِتِيه إذا أراد أن يعَذِّبَكم؛ لأنَّه سُبحانَه لا يُعجِزُه شَيءٌ في الأرضِ ولا في السَّماءِ، ولا ينفَعُكم نُصحي واجتهادي في دَعوتِكم للإيمانِ، إن كان اللهُ يريدُ أن يُضِلَّكم، هو سبحانَه مالِكُكم، وإليه تُرجَعونَ في الآخرةِ للحِسابِ والجزاءِ.
بل أيقولُ مُشرِكو قَومِك- يا مُحمَّدُ: إنَّك اختلقتَ القُرآنَ، واختلقتَ قِصَّةَ نُوحٍ مِن تِلقاءِ نَفسِك؟! قلْ لهم: إن كنتُ قد افتريتُ ذلك على اللهِ، فعليَّ وحدي إثمُ ذلك، وإذا كنتُ صادقًا فأنتم المُجرِمونَ الآثِمونَ، وأنا بريءٌ مِن كُفرِكم وتَكذيبِكم وإجرامِكم.

تفسير الآيات:


قَالُواْ يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا.
أي: قال المُشرِكونَ مِن قَومِ نوحٍ: يا نوحُ، قد حاجَجتَنا وخاصَمتَنا، فأكثَرْتَ محاجَّتَنا وخُصومَتَنا، وبالغْتَ فيها [422] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (12/388)، ((تفسير القرطبي)) (9/27)، ((تفسير ابن كثير)) (4/318). .
فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ.
أي: فعجِّلْ لنا- يا نوحُ- الذي تَعِدُنا به من العَذابِ، إن كنتَ من الصَّادقينَ في أقوالِك ودعواك أنَّك رسولُ اللهِ حقًّا [423] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (12/388)، ((تفسير ابن كثير)) (4/318)، ((تفسير السعدي)) (ص: 381). .
قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُم بِهِ اللّهُ إِن شَاء وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ (33).
قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُم بِهِ اللّهُ إِن شَاء.
أي: قال نوحٌ لِقَومِه: إنَّما يأتيكم بالعَذابِ ويُعجِّلُه لكم اللهُ وَحْدَه، إن أراد أن يُهلِكَكم [424] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (12/389)، ((تفسير القرطبي)) (9/28)، ((تفسير ابن كثير)) (4/318).
وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ.
أي: ولستُم بفائتينَ اللهَ بالهَرَبِ من عقابه، ولا قدرةَ لكم على دَفعِ عَذابِه [425] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (12/389)، ((تفسير القرطبي)) (9/28)، ((تفسير الشوكاني)) (2/562). .
وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (34).
مُناسَبةُ الآيةِ لِما قَبْلَها:
لَمَّا بيَّنَ نوحٌ عليه السَّلامُ أنَّهم إنَّما هم في قَبضتِه تعالى؛ زاد في بيانِ عَظَمتِه، وأنَّ إرادتَه تضمحِلُّ معها كلُّ إرادةٍ، في سياقٍ دالٍّ على أنَّه بذلك ناصِحٌ لهم، وأنَّ نُصحَه خاصٌّ بهم [426] يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (9/279). .
وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ.
أي: ولا ينفَعُكم ما أبذُلُه لكم مِن نُصحٍ إن كان اللهُ يشاءُ أن يُضِلَّكم ويَخذُلَكم، ويُوقِعَ الغَوايةَ في قلوبِكم [427] يُنظر: ((الوسيط)) للواحدي (2/571، 572)، ((تفسير البغوي)) (2/446)، ((تفسير القرطبي)) (9/28)، ((منهاج السنة النبوية)) لابن تيمية (3/16)، ((شفاء العليل)) لابن القيم (ص: 270)، ((تفسير الخازن)) (2/482)، ((تفسير ابن كثير)) (4/318)، ((تفسير الشوكاني)) (2/562)، ((تفسير السعدي)) (ص: 381). قال السمعاني في قوله: يغويكم: (أَكثرُ المفَسِّرينَ على أنَّ مَعْناه: يُضلَّكم). ((تفسير السمعاني)) (2/426). .
هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ.
أي: الله هو ربُّكم المتصَرِّفُ في أمورِكم بما يشاءُ، فإليه وحده الهِدايةُ والغَوايةُ، وإليه وَحدَه تصيرونَ بعد هلاكِكم، فيُجازيكم على أعمالِكم [428] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (12/389)، ((تفسير ابن كثير)) (4/318)، ((تفسير السعدي)) (ص: 381). .
أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تُجْرَمُونَ (35).
مُناسَبةُ الآيةِ لِما قَبْلَها:
أنَّها جُملةٌ مُعتَرِضةٌ بينَ جملةِ أجزاءِ القِصَّةِ، وليست مِن القِصَّةِ، ومناسَبةُ هذا الاعتراضِ أنَّ تفاصيلَ القِصَّةِ التي لا يَعلَمُها المُخاطَبونَ تفاصيلُ عَجيبةٌ تدعو المُنكِرينَ إلى أن يتذكَّروا إنكارَهم، ويُعيدوا ذِكرَه. وكونُ ذلك مطابقًا لِما حصلَ في زَمَنِ نوحٍ عليه السَّلامُ، وشاهِدةً به كُتُبُ بني إسرائيلَ، يدُلُّ على صِدقِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لأنَّ عِلمَه بذلك مع أميَّتِه وبُعدِ قَومِه عن أهلِ الكِتابِ، آيةٌ على أنَّه وَحيٌ مِن اللهِ لا يأتيه الباطِلُ مِن بين يَدَيه ولا مِن خَلْفِه [429] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (12/63-64). .
أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ.
أي: أم يقولُ مُشرِكو قَومِك- يا مُحمَّدُ: اختلقَ محمَّدٌ هذا القُرآنَ، واختلق قِصَّةَ نوحٍ مِن تِلقاءِ نَفسِه [430] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (12/389)، ((تفسير ابن جزي)) (1/370)، ((تفسير ابن كثير)) (4/318)، ((تفسير ابن عاشور)) (12/63-64). وممن اختار المعنَى المذكورَ؛ أنَّ الضميرَ في يَقُولُونَ لكُفَّارِ قُريشٍ، وفي افْتَرَاهُ لمحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ابنُ جريرٍ، وابنُ جُزي، ونسَبَه لجميع المفسِّرين، وابنُ كثير، وابنُ عاشور. يُنظر: المصادر السابقة. واختار أنَّها حِكايةٌ عن نوحٍ وما قاله لِقَومِه: القرطبيُّ، وأبو حيان، والشوكاني. يُنظر: ((تفسير القرطبي)) (9/29)، ((تفسير أبي حيان)) (6/148)، ((تفسير الشوكاني) (2/564)، ويُنظر أيضًا: ((تفسير ابن عطية)) (3/167). قال السعدي: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ هذا الضميرُ محتملٌ أن يعودَ إلى نوحٍ، كما كان السياقُ في قصتِه مع قومِه، وأنَّ المعنى: أنَّ قومَه يقولونَ: افترَى على الله كذبًا، وكذَّب بالوحي الذي يزعمُ أنَّه مِن الله، وأنَّ الله أمَره أن يقولَ: قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ أي: كلٌّ عليه وزرُه وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى. ويحتمِلُ أن يكونَ عائدًا إلى النبيِّ محمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم، وتكونَ هذه الآيةُ معترضةً، في أثناءِ قصةِ نوحٍ وقومِه؛ لأنَّها مِن الأمورِ التي لا يعلمُها إلَّا الأنبياءُ، فلمَّا شرَع الله في قصِّها على رسولِه، وكانت مِن جملةِ الآياتِ الدالةِ على صدقِه ورسالتِه، ذكرَ تكذيبَ قومِه له مع البيانِ التامِّ). ((تفسير السعدي)) (ص: 381). ؟
قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تُجْرَمُونَ.
أي: قل- يا مُحمَّدُ- للمُشرِكينَ: إن اختلقْتُ القُرآنَ وافتعلتُه- كما تَزعمونَ- فعلَيَّ وحدي إثمي في كَذِبي على اللهِ، وأنا بريءٌ ممَّا تُذنِبونَ مِن الكُفرِ والكَذِب على اللهِ، والتَّكذيبِ بالحَقِّ [431] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (12/389)، ((الوسيط)) للواحدي (2/572)، ((تفسير القرطبي)) (9/29)، ((تفسير ابن كثير)) (4/318)، ((تفسير السعدي)) (ص: 381). .

الفوائد التربوية :

 في قَولِه تعالى: قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا دَلالةٌ على المُجادلةِ المَشروعةِ- وقد تجبُ وقد تُستحَبُّ- وأمَّا المذمومةُ شَرعًا فهي: الجَدلُ بالباطِلِ، والجدلُ بغيرِ عِلمٍ، والجدلُ في الحقِّ بعد ما تبيَّن [432] يُنظر: ((درء تعارض العقل والنقل)) لابن تيمية (7/156). .

الفوائد العلمية واللطائف:

1- قَولُ الله تعالى: قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا سَمَّوه (وَعْدًا) سُخريةً به، أي: أنَّ هذا الذي جعلْتَه وعيدًا هو عندنا وعدٌ حسَنٌ سارٌّ، باعتبارِ أنَّا نحِبُّ حُلولَه، فالمعنى: أنَّك لستَ قادرًا على ذلك، ولا أنت صادِقٌ فيه، فإن كان حقًّا فائْتِنا به [433] يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (9/278). .
2- قال الله تعالى: وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ دلَّت هذه الآيةُ على أنَّ الإغواءَ بإرادةِ الله، وهي بذلك تدُلُّ على بُطلانِ مَذهَبِ المُعتَزلةِ والقَدَريَّةِ ومَن وافَقَهما؛ إذ زعموا أنَّ الله تعالى لا يُريدُ أن يَعصيَ العاصي، ولا يكفُرَ الكافِرُ، ولا يغويَ الغاوي، فرَدَّ الله عليهم بقَولِه تعالى: إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ، فأضاف إغواءَهم إلى اللهِ سبحانه وتعالى؛ إذ هو الهادي والمُضِلُّ، سبحانه عمَّا يقولُ الجاحِدونَ والظَّالِمونَ عُلُوًّا كبيرًا [434] يُنظر: ((الوسيط)) للواحدي (2/572)، ((تفسير القرطبي)) (9/28). .
3- في قَولِه تعالى: إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ بيانُ نوعِ الإرادةِ الكونيَّةِ- وهي الإرادةُ المُستَلزِمةُ لوقوعِ المُرادِ- ويُقابِلُها الإرادةُ الدينيَّةُ الشَّرعيَّةُ- وهي محبَّةُ المرادِ ورِضاه، ومحبَّةُ أهلِه والرِّضا عنهم، وجزاؤُهم بالحُسنى- كقَولِه تعالى: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [435] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (8/188). [البقرة: 185] .

بلاغة الآيات:

1- قولُه تعالى: قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ
- قولُهم: فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا خبَرٌ مستعمَلٌ في التَّذمُّرِ والتَّضْجيرِ والتَّأييسِ مِن الاقتناعِ [436] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (12/60). .
2- قولُه تعالى: قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شَاءَ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ
- قولُه: إِنَّما يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شاءَ فيه قَصْرُ قَلْبٍ [437]  قصر القلب: هو أنْ يَقلِبَ المتكلمُ فيه حُكمَ السامع، كقولك: ما شاعرٌ إلَّا زيدٌ، لمن يعتقد أنَّ شاعرًا في قبيلةٍ معينةٍ أو طرفٍ معينٍ، لكنَّه يقول: ما زيدٌ هناك بشاعر. يُنظر: ((مفتاح العلوم)) للسكاكي (ص: 288). ، بِناءً على ظاهِرِ طلَبِهم؛ حَملًا لِكلامِهم على ظاهِرِه، على طَريقةِ مُجاراةِ الخَصْمِ في المناظَرةِ، وإلَّا فإنَّهم جازِمون بتَعذُّرِ أن يأتِيَهم بما وعَدهم؛ لأنَّهم يَحسَبونه كاذِبًا، وهم جازِمون بأنَّ اللهَ لم يتَوعَّدْهم، ولعلَّهم كانوا لا يُؤمِنون بوجودِ اللهِ [438] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (12/61). .
- وقولُه: إِنْ شَاءَ احتراسٌ راجعٌ إلى حَملِ العذابِ على عذابِ الدُّنيا [439] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (12/61). .
3- قولُه تعالى: وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ
- قولُه: وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ فيه تعريضٌ بتَحْميقِهم، وتسفيهِ آرائِهم؛ حيث كَرِهوا النُّصْحَ الَّذي هو نفْعٌ لهم [440] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (12/61). .
- وجملةُ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ابتدائيَّةٌ لِتَعليمِهم أنَّ اللهَ ربُّهم؛ إن كانوا لا يُؤمِنون بوجودِ اللهِ، أو لِتَذكيرِهم بذلك إن كانوا يُؤمِنون بوجودِه، ويُشرِكون معه وَدًّا وسُواعًا ويَغُوثَ ويَعُوقَ ونَسْرًا [441] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (12/63). .
- وتَقديمُ الجارِّ والمجرورِ في وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ؛ للاهتمامِ، ولرِعايةِ الفاصلةِ [442] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (12/63). .
4- قولُه: أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ
- لفظةُ أَمْ هنا للإضرابِ للانتقالِ مِن غرَضٍ إلى غرضٍ، والاستفهامُ الذي يُؤْذِنُ به حرفُ أَمْ استفهامٌ إنكاريٌّ، وموقعُ الإنكارِ بديعٌ؛ لِتَضمُّنِه الحُجَّةَ عليهم [443] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (12/64). .
- قولُه: قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرامِي فيه تقديمُ الجارِّ والمجرورِ عَلَيَّ، وهو مُؤذِنٌ بالقَصْرِ، أي: إجرامي عليَّ لا علَيكم؛ فلماذا تُكثِرون ادِّعاءَ الافتِراءِ كأنَّكم ستُؤاخَذون بتَبِعَتِه؟! وهذا جارٍ على طريقةِ الاستِدْراجِ لهم، والكلامِ المنصِفِ [444] يُنظر: (تفسير ابن عاشور)) (12/64). .