موسوعة الأخلاق والسلوك

ثامنًا: أخطاءٌ شائعةٌ


1- لا يعني ظهورُ المُنكَرِ أن يبيحَ المسلِمُ لنفسِه أن يفعَلَ ما يشاءُ في مواجهتِه، بل ينبغي أن يراعيَ في  إنكارِ المُنكَرِ الضَّوابطَ الشَّرعيَّةَ، وعلى رأسِها الحِكمةُ. وتركُ الحِكمةِ في التَّعامُلِ مع المُنكَراتِ وإنكارِها يؤدِّي إلى مفاسِدَ أكبَرَ ومُنكَراتٍ أعظَمَ.
وكذلك قد يتلَبَّسُ بعضُ النَّاسِ ببدعةٍ، وهذا أيضًا يحتاجُ الأمرُ فيه لحِكمةٍ والتَّعرُّفِ على المنهَجِ الشَّرعيِّ في التَّعامُلِ معهم، مع التَّفريقِ بَيْنَ أنواعِ البِدَعِ، والدَّاعي إليها وغيرِ الدَّاعي، إلى غيرِ ذلك.
كذلك من الأخطاءِ الشَّائعةِ مُداهنةُ الظَّالمين، وضياعُ الحَقِّ، والسُّكوتُ على الباطِلِ، وجعلُ ذلك ممَّا تقتضيه الحِكمةُ.
2- من الأخطاءِ الزُّهدُ في الحِكمةِ لكونِها جرت على لسانِ مَن لا يحِبّ؛ فالحِكمةُ ضالَّةُ المُؤمِن، فحيث وجدَها فهو أحَقُّ بها.
يُروى أنَّ عيسى بنَ مريمَ عليه السَّلامُ قال للحواريِّين: (بحقٍّ أقولُ لكم: إنَّ قائِلَ الحِكمةِ وسامِعَها شريكانِ، وأَولاهما بها من حَقَّقها بعَمَلِه. بحَقٍّ أقولُ لكم: لو وجدتُم سراجًا يتوقَّدُ بالقَطِرانِ في ليلةٍ مُظلِمةٍ لاستضأتُم بنورِه ولم يمنَعْكم منه نَتْنُ قَطِرانِه؛ فكذلك ينبغي لكم أن تأخُذوا الحِكمةَ ممَّن وجدتُموها عندَه) [3629] ((عيون الأخبار)) لابن قتيبة (2/ 293). .
ويُروى عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّه قال: (خذوا الكَلِمةَ من الحِكمةِ من حيثُ كانت؛ فإنَّ الكَلِمةَ من الحِكمةِ تكونُ في صدرِ المُنافِقِ فتَلجلَجُ في صدرِه حتى تسكُنَ إلى صواحِبِها) [3630] ((المجتنى)) لابن دريد (ص: 46). .
وقال ابنُ المقفَّعِ: (لا يمنَعَنَّك صِغَرُ شأنِ امرئٍ من اجتناءِ ما رأيتَ من رأيِه صوابًا، والاصطفاءِ لِما رأيتَ من أخلاقِه كريمًا؛ فإنَّ اللُّؤلؤةَ الفائقةَ لا تهانُ لهوانِ غائِصِها الذي استخرَجَها) [3631] ((الأدب الصغير)) (ص: 46). .

انظر أيضا: