اجتمعت صَنهاجةُ ومَن والاها بالمغربِ على طاعةِ يوسُفَ بلكين بن زيري بن مناد الصنهاجي الحِمْيَري قبل أن يُقَدِّمَه المنصور، وكان أبوه مناد الصِّنهاجيُّ كبيرًا في قومِه، كثيرَ المالِ والولَدِ، حسَنَ الضِّيافةِ لِمَن يمُرُّ به، وتقدَّمَ ابنُه زيري في أيَّامِه، وقاد كثيرًا من صنهاجةَ، وأغار بهم وسبى، فحَسَدته زناتة وجَمَعَت له لتسيرَ إليه وتحارِبَه. فسار إليهم مجِدًّا فكَبَسَهم ليلًا- وهم غارُّون - بأرضٍ مُغِيلةٍ، فقتل منهم كثيرًا، وغَنِمَ ما معهم فكَثُرَ أتباعه، فضاقت بهم أرضُهم، فقالوا له: لو اتَّخَذتَ لنا بلدًا غير هذا. فسار بهم إلى موضعِ مدينة أشير، فرأى ما فيه من العُيونِ، فاستحسنه وبنى فيه مدينةَ أشير وسكَنَها هو وأصحابُه. وكانت زناتة تُفسِدُ في البلادِ، فإذا طُلِبوا احتَمَوا بالجبال والبراري. فلمَّا بُنِيَت أشير صارت صنهاجة بين البلادِ وبين زناتة والبربر، فسُرَّ بذلك القائِمُ.