موسوعة الآداب الشرعية

ثانيًا: الحِرصُ على أن يَكونَ هو المُبتَدِئَ بالسَّلامِ


يَنبَغي لكُلِّ واحِدٍ مِنَ المُتَلاقِيَينِ أن يَحرِصَ على أن يَكونَ هو المُبتَدِئَ بالسَّلامِ على أخيه.
الدَّليلُ على ذلك مِن السُّنَّةِ والآثارِ:
أ- مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن أبي أُمامةَ الباهليِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ أَوْلَى النَّاسِ باللهِ مَن بَدَأهم بالسَّلامِ)) [60] أخرجه من طرقٍ: أبو داود (5197) واللفظ له، وأحمد (22192) باختلافٍ يسيرٍ. صَحَّحه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (5197)، والوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (477)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (22192)، وحسنه ابن حجر كما في ((الفتوحات الربانية)) لابن علان (5/327). .
قولُه: ((إنَّ أَوْلى النَّاسِ باللهِ)) أي: بإثابتِه وأجرِه ((مَن بدأهم بالسَّلامِ))؛ فهو أحَبُّ إلى اللهِ مِن المجيبِ، وإن كان البادئُ فاعلًا لمندوبٍ، والمجيبُ لواجبٍ؛ فلِلْبادئِ مَزيَّةٌ ليست للمُجيبِ [61] ((التحبير لإيضاح معاني التيسير)) للصنعاني (6/ 590). .
وقيل: ((إنَّ أَوْلى النَّاسِ)) أي: أقرَبَ النَّاسِ مِن المُتلاقين إلى رحمةِ اللهِ [62] ((شرح المشكاة)) للطيبي (10/ 3044). . وقيل: أي: مِن أخَصِّهم برحمتِه وغُفرانِه، والقُربِ منه في جِنانِه [63] ((فيض القدير)) للمناوي (2/ 441). .
وفي رِوايةٍ عن أبي أُمامةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((قيل: يا رَسولَ اللهِ، الرَّجُلانِ يَلتَقيانِ، أيُّهما يَبدَأُ بالسَّلامِ؟ فقال: أَولاهما باللهِ)) [64] أخرجها الترمذي (2694). صَحَّحها الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (2694)، وحَسَّنها الترمذي. .
2- عن أبي أيُّوبَ الأنصاريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا يَحلُّ لرَجُلٍ أن يَهجُرَ أخاه فوقَ ثَلاثِ ليالٍ، يَلتَقيانِ: فيُعرِضُ هذا ويُعرِضُ هذا، وخَيرُهما الذي يَبدَأُ بالسَّلامِ)) [65] أخرجه البخاري (6077) واللفظ له، ومسلم (2560). .
وفي لفظٍ: ((لا يَحِلُّ لمُسلِمٍ أن يَهجُرَ أخاه فوقَ ثَلاثٍ، يَلتَقيانِ: فيَصُدُّ هذا ويَصُدُّ هذا، وخيرُهما الذي يَبدَأُ بالسَّلامِ)) [66] أخرجه البخاري (6237) واللفظ له، ومسلم (2560). .
ب- مِنَ الآثارِ
1- عن عَبدِ اللَّهِ بنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: (إنَّ السَّلامَ اسمٌ مِن أسماءِ اللهِ، وضَعَه اللهُ في الأرضِ؛ فأفشُوه بينَكُم، إنَّ الرَّجُلَ إذا سَلَّمَ على القَومِ فرَدُّوا عليه كانت له عليهم فضلُ دَرَجةٍ؛ لأنَّه ذَكَّرَهمُ السَّلامَ، وإن لم يَرُدَّ عليه رَدَّ عليه مَن هو خيرٌ مِنه وأطيَبُ) [67] أخرجه البخاري في ((الأدب المفرد)) (1039) واللفظ له، والخطيب في ((الموضح)) (1/419). صَحَّحه الألباني في ((صحيح الأدب المفرد)) (793). .
2- عنِ ابنِ عُمَرَ، عَنِ الأغَرِّ، أغَرِّ مُزَينةَ، قال: ((كان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمرَ لي بجُزءٍ مِن تَمرٍ عِندَ رَجُلٍ مِنَ الأنصارِ، فمَطَلني به، فكلَّمتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: اغدُ مَعَه يا أبا بَكرٍ فخُذْ له تَمرَه، فوعَدَني أبو بَكرٍ رَضِيَ اللهُ عنه المَسجِدَ إذا صَلَّينا الصُّبحَ، فوجَدتُه حيثُ وعَدَني، فانطَلَقنا، فكُلَّما رَأى أبا بَكرٍ رَجُلٌ مِن بَعيدٍ سَلَّم عليه، فقال أبو بَكرٍ: أما تَرى ما يُصيبُ القَومُ عليك مِنَ الفَضلِ؟! لا يَسبِقْك إلى السَّلامِ أحَدٌ، فكُنَّا إذا طَلعَ الرَّجُلُ بادَرْناه بالسَّلامِ قَبلَ أن يُسَلِّمَ علينا)) [68] أخرجه البغوي في ((معجم الصحابة)) (95)، والطبراني (1/300) (883) واللفظ له. صَحَّحه الألباني في ((صحيح الترغيب)) (2702)، وصَحَّح إسنادَه ابن حجر في ((فتح الباري)) (11/18)، والصنعاني في ((سبل السلام)) (4/238). .
3- عن أبي الزُّبيرِ، أنَّه سَمِعَ جابرًا رَضِيَ اللهُ عنه يَقولُ: (الماشيانِ إذا اجتَمَعا فأيُّهما بَدَأ بالسَّلامِ فهو أفضَلُ) [69] أخرجه البخاري في ((الأدب المفرد)) (994)، والبيهقي (19190). صَحَّح إسنادَه ابنُ حجر في ((فتح الباري)) (11/18)، والألباني في ((صحيح الأدب المفرد)) (754). .

انظر أيضا: