ثانيًا: الفَرْقُ بَيْنَ المُزاحِ وبَعضِ الصِّفاتِ
الفَرْق بَيْنَ المُزاحِ والهَزْلِ:أنَّ الهَزْلَ يقتضي تواضُعَ الهازِلِ لِمن يَهزِلُ بَيْنَ يدَيه، والمُزاحَ لا يقتضي ذلك؛ فالمَلِكُ يمازِحُ خَدَمَه وإن لم يتواضَعْ لهم تواضُعَ الهازِلِ لِمَن يَهزِلُ بَيْنَ يدَيه، والنَّبيُّ يمازِحُ ولا يجوزُ أن يُقالَ: يَهزِلُ. ويقالُ لمن يَسخَرُ: يَهزِلُ، ولا يُقالُ: يَمزَحُ
[8546] يُنظَر: ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص: 255). .
الفَرْقُ بَيْنَ المُزاحِ والاستِهزاءِ:أنَّ المُزاحَ لا يقتضي تحقيرَ مَن يمازِحُه، ولا اعتقادَ ذلك؛ فالتَّابعُ يمازِحُ المتبوعَ من الرُّؤساءِ والملوكِ، ولا يقتضي ذلك تحقيرَهم ولا اعتقادَ تحقيرِهم، ولكِنْ يقتضي الاستئناسَ بهم، والاستهزاءُ يقتضي تحقيرَ المُستهزَأِ به، واعتقادَ تحقيرِه
[8547] يُنظَر: ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص: 254). .
الفَرْقُ بَيْنَ المُزاحِ والمُجونِ:أنَّ المُجونَ هو صلابةُ الوَجهِ، وقِلَّةُ الحياءِ، من قولِك: مَجَن الشَّيءُ يَمجُنُ مُجونًا: إذا صَلُب وغَلُظ، ومنه سُمِّيَت الخَشَبةُ التي يَدُقُّ عليها القَصَّارُ الثَّوبَ: مِيجَنةً. والمُجونُ كَلِمةٌ مُوَلَّدةٌ، لم تَعرِفْها العَرَبُ، وإنَّما تَعرِفُ أصلَها
[8548] يُنظَر: ((الفروق اللغوية)) للعسكري (ص: 255). .
فالمُزاحُ لا يَلزَمُ منه المُجونُ؛ فالمُزاحُ منه ما هو محمودٌ، ومنه ما هو مذمومٌ، وقد يَصِلُ إلى المُجونِ أحيانًا.
الفَرْقُ بَيْنَ المُزاحِ والمُداعَبةِ:فَرَّق بعضُهم بَيْنَ المداعَبةِ والمُزاحِ بأنَّ المُداعَبةَ: ما لا يُغضِبُ جِدُّه، والمُزاحَ: ما يُغضِبُ جِدُّه
[8549] يُنظَر: ((التيسير)) للمناوي (1/367). .
الفَرْقُ بَيْنَ المُزاحِ والإحماضِ: يقالُ: (قد أحمَضَ القومُ إحماضًا: إذا أفاضوا فيما يُؤنِسُهم من الحَديثِ والكلامِ، كما يقالُ: فَكِهٌ ومُتفَكِّهٌ)
[8550] ((لسان العرب)) لابن منظور (7/140). .
ولا يخفى أنَّ المُزاحَ المشروعَ نوعٌ من الإحماضِ.
الفَرْقُ بَيْنَ المُزاحِ والانبِساطِ:الانبِساطُ مَصدَرُ انبَسَط، معناه السُّرورُ وتَركُ الاحتِشامِ الذي هو ضِدُّ الانقباضِ والانغِلاقِ على النَّفسِ
[8551] يُنظَر: ((المعجم الوسيط)) لمجموعة من المؤلفين (1/56). .
فيَظهَرُ أنَّ المُزاحَ المشروعَ نوعٌ من الانبِساطِ.
الفَرْقُ بَيْنَ المُزاحِ والتَّبسُّمِ والضَّحِكِ:التَّبسُّمُ هو ظُهورُ الأسنانِ عِندَ التَّعجُّبِ بلا صَوتٍ، وإن كان مع الصَّوتِ فهو إمَّا بحيثُ يُسمِعُ جيرانَه أم لا، فإن كان فهو القَهقَهةُ، وإلَّا فهو الضَّحِكُ
[8552] ((الكواكب الدراري)) للكرماني (21/ 213). .
والتَّبَسُّمُ والضَّحِكُ قد يَحصُلان بسَبَبِ المُزاحِ، فكأنَّ المُزاحَ وسيلةٌ من وسائِلِ التَّبسُّمِ والضَّحِكِ.
الفَرْقُ بَيْنَ المُزاحِ والطُّرْفةِ:الطُّرْفةُ: ما يُستطرَفُ ويُستملَحُ. يقالُ: أطرَفَ الرَّجُلُ: جاء بطُرفةٍ، والجَمعُ: طُرَفٌ. ورَجُلٌ طريفٌ: هَشٌّ
[8553] يُنظَر: ((مختار الصحاح)) لزين الدين الرازي (ص: 189)، ((لسان العرب)) لابن منظور (9/220). .
فالطُّرفةُ وَسيلةٌ من وسائِلِ المُزاحِ.
الفَرْقُ بَيْنَ المُزاحِ والفُكاهةِ:يقالُ: رَجُلٌ فَكِهٌ: مُنبَسِطُ النَّفسِ مَزَّاحٌ صاحِبُ دُعابةٍ. وفاكَهْتُ القَومَ مُفاكَهةً بمُلَحِ الكلامِ والمُزاحِ. والمفاكَهةُ: المُمازحةُ
[8554] يُنظَر: ((الصحاح)) للجوهري (6/ 2243)، ((لسان العرب)) لابن منظور (13/524). .
وقيل للمُزاحِ: فُكاهةٌ؛ لِما فيه من مسَرَّةِ أهلِه، واستِمتاعٍ به
[8555] يُنظَر: ((التراتيب الإدارية)) للكتاني (2/ 237). .
اللغة