دخلَت الرُّومُ عينَ زربة- مدينةٌ قديمةٌ في آسيا الصغرى بناها الرومُ وجَدَّدَ بناءَها الرشيدُ سنة 180- بصُحبة الدُّمُسْتُق، فاستأمنه أهلُها فأمَّنَهم، وأمر بأن يدخُلوا كلُّهم المسجِدَ ومَن بَقِيَ في منزله قُتِلَ، فصاروا إلى المسجِدِ كُلُّهم، ثم قال: لا يبقينَّ أحَدٌ مِن أهلها اليوم إلَّا ذهب حيث شاء، ومن تأخَّرَ قُتِل، فازدحموا في خروجِهم من المسجدِ فمات كثيرٌ منهم، وخرجوا على وجوهِهم لا يدرونَ أين يذهبون، فمات في الطُّرُقاتِ منهم خلقٌ كثير، ثم هدَمَ الجامِعَ وكَسَر المِنبرَ وقطع مِن حَولِ البلد أربعين ألفَ نخلةً، وهدم سورَ البلد والمنازِلَ المشار إليها، وفتح حولَها أربعة وخمسين حصنًا بعضُها بالسيفِ وبعضُها بالأمان، وقتل الدُّمُسْتُق خلقًا كثيرًا، وكانت مُدَّة مقامه بعين زربة واحدًا وعشرين يومًا، ثمَّ سار إلى قيسرية فلَقِيَه أربعةُ آلاف من أهل طرسوس مع نائِبِها ابن الزيات، فقَتَل أكثَرَهم وأدركه صومُ النصارى فاشتغل به حتى فرَغَ منه، ثمَّ هجَمَ على حلَب بغتة.