المبحث العاشر: استقراء واقع التنصير:
من خلال استقرائنا لواقع التنصير نلاحظ أنه تمَّ توزيع الأدوار على الكنائس المختلفة، وهذا التوزيع استغل الخصائص المختلفة للكنائس؛ ليوظفها كعناصر قوة دافعة في برنامج واحد بمنظومة واحدة؛ هدفها تشويه الإسلام، وزعزعة اليقين في قلوب المسلمين، وتسخين الوضع الطائفي عن طريق شحن الأقباط بعقدة التفوق والاضطهاد؛ مما يضمن تمسكهم، وانعزالهم، وبث الثقة واليقين فيهم، وإثارة جرأتهم على الإسلام.
ولذلك تمَّ تقسيم الحملة التنصيرية إلى قسمين:
القسم الأول:
السياسي: وتتولاه الكنيسة الأرثوذكسية باعتبارها أقلية أصلية، وليست وافدة، وهي الأكثر عددًا والأكفأ تنظيمًا وإعداداً، وقد تجهزت الكنيسة الأرثوذكسية لهذا الدور عبر إعداد جيل كامل من الرهبان والكهنة المشبعين بالتعصب، والموالين لتنظيم الأمة القبطية الذي يتزعمه البابا نفسه..
وكذلك إنشاء التنظيم الدولي المساعد الذي يمثله أقباط المهجر، وهي ظاهرة صنعها البابا شنودة بنفسه، وهو يفخر بهذا، وقد استطاع هذا التنظيم إنشاء لوبي قوي في أمريكا وكندا واستراليا, وتمكَّن هذا التنظيم من الوصول إلى دوائر صنع القرار في أمريكا وأوربا مستغلًّا العون اليهودي المقدم لإضعاف الدولة المصرية.
ويهدف هذا القسم إلى:
- تدويل قضية نصارى مصر سياسيًّا على المستوى الدولي، وتهيئتهم للانفصال عن الدولة.
- انتزاع أكبر قدر ممكن من المكاسب والامتيازات من الحكومة.
- الوقيعة المستمرة بين المسلمين والأقباط ؛ ليصبح الانفصال حلًّا مريحًا للجميع.
- استقطاب الشخصيات العامة عن طريق الرشوة، والمصالح المتبادلة، أو إرهابها وتحيديها. - تحييد المؤسسات الدينية الرسمية (الأزهر ـ الأوقاف)، عن طريق الترهيب والترغيب، والتنادي بمسمَّيات الوحدة الوطنية، ووأد الفتنة الطائفية، ونزع أسباب التوتر.
ويتزعم هذه الحملة السياسية داخليًّا القمص (مرقس عزيز) كاهن الكنيسة المعلقة والمستشار (نجيب جبرائيل) المستشار القانوني للبابا شنودة وخارجيًا تنظيم (عدلي أبادير).
القسم الثاني: هو القسم العلمي:
وتتزعمه بالأساس الكنيسة البروتستانتية باعتبارها الأكثر تعلماً وثقافة وقدرة على الجدل مع المسلمين، وكذلك لارتباطها مع المؤسسات التنصيرية العالمية، وهي في أغلبها مؤسسات بروتستانتية تتمتع بسند أمريكي وبريطاني باعتبار رابط المذهب الديني.
ويهدف هذا القسم إلى:
- تشويه صورة الإسلام؛ لإقامة حائط صدٍّ يمنع المسيحيين من اعتناقه أو حتى التفكير فيه.
- تشكيك المسلمين في دينهم وهزيمتهم نفسيًّا.
- استفزاز المسلمين للقيام بأحداث ثأرية تصبُّ في صالح الشق السياسي، وتزيد الضغوط على الدولة، وتتزعم هذا القسم داخليًّا كنيسة (قصر الدوبارة) برئاسة القس (منيس عبد النور) والدكتور (داود رياض) وجمعية خلاص النفوس الإنجيلية والقس (عبد المسيح بسيط)، وهو كاهن كنيسة العذراء الأرثوذكسية، ويتزعمه خارجيًّا القمص (زكريا بطرس) وتنظيمه.
وعتاد هذا القسم هو:
عدد من القنوات الفضائية مثل: (الحياة) , (سات7), (النور) , (السريانية)، (أغابي)، (المعجزة)، (الكرامة) المسيح للجميع
((CTV.
وأكثر من خمسمائة موقع إلكتروني مثل: (صوت المسيحي الحر)، (الكلمة) , (النور والظلمة),(فازر زكريا), (فازر بسيط ), (الأقباط متحدون) , مسيحيو الشرق الأوسط...
أكثر من عشر مجلات متخصصة مثل (الكتيبة الطيبية), (الطريق) ,الأخبار السارة , أخبار المشاهير... أكثر من مائتي غرفة حوارية على برامج المحادثة الإلكترونية مثل (البالتوك) و(الماسنجر) و(الياهو) و(سكاي بي).
بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من المنصرين والمتنصرين الذين يقودون الحرب على الإسلام باعتبارهم أصحاب تجربة، وهؤلاء ينشطون داخل شبكات تنصير منظمة وممولة.
ومن هذه الشبكات التنصيرية:
1-شبكة قمح مصر، وهي تنشط في أكثر من محافظة، لاسيما القاهرة والمنيا وبني سويف، ويقودها شاب متنصر كان اسمه( محمد عبد المنعم) وأصبح (بيتر عبده) من محافظة المنصورة، ويساعده شاب متنصر أيضًا كان اسمه ( مصطفى)، وأصبح (جون) وكلاهما تنصَّر على يد دكتور أمريكي اسمه (بوب) , وقد تفوق (محمد عبد المنعم) أو (بيتر) فحصل على منحة لدراسة اللاهوت بالأردن، وهو يتقاضى راتبًا شهريًّا يصل إلى عشرة آلاف دولار.
2-جمعية أرض الكتاب المقدس، ومقرها الرسمي (بكينجهام شاير) ويرأسها شخص اسمه (موبير نلي) وتنشط في الريف المصري، ويقوم عليها مجموعة من المنصرين العرب الأجانب، وتقوم هذه الجمعية بزيارة المناطق الفقيرة والمعدمة، وتقوم ببناء البيوت، ودفع اشتراكات التلفونات ومصاريف المدارس، وتشارك هذه الجمعية في مشروع بناء مصر العليا، وهو مشروع تنصيري ممول من جمعيات تنصيرية أوربية، وفي آخر رصد لنشاط جمعية أرض الكتاب المقدس خرج فريق من منصري هذه الجمعية إلى قرية الكوم الأخضر أحد قرى الجيزة، وظلوا لمدة عشرة أيام كاملة يساعدون العائلات في بناء بيوتهم وتجديدها وإعمارها، حيث إنفق الفريق أكثر من مائة ألف جنية إسترليني هناك.
3-الجمعية الإنجيلية للخدمات الإنسانية، وهي جمعية تقوم بإقامة مشروعات صغيرة لفقراء المسلمين عن طريق القروض الميسرة، وتنشط في القاهرة الكبرى بوجه خاص، لاسيما المناطق العشوائية، وهي خاضعة لكنيسة (قصر الدوبارة البروتستانتية)، وقد تنصر بسببها عدد كبير من المتنصرين، ويمولها عدد من الشركات المسيحية التجارية.
4- الجمعية الصحية المسيحية، وهي جمعية ممولة من السفارة الأمريكية، وتدير عدة مدارس ومستشفيات، وتقدم الخدمات المجانية لعدد كبير من المسلمين.
5- مؤسسة (دير مريم) وهي مؤسسة قديمة تقدم الدعم المادي والقروض الحسنة، وتعرض خدمات الهجرة والسفر للمتنصرين.
6- مؤسسة (بيلان) وهي أيضًا مؤسسة عريقة في التنصير، وبجانب ما توفره من دعم مادي تقوم بإقامة حفلات عامة يوم الأحد، وتدير شبكة مراسلة وتعارف بين الشباب من سن الحادية عشرة إلى الخامسة عشرة سنة بين مصر والبلاد الأوربية.
7- مؤسسة حماية البيئة، ومقرُّها الأساسي في منشية ناصر أحد أفقر أحياء القاهرة، ولها فروع في العديد من المناطق الشعبية، وتقوم بتدريب الشباب والفتيات من كل الأعمار على الأشغال اليدوية، وإقامة المشروعات الصغيرة، وتقوم بالتعاون مع السفارة الأمريكية بإعداد معارض لمنتجات المتدربين فيها، وتضمُّ كذلك دور حضانة ومدارس بأجور رمزية، يقوم فيها المسيحيون بالتدريس لصغار المسلمين.
8- جمعية (الكورسات) بالإسكندرية، وهي جمعية إنجيلية تقوم برعاية أطفال الشوارع، حيث توفر لهم ثلاث وجبات يومية، ومدرسة لمحو الأمية، وورش لتعلم الحرف،...... ويقدر تقرير أمريكي نشرته صحيفة (المصريون) بتاريخ ( 15/8/2007( م, أعداد الجمعيات والمنظمات التنصيرية بقرابة ألفي منظمة وجمعية، منها قرابة ثلاثمائة تقيم في مصر بشكل رسمي ودائم، ويعمل بها ما لا يقل عن خمسة آلاف مصري وألف وخمسمائة أجنبي.
وجميعها تتلقَّى الدعم مالي من المؤسسات التنصيرية العالمية مثل:
مؤسسة (ماري تسوري)
ومؤسسة ( كريتاس) التابعة (لمجلس الكنائس العالمي)
ومؤسسة (الكريستيان أيد)
ومؤسسة ( ما وراء البحار)
ومؤسسة (الطفولة الأمريكية)
وهيئة (سدبا)
ومؤسسة (كاتليست).
ومن الملاحظات التي رصدناها في الفترة الأخيرة، هو انتشار النشاط التنصيري إلى أماكن التوتر العرقي في مصر، فقد رصدنا عمليات تنصير تجري في النوبة، وهي تقوم بالأساس على استغلال مشاكل النوبة الاقتصادية والسياسة، وتقوم جمعيات تنصيرية أمريكية بمشروع يسمى (الوعي القومي) في هذه المناطق، وهو يهدف إلى عزلهم كمجموعة مستقلة لغة وثقافة وعرقًا، وقد نجحت هذه المجموعات التنصيرية في تنصير الكثير من هؤلاء مطبقة بذلك نموذج (أمازيغ) الجزائر، ويساعدهم في ذلك أحد كبار مثقفيهم وهو (حجاج أدول)، وقد حصل على عدة جوائز أدبية، وشارك في العديد من المؤتمرات الخاصة بالأقباط في أمريكا.
كذلك رصدنا مجموعة من المنصرين تنتشر بين بدو سيناء مستغلة مشاكلهم الاقتصادية والأمنية مع الدولة، وتدير هذه المجموعة نشاطها من بعض الفنادق والأديرة، ويشاركها مجموعة من جمعية المعونة الأمريكية، وقد حققت نجاحات على مستوى الأطفال والنساء، وإقامة علاقات وثيقة مع شيوخ بعض القبائل.
كذلك انتشر التنصير في صعيد مصر الذي يعاني من التهميش والإهمال والفقر، وبينما توفر الكنيسة للنصارى فيه الدعم والسند المالي الكبير؛ والذي جعلهم أقلية منعمة ومرفهة