موسوعة الآداب الشرعية

رابعًا: أن يَكونَ السُّؤالُ عَمَّا وقَعَ، ولا يَسألُه عن مَسألةٍ لم تَقَعْ


يَنبَغي أن يَكونَ سُؤالُ المُستَفتي عَمَّا نَزَلَ به، واحتاجَ إلى جَوابِ الشَّرعِ فيه [2435] فإذا لم تَقَعِ المَسألةُ للمُستَفتي فلا يحسُنُ به أن يَسألَ عنها حتَّى تَقَعَ له، فيَطلُبَ حُكمَها، والوُقوعُ لا يَعني أن يُباشِرَ الشَّيءَ ثُمَّ يَسألَ عنه، بَلِ الوُقوعُ يَشمَلُ المُباشَرةَ وما قَبلَ المُباشَرةِ للشَّيءِ المسؤولِ عنه، فقَبلَ أن يُقدِمَ المُكَلَّفُ على عَقدٍ مِنَ العُقودِ أو فِعلٍ تَتَعَلَّقُ به أحكامٌ شَرعيَّةٌ، يَجِبُ عليه أن يَسألَ عنه، ولا يَدخُلَ فيه على جَهالةٍ، وكذلك إن وقَعَ في شَيءٍ مِن ذلك جَهلًا فعليه أن يَسألَ ولا يَترُكَ الأمرَ هَكَذا دونَ سُؤالٍ عنِ الحُكمِ الشَّرعيِّ، لكِن إن لم تَقَعِ المَسألةُ أصلًا وكانت فرضيَّةً، فلا؛ فعلى المُستَفتي أن يَكونَ هَمُّه مَعرِفةَ الأحكامِ الَّتي يواجِهُها في يَومِه ولَيلَتِه، ولا يَنصَرِفَ للفَرضيَّاتِ. .
الدَّليلُ على ذلك مِن السنَّةِ:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّ اللَّهَ يَرضى لكُم ثَلاثًا، ويَكرَهُ لكُم ثَلاثًا؛ فيَرضى لكُم أن تَعبُدوه، ولا تُشرِكوا به شَيئًا، وأن تَعتَصِموا بحَبلِ اللهِ جَميعًا ولا تَفَرَّقوا، ويَكرَهُ لكُم قيلَ وقال، وكَثرةَ السُّؤالِ، وإضاعةَ المالِ)) [2436] أخرجه مسلم (1715). .
قال النَّوويُّ: (وأمَّا كَثرةُ السُّؤالِ فقيلَ: المُرادُ به التَّنطُّعُ في المَسائِلِ، والإكثارُ مِنَ السُّؤالِ عَمَّا لم يَقَعْ، ولا تَدعو إليه حاجةٌ، وقد تَظاهَرَتِ الأحاديثُ الصَّحيحةُ بالنَّهيِ عن ذلك، وكان السَّلَفُ يَكرَهونَ ذلك ويَرَونَه مِنَ التَّكَلُّفِ المَنهيِّ عنه) [2437] ((شرح مسلم)) (12/ 11). .

انظر أيضا: