موسوعة الآداب الشرعية

ثانيًا: لُبسُ النَّعلِ مِن قُعودٍ


مِن أدَبِ لُبسِ النِّعالِ: أنْ يلبسَ المرءُ نعلَه قاعدًا لا قائمًا.
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((نَهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يَنتَعِلَ الرَّجُلُ قائِمًا)) [1029] أخرجه ابن ماجه (3619). صَحَّحه الألبانيُّ في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (3619)، والوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (746)، وصَحَّحَ إسنادَه البوصَيريُّ في ((مصباح الزجاجة)) (2/234). .
قال الخَطَّابيُّ: (يُشبِهُ أن يَكونَ إنَّما نَهى عن لُبسِ النَّعلِ قائِمًا؛ لأنَّ لُبسَها قاعِدًا أسهَلُ عليه وأمكَنُ له [1030] رَوى مَعمَرٌ عن يحيى بنِ أبي كَثيرٍ، قال: (إنَّما يُكرَهُ أن يَنتَعِلَ الرَّجُلُ قائِمًا مِن أجلِ العنَتِ). ((جامع معمر بن راشد)) (11/ 166). والعَنَتُ: الضَّرَرُ. يُنظر: ((الآداب)) للبيهقي (ص: 211)، ((شعب الإيمان)) للبيهقي (8/ 304). ، ورُبَّما كان ذلك سَبَبًا لانقِلابِه إذا لَبِسَها قائِمًا، فأُمِرَ بالقُعودِ له والاستِعانةِ باليَدِ ليَأمَنَ غائِلتَه) [1031] ((معالم السنن)) (4/ 203). .
وقال البَيهَقيُّ: (أمَّا نَهيُه عنِ الانتِعالِ قائِمًا فيُحتَمَلُ أن يَكونَ المُرادُ به ألَّا يَزِلَّ قدَمُه خِلالَ اللُّبسِ فيَسقُطَ) [1032] ((شعب الإيمان)) (8/ 304). وقال المَظهَريُّ: (قَولُه: «نَهى رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يَنتَعِل الرَّجُلُ قائِمًا»: هذا النَّهيُ مُختَصٌّ بما في لُبسِه تَعَبٌ عنِ القيامِ، كلُبسِ الخُفِّ؛ فإنَّ النَّعلَ تَحتاجُ إلى شَدِّ شِراكِها، فلُبسُها جالسًا أسهَلُ، فأمَّا لُبسُ القَفشِ فليسَ في لُبسِه قائِمًا تَعَبٌ، فلا يَدخُلُ تَحتَ النَّهيِ). ((المفاتيح في شرح المصابيح)) (5/ 36). وقال المُناويُّ: (الأمرُ للإرشادِ لأنَّ لُبسَها قاعِدًا أسهَلُ وأمكَنُ، ومِنه أخَذَ الطِّيبيُّ وغَيرُه تَخصيصَ النَّهيِ بما في لُبسِه قائِمًا تَعَبٌ). ((فيض القدير)) (6/ 341). ويُنظر: ((الكاشف عن حقائق السنن)) للطيبي (9/ 2922). وقال ابنُ عُثيمين: (أمَّا حَديثُ جابِرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، الذي رَواه أبو داودَ: «أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نَهى أن يَنتَعِل الرَّجُلُ قائِمًا»، فهذا في نَعلٍ يَحتاجُ إلى مُعالجةٍ في إدخالِه في الرِّجلِ؛ لأنَّ الإنسانَ لوِ انتَعَل قائِمًا -والنَّعلُ يَحتاجُ إلى مُعالجةٍ- فرُبَّما يَسقُطُ إذا رَفعَ رِجلَه ليُصلِحَ النَّعلَ، أمَّا النِّعالُ المَعروفةُ الآنَ فلا بَأسَ أن يَنتَعِلَ الإنسانُ وهو قائِمٌ، ولا يَدخُلُ ذلك في النَّهيِ؛ لأنَّ نِعالَنا المَوجودةَ يَسهُلُ خَلعُها ولُبسُها). ((شرح رياض الصالحين)) (6/ 388). .

انظر أيضا: