أ- آثارُ البُخلِ
1- الحِرمانُ من الأجرِ المترتِّبِ على الإنفاقِ في أبوابِ الخيرِ.
2- سَبَبٌ في ضَعفِ الإيمانِ واضمِحلالِه؛ لِما فيه من سوءِ الظَّنِّ باللهِ.
3- كراهيةُ النَّاسِ له؛ فهو مَبغوضٌ مَكروهٌ حتى من أقرَبِ النَّاسِ إليه، كزوجتِه وأبنائِه وأقربائِه، بل قد يَصِلُ بهم الحَدُّ إلى أن يَدْعوا عليه، ويتَمَنَّوا موتَه؛ حتى يستطيعوا التَّنعُّمَ بما حرَمَهم منه من أموالٍ.
4- سبَبٌ لحِرمانِ الرِّزقِ، فكما أنَّ الإنفاقَ سَبَبٌ في زيادةِ الرِّزقِ وسَعتِه فإنَّ البُخلَ والشُّحَّ سَبَبٌ في تضييقِه.
5- الوقوعُ في الإثمِ بسبَبِ منْعِه لِما يجِبُ عليه من حُقوقٍ وواجِباتٍ.
6- حِرمانُ البخيلِ الشَّحيحِ لنَفسِه ولغيرِه من لذائِذِ الدُّنيا المباحةِ.
7- ومِن ضَرَرِهما في الدُّنيا تعريضُ مالِ الغنيِّ للضَّياعِ والنَّهبِ والسَّرِقةِ والأحقادِ، وفي عَصرِنا وغيرِه ظُهورُ الحمَلاتِ الشَّنيعةِ على الأغنياءِ المُترَفين، وانتِشارُ الأفكارِ والنَّظريَّاتِ المُسمَّاة بالاشتراكيَّةِ، التي ظَهَرت لتقويضِ أركانِ الرَّأسماليَّةِ
[1065] يُنظَر: ((التفسير المنير)) للزحيلي (4/180). .
8- سببٌ لكَشفِ عُيوبِ المرءِ وإظهارِها للخَلقِ.
قال شمسُ الدِّينِ السفيريُّ: (والسَّخاءُ والكَرَمُ سَبَبٌ لسَترِ العُيوبِ، والبُخلُ والشُّحُّ سبَبٌ جالِبٌ لكَشفِها كما أشار إليه بعضُهم بقَولِه:
ويظهِرُ عَيبَ المرءِ في النَّاسِ بُخلُهُ
ويَستُرُه عنهم جميعًا سَخاؤُه
تغَطَّ بأثوابِ السَّخاءِ فإنَّني
أرى كُلَّ عيبٍ والسَّخاءُ غِطاؤُه)
[1066] يُنظَر: ((شرح صحيح البخاري)) (1/348). 9- الحِرصُ على ملازمةِ الأسواقِ لجَمعِ المالِ، والأسواقُ هي مُعشَّشُ الشَّياطينِ
[1067] يُنظَر: ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (3/34). .
10- البُخلُ صِنوٌ لعَدَدٍ من الأخلاقِ السَّيِّئةِ التي يجُرُّ بعضُها بعضًا؛ كالجَهلِ، والحَسَدِ، وسُوءِ الظَّنِّ باللهِ، وغيرِها من الأخلاقِ الرَّديئةِ؛ (ولهذا قيل في حَدِّ البُخلِ: جَهلٌ مَقرونٌ بسُوءِ الظَّنِّ)
[1068] يُنظَر: ((مفتاح دار السعادة)) لابن القيم (ص: 116). .
11- والبُخلُ صفةٌ غَيرُ لائقةٍ بأهلِ الإسلامِ، بل هي سَجِيَّةٌ عُرِف بها اليهودُ قديمًا وحديثًا؛ قال
الشَّوكانيُّ: (البُخلُ قد لَزِم اليهودَ لُزومَ الظِّلِّ للشَّمسِ، فلا ترى يهوديًّا وإن كان مالُه في غايةِ الكثرةِ إلَّا وهو من أبخَلِ خَلقِ اللهِ)
[1069] يُنظَر: ((فتح القدير)) (2/66). .
12- (البُخلُ محوُ صِفاتِ الإنسانيَّةِ، وإثباتُ عاداتِ الحيوانيَّةِ)
[1070] يُنظَر: ((التعريفات)) للجرجاني (ص: 43). .
13- ما ينتَظِرُ البخيلَ والشَّحيحَ من عقابٍ أُخرويٍّ وطولِ حِسابٍ، خاصَّةً إذا كان بُخلُه قد أدَّاه إلى عدَمِ تأديةِ ما فَرَض اللهُ عليه من زكاةٍ، وإنفاقٍ على من تجِبُ نفَقتُهم عليه.
14- إفسادُ العَلاقاتِ بَيْنَ النَّاسِ وإعاقةُ الصُّلحِ بَيْنَهم:
قال تعالى:
وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا [النساء: 128] .
قال
السَّعديُّ: (اعلَمْ أنَّ كُلَّ حُكمٍ من الأحكامِ لا يَتِمُّ ولا يَكمُلُ إلَّا بوجودِ مُقتَضيه وانتفاءِ موانِعِه؛ فمِن ذلك هذا الحُكمُ الكبيرُ الذي هو الصُّلحُ، فذَكَر تعالى المقتضيَ لذلك ونبَّه على أنَّه خيرٌ، والخيرُ كُلُّ عاقلٍ يطلُبُه ويرغَبُ فيه، فإن كان -مع ذلك- قد أمَر اللهُ به وحثَّ عليه، ازداد المُؤمِنُ طَلَبًا له ورغبةً فيه. وذَكَر المانِعَ بقَولِه:
وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ، أي: جُبِلت النُّفوسُ على الشُّحِّ، وهو: عدَمُ الرَّغبةِ في بَذلِ ما على الإنسانِ، والحِرصُ على الحَقِّ الذي له؛ فالنُّفوسُ مجبولةٌ على ذلك طبعًا، أي: فينبغي لكم أن تحرِصوا على قَلعِ هذا الخُلُقِ الدَّنيءِ من نفوسِكم، وتستبدِلوا به ضِدَّه، وهو السَّماحةُ، وهو بَذلُ الحَقِّ الذي عليك، والاقتناعُ ببعضِ الحقِّ الذي لك؛ فمتى وُفِّق الإنسانُ لهذا الخُلُقِ الحسَنِ سَهُلَ حينئذٍ عليه الصُّلحُ بَينَه وبينَ خَصمِه ومُعامِلِه، وتسهَّلت الطَّريقُ للوصولِ إلى المطلوبِ، بخلافِ مَن لم يجتَهِدْ في إزالةِ الشُّحِّ من نفسِه؛ فإنَّه يَعسُرُ عليه الصُّلحُ والموافقةُ؛ لأنَّه لا يُرضيه إلَّا جميعُ مالِه، ولا يرضى أن يؤدِّيَ ما عليه، فإن كان خَصمُه مثلَه اشتَدَّ الأمرُ)
[1071] يُنظَر: ((تيسير الكريم الرحمن)) (ص: 206). .