سابعًا: الوسائِلُ المُعينةُ على تَركِ الجُبْنِ
1- اللُّجوءُ إلى اللهِ بالدُّعاءِ والإكثارُ من الذِّكرِ:
قال تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [الأنفال:45] .
(للعُلَماءِ في هذا الذِّكرِ ثلاثةُ أقوالٍ:
الأوَّلُ: اذكُروا اللهَ عِندَ جزَعِ قُلوبِكم؛ فإنَّ ذِكرَه يُعينُ على الثَّباتِ في الشَّدائِدِ.
الثَّاني: اثبُتوا بقلوبِكم، واذكُروه بألسِنَتِكم؛ فإنَّ القَلبَ لا يسكُنُ عِندَ اللِّقاءِ، ويَضطَرِبُ اللِّسانُ، فأمر بالذِّكرِ حتى يثبُتَ القَلبُ على اليقينِ، ويَثبُتَ اللِّسانُ على الذِّكرِ، ويقولَ ما قاله أصحابُ طالوتَ:
وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ [البقرة: 250] ، وهذه الحالةُ لا تكونُ إلَّا عن قوَّةِ المعرفةِ، واتِّقادِ البصيرةِ، وهي الشَّجاعةُ المحمودةُ في النَّاسِ.
الثَّالِثُ: اذكُروا ما عندَكم من وَعدِ اللهِ لكم في ابتياعِه أنفُسَكم، ومُثامَنتِه لكم)
[2210] ((الجامع لأحكام القرآن)) للقرطبي (8/23). .
2- (ترسيخُ عقيدةِ الإيمانِ بالقضاءِ والقَدَرِ، وأنَّ الإنسانَ لن يصيبَه إلَّا ما كَتَب اللهُ له.
3- ترسيخُ عقيدةِ الإيمانِ باليومِ الآخِرِ.
4- غَرسُ اليقينِ بما أعدَّه اللهُ من النَّعيمِ في الجنَّةِ للذين يقاتِلون في سبيلِ اللَّهِ.
5- التَّدريبُ العَمَليُّ بدَفعِ الإنسانِ إلى المواقِفِ المحرِجةِ التي لا يتخلَّصُ منها إلَّا بأن يتشجَّعَ.
6- الاقتناعُ بأنَّ مُعظَمَ مُثيراتِ الجُبْنِ لا تعدو كونَها مجرَّدَ أوهامٍ لا حقيقةَ لها.
7- القُدوةُ الحَسَنةُ وعَرضُ مَشاهِدِ الشِّجعانِ، وذِكرِ قِصَصِهم.
8- إثارةُ دوافعِ التَّنافُسِ، ومكافأةُ الأشجَعِ بعطاءاتٍ مادِّيَّةٍ)
[2211] يُنظَر: ((الأخلاق الإسلامية)) لعبد الرحمن الميداني (2/568). .
9- التَّقرُّبُ من اللهِ والاستعانةُ به وتركُ العَجزِ؛ ففي الحديثِ:
((واستَعِنْ باللهِ ولا تَعجِزْ)) [2212] أخرجه مسلم (2664) من حديثِ أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه. ، وفي الحديثِ القُدسيِّ:
((وما يزالُ عبدي يتقَرَّبُ إليَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّه، فإذا أحبَبْتُه كُنْتُ سَمعَه الذي يَسمَعُ به، وبصَرَه الذي يُبصِرُ به، ويَدَه التي يَبطِشُ بها، ورِجلَه التي يمشي عليها)) [2213] أخرجه البخاري (6502) من حديثِ أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه. .
10- تدريبُ النَّفسِ واكتسابُ المهاراتِ اللَّازمةِ للمقاماتِ التي يُحتاجُ فيها إلى شجاعةٍ؛ ففي الجهادِ يحتاجُ إلى التَّدرُّبِ على أساليبِ القِتالِ، وفي إنكارِ المُنكَرِ يحتاجُ إلى العِلمِ الشَّرعيِّ، وهكذا.
11- التَّواضُعُ وإظهارُ الافتقارِ إلى اللهِ عزَّ وجَلَّ.
12- تذكُّرُ الموتِ ومَعرفةُ أفضَلِ حالاتِه التي إذا مات عليها الإنسانُ عَظُم بها أجرُه في الآخرةِ؛ فمقامُ الشَّهادةِ في قتالِ الكُفَّارِ أعظَمُ وأفضَلُ، وكما في قولِ الشَّاعِرِ:
من لم يمُتْ بالسَّيفِ مات بغيرِه
تنوَّعَت الأسبابُ والموتُ واحِدُ
[2214] ((الذخائر والعبقريات)) للبرقوقي (1/ 291). 13- النَّشأةُ والتَّريبةُ التي تَكسِبُ الأطفالَ العِزَّةَ والكرامةَ، ورَبْطُهم بالنَّماذِجِ والقُدواتِ التي من شأنِها غَرسُ خُلُقِ الشَّجاعةِ في نفوسِهم.
14- مراجعةُ الإنسانِ نفسَه لمواقِفِ الضَّعفِ والجُبْنِ، وتدارُكُ ما فاته فيها من الشَّجاعةِ، ويَعزِمُ على أنَّها إن تكرَّرَت أظهَرَ فيها شجاعتَه.