موسوعة الآداب الشرعية

ثانيًا: مُراعاةُ وَقتِ الاتِّصالِ


يَنبَغي تَحَرِّي الوَقتِ المُناسِبِ للاتِّصالِ، فلا يَتَّصِلْ في وقتٍ يَغلبُ على الظَّنِّ انشِغالُ النَّاسِ فيه بمُهمٍّ، أو يَكونُ وقتَ مَنامِهم [1723] قال بَكر أبو زَيد: (إذا كان لك حاجةٌ في الاتِّصالِ فاذكُرْ أنَّ للنَّاسِ أشغالًا وحاجاتٍ، ولهم أوقاتُ طَعامٍ، وأوقاتُ نَومٍ وراحةٍ، فهم والحالُ ما ذُكِرَ أولى بالعُذرِ مِنك لضَرورةٍ أو حاجةٍ؛ ولهذا مَنَحَتِ الشَّريعةُ الشَّخصَ المُزارَ -ومِثلُه المُتَّصَلُ به- حَقَّ الاعتِذارِ، دونَ اللُّجوءِ إلى الكَذِبِ: فُلانٌ ليسَ في الدَّارِ، وهو فيها. قال اللهُ تعالى: وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ [النور: 28] . فعَليك تَحَرِّي الوقتِ المُناسِبِ مُراعيًا ظُروفَ العَمَلِ وارتِباطاتِ أخيك وما عَليه مِن واجِباتٍ ومسؤوليَّاتٍ، ومُراعيًا ما لدى أهلِ البَيتِ مِن أوقاتِ نَومٍ وراحةٍ وطَعامٍ. وانظُرْ كَيف أمَرَتِ الشَّريعةُ الأرِقَّاءَ والصِّغارَ بالاستِئذانِ في ثَلاثةِ أوقاتٍ: قَبلَ صَلاةِ الفَجرِ، ووقتَ الظَّهيرةِ، وبَعدَ صَلاةِ العِشاءِ، أمَّا الأحرارُ البالغونَ فيَجِبُ عَليهمُ الاستِئذانُ في كُلِّ الأوقاتِ... والخُلاصةُ: وظِّفْ حُسنَ التَّعامُلِ مُراعيًا الوَقتَ المُناسِبَ، وإذا اعتَذَرَ مِنك إلى وقتٍ آخَرَ فاقبَلْ بانشِراحِ صَدرٍ، وإذا قيل: انتَظِرْ، فانتَظِرْ وأنتَ مُنعَمُ البالِ غَيرُ مُتَبَرِّمٍ. وحُكمُ مُراعاةِ وَقتِ الاتِّصالِ هذا هو في غَيرِ الأماكِنِ العامَّةِ المَفتوحةِ على مَدارِ ساعاتِ اللَّيلِ والنَّهارِ؛ كإدارةِ الفنادِقِ ودُورِ التَّأجيرِ للمُسافِرينَ ومَن في حُكمِهم. وهذا مُستَفادٌ مِنَ الاستِثناءِ في آيةِ الاستِئذانِ: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ [النور: 29] ، وهيَ البُيوتُ التي يَقصِدُها كُلُّ مَن له حاجةٌ فيها لا تَختَصُّ بأحَدٍ دونَ أحَدٍ؛ لِما فيها مِنَ المَتاعِ، أي: المَنافِعِ، كالمَبيتِ ونَحوِه في الفنادِقِ ونُزُلِ المُسافِرينَ). ((أدب الهاتف)) (ص: 8-10). .

انظر أيضا: