تم اعتماد المنهجية من الجمعية الفقهية السعودية
برئاسة الشيخ الدكتور سعد بن تركي الخثلان
أستاذ الفقه بجامعة الإمام محمد بن سعود
عضو هيئة كبار العلماء (سابقاً)
1- عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رضِي اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((سِبابُ المُسلِمِ فُسوقٌ، وقِتالُه كُفرٌ)) [3663] أخرجه البخاري (48)، ومسلم (64). . قال القاضي عِياضٌ: (قولُه: «سِبابُ المُسلِمِ فُسوقٌ»: أي خُروجٌ عن الطَّاعةِ وواجبِ الشَّرعِ) [3664] ((إكمال المعلم)) (1/322). . وقال القَسطَلَّانيُّ: (شَتمُ المُسلِمِ والتَّكلُّمُ في عِرضِه بما يَعيبُه ويُؤلِمُه: فُسوقٌ، أي: فُجورٌ وخُروجٌ عن الحقِّ) [3665] ((إرشاد الساري)) (1/137). . وقال القُرطُبيُّ: (قولُه: «سِبابُ المُسلِمِ فُسوقٌ»، أي: خُروجٌ عن الذي يجِبُ مِن احتِرامِ المُسلِمِ، وحُرمةِ عِرضِه وسبِّه) [3666] ((المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم)) (1/ 255). . 2- وعن أبي هُرَيرةَ رضِي اللهُ عنه: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((المُستَبَّانِ ما قالا فعلى البادِئِ، ما لم يعتَدِ المظلومُ)) [3667] أخرجه مسلم (2587). . قال النَّوَويُّ: (معناه: أنَّ إثمَ السِّبابِ الواقِعِ مِن اثنَينِ مُختَصٌّ بالبادِئِ منهما كُلُّه، إلَّا أن يتجاوَزَ الثَّاني قَدرَ الانتِصارِ، فيقولَ للبادِئِ أكثَرَ ممَّا قال له) [3668] ((شرح النووي على مسلم)) (16/140-141) . 3- وعن شَكَلِ بنِ حُمَيدٍ رضِي اللهُ عنه قال: ((أتَيتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقلْتُ: يا رسولَ اللهِ، علِّمْني تَعوُّذًا أتعوَّذُ به، قال: فأخَذ بكفِّي، فقال: قلْ: اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بك مِن شرِّ سَمعي، ومِن شرِّ بَصري، ومِن شرِّ لِساني، ومِن شرِّ قَلبي، ومِن شرِّ مَنيِّي)) [3669] أخرجه أبو داود (1551)، والترمذي (3492) واللفظ له، والنسائي (5444). صحَّحه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (3492)، وحسَّنه ابن حجر في ((الإمتاع)) (1/187)، والوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (476)، وقال الترمذي: حسنٌ غريبٌ. . قال العَينيُّ: (شرُّ اللِّسانِ: أن يتكلَّمَ بما لا يجوزُ) [3670] ((شرح أبي داود)) (5/461). . 4- وعن عِياضِ بنِ حِمارٍ رضِيَ اللهُ عنه، قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((المُستَبَّانِ شَيطانانِ، يتَهاتَرانِ ويتَكاذَبانِ)) [3671] أخرجه أحمد (17489)، وابن حبان (5726) واللفظ لهما، والطبراني (17/365) (1001) باختلافٍ يسيرٍ. صحَّحه ابن حبان، والألباني في ((صحيح الجامع)) (9179)، وصحَّح إسناده على شرط مسلم: شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (29/ 37). . قال المُناويُّ: (أي: كُلٌّ منهما يتسقَّطُ صاحِبَه وينتقِصُه، مِن الهَترِ، وهو الباطِلُ مِن القولِ) [3672] ((فيض القدير)) (6/267). . 5- وعن عبدِ اللهِ رضِي اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((ليس المُؤمِنُ بالطَّعَّانِ ولا اللَّعَّانِ ولا الفاحِشِ ولا البَذيءِ)) [3673] أخرجه الترمذي (1977) واللفظ له، وأحمد (3839). صحَّحه ابنُ حبان في ((صحيحه)) (192)، والحاكم على شرط الشيخين في ((المستدرك)) (29)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (1977)، والوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (853)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (6/ 391). . الطَّعنُ: السَّبُّ؛ يُقالُ: طعَن في عِرضِه، أي: سبَّه، واللَّعَّانُ: اسمُ فاعِلٍ للمُبالَغةِ بزِنةِ فعَّالٍ، أي: كثيرُ اللَّعنِ، ومفهومُ الزِّيادةِ غَيرُ مُرادٍ؛ فإنَّ اللَّعنَ مُحرَّمٌ قليلُه وكثيرُه، والبَذيءُ: فَعيلٌ مِن البَذاءِ، وهو الكلامُ القبيحُ، والحديثُ إخبارٌ بأنَّه ليس مِن صِفاتِ المُؤمِنِ الكامِلِ الإيمانِ السَّبُّ واللَّعنُ [3674] يُنظر: ((سبل السلام)) للصنعاني (2/677). . 6- وعن أبي هُرَيرةَ رضِي اللهُ عنه: ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: أتَدرونَ ما المُفلِسُ؟، قالوا: المُفلِسُ فينا مَن لا دِرهَمَ له ولا مَتاعَ، فقال: إنَّ المُفلِسَ مِن أمَّتي يأتي يومَ القِيامةِ بصلاةٍ، وصيامٍ، وزكاةٍ، ويأتي قد شتَم هذا، وقذَف هذا، وأكَل مالَ هذا، وسفَك دمَ هذا، وضرَب هذا، فيُعطى هذا مِن حَسَناتِه، وهذا مِن حَسَناتِه، فإن فَنِيَت حَسَناتُه قَبلَ أن يُقضى ما عليه أُخِذ مِن خَطاياهم، فطُرِحَت عليه، ثُمَّ طُرِح في النَّارِ)) [3675] أخرجه مسلم (2581). . 7- وعن المعرورِ بنِ سُوَيدٍ قال: ((مرَرْنا بأبي ذَرٍّ بالرَّبذةِ وعليه بُردٌ، وعلى غُلامِه مِثلُه، فقلْنا: يا أبا ذَرٍّ، لو جمعْتَ بَينَهما كانت حُلَّةً! فقال: إنَّه كان بَيني وبَينَ رجُلٍ مِن إخواني كلامٌ، وكانت أمُّه أعجَميَّةً، فعيَّرْتُه بأمِّه، فشكاني إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلَقيتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: يا أبا ذَرٍّ، إنَّك امرُؤٌ فيك جاهِليَّةٌ!، قلْتُ: يا رسولَ اللهِ، مَن سبَّ الرِّجالَ سبُّوا أباه وأمَّه، قال: يا أبا ذَرٍّ، إنَّك امرُؤٌ فيك جاهِليَّةٌ، هم إخوانُكم، جعَلهم اللهُ تحتَ أيديكم، فأطعِموهم ممَّا تأكُلونَ، وألبِسوهم ممَّا تلبَسونَ، ولا تُكلِّفوهم ما يَغلِبُهم؛ فإن كلَّفْتُموهم فأعينوهم)) [3676] أخرجه البخاري (30)، ومسلم (1661) واللفظ له. . قال النَّوَويُّ: («فيك جاهِليَّةٌ»، أي: هذا التَّعييرُ مِن أخلاقِ الجاهِليَّةِ؛ ففيك خُلقٌ مِن أخلاقِهم، وينبَغي للمُسلِمِ ألَّا يكونَ فيه شيءٌ مِن أخلاقِهم؛ ففيه النَّهيُ عن التَّعييرِ، وتنقيصِ الآباءِ والأمَّهاتِ، وأنَّه مِن أخلاقِ الجاهِليَّةِ، قولُه: «قلْتُ: يا رسولَ اللهِ، مَن سبَّ الرِّجالَ سبُّوا أباه وأمَّه»، معنى كلامِ أبي ذَرٍّ الاعتِذارُ عن سبِّه أمَّ ذلك الإنسانِ، يعني: أنَّه سبَّني، ومَن سبَّ إنسانًا سبَّ ذلك الإنسانُ أبا السَّابِّ وأمَّه، فأنكَر عليه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وقال: هذا مِن أخلاقِ الجاهِليَّةِ، وإنَّما يُباحُ للمسبوبِ أن يسُبَّ السَّابَّ نَفسَه بقَدرِ ما سبَّه، ولا يتعرَّضَ لأبيه ولا لأمِّه) [3677] ((شرح النووي على مسلم)) (11/132-133). .