موسوعة الآداب الشرعية

ثانيًا: الصِّدقُ في بَيانِ صِفاتِ السِّلعةِ، وتَركُ كِتمانِ العُيوبِ


يَجِبُ الصِّدقُ في بَيانِ صِفاتِ السِّلَعِ، ويَحرُمُ الكَذِبُ في ذلك، ويَجِبُ إظهارُ العُيوبِ ويَحرُمُ كِتمانُها [1758] عن جَريرٍ البَجَليِّ رَضِيَ اللَّهُ عنه: (أنَّه كان إذا أقام سِلعةً بَصَّر عُيوبَها ثمَّ خَيَّرَه، فقال: إن شِئتَ فخُذْ، وإن شِئتَ فاترُكْ، فقيل له: يرحَمُك اللَّهُ! إنَّك إذا فعَلْتَ هذا لم ينفُذْ لك البَيعُ، فقال: إنَّا بايَعْنا رسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على النُّصحِ لأهلِ الإسلامِ). أخرجه ابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) (372)، والطبراني (2/359) (2510) واللَّفظُ له. وقَولُه: ((إنَّا بايَعنا رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على النُّصحِ لأهلِ الإسلامِ)) أصلُه في صحيحِ البخاري (57)، ومسلم (56)، ولفظُه: ((بايَعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على إقامِ الصَّلاةِ، وإيتاءِ الزَّكاةِ، والنُّصحِ لكُلِّ مُسلمٍ)). .
الدَّليلُ على ذلك مِن الكِتابِ والسُّنَّةِ والإجماعِ:
أ- مِنَ الكِتابِ
1- قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة: 119] .
2- قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ [النساء: 29] .
ب- مِنَ السُّنَّةِ
1- عن عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((عليكم بالصِّدقِ؛ فإنَّ الصِّدقَ يهدي إلى البِرِّ، وإنَّ البِرَّ يهدي إلى الجنَّةِ، وإنَّ الرَّجُلَ ليَصدُقُ ويتحرَّى الصِّدقَ حتَّى يُكتَبَ عند اللهِ صِدِّيقًا. وإيَّاكم والكَذِبَ؛ فإنَّ الكَذِبَ يهدي إلى الفُجورِ، وإنَّ الفُجورَ يهدي إلى النَّارِ، وما يزالُ الرَّجُلُ يَكذِبُ، ويتحَرَّى الكَذِبَ حتَّى يُكتَبَ عِندَ اللهِ كَذَّابًا)) [1759] أخرجه البخاري (6094)، ومسلم (2607) واللفظ له. .
2- عن حَكيمِ بنِ حِزامٍ رَضِيَ اللهُ عنه، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((البَيِّعانِ بالخيارِ ما لم يتفَرَّقا -أو قال: حتَّى يَتَفرَّقا-، فإن صَدَقا وبيَّنَا بورِكَ لهما في بيعِهما، وإن كتَمَا وكذَبَا مُحِقَ بركةُ بيعِهما)) [1760] أخرجه البخاري (2079) واللفظ له، ومسلم (1532). .
ج- من الإجماع
ممَّن نقَل الإجماعَ على وجوبِ بيانِ العيبِ وتحريمِ كتمانِه: السُّبكيُّ [1761] قال السُّبكيُّ: (مَن ملَكَ عَينًا، وعَلِم بها عَيبًا؛ لم يَجُزْ أنْ يَبيعَها حتَّى يُبيِّنَ عَيبَها، وهذا الحكمُ مُتَّفقٌ عليه؛ للنَّصوصِ المتقدِّمةِ، لا خِلافَ فيه بيْن العُلماءِ) ((تكملة المجموع)) (12/115). وابنُ جُزَيٍّ [1762] قال ابنُ جُزَيٍّ: (...العيوب، وكِتمانُها غِشٌّ مُحرَّمٌ بإجماعٍ) ((القوانين الفقهية)) (ص: 175). .

انظر أيضا: