الفَرعُ الرابعُ: تسبيحُ الطَّعامِ وتكثيرُ القليلِ بإذن اللهِ عَزَّ وجَلَّ، ونَبْعُ الماءِ من أصابعِه الشَّريفةِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
عن
عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: كُنَّا نعدُّ الآياتِ بركةً، وأَنْتُم تعدُّونها تخويفًا، كنَّا مع رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في سَفَرٍ، فقلَّ الماءُ، فقال: اطلُبوا فضلةً من ماءٍ، فجاؤوا بإناءٍ فيه ماءٌ قليلٌ، فأَدخل يَدَه في الإناءِ، ثُمَّ قال: حيَّ على الطَّهورِ المبارَكِ، والبركةُ من اللهِ عَزَّ وجَلَّ، فلقد رأيتُ الماءَ يَنبعُ مِنْ بين أصابعِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولقد كُنَّا نسمَعُ تسبيحَ الطَّعامِ وهو يؤكَلُ
[950] رواه البخاري (3579). .
وعن
أنَسٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال:
((أُتي النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بإناءٍ وهو بالزَّوراءِ [951] قال ابن حجر: (مكانٌ معروفٌ بالمدينةِ عند السوقِ). ((فتح الباري)) (6/585). فوضع يَدَه في الإناءِ، فجعل الماءُ ينبعُ مِنْ بين أصابعِه، فتوضَّأَ القومُ، قال: وكانوا ثلاثَمائةٍ أو زُهاءَ ثلاثمائةٍ [952] قال ابن حجر: (قولُه: "زُهاءَ ثلاثمائة" هو بضم الزاي وبالمدِّ، أي: قَدْرُ ثلاثمائة، مأخوذةٌ مِن زهوتُ الشَّيءَ: إذا حصَرْتَه). ((فتح الباري)) (6/586). ) [953] رواه البخاري (3572). .
وعن
جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما قال:
((عَطِش النَّاسُ يومَ الحُدَيبيَةِ والنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بين يَدِه رِكوةٌ [954] قال ابن الأثير: (الركوةُ: إناءٌ صغيرٌ من جِلدٍ يُشرَبُ فيه الماء، والجَمعُ ركاءٌ). ((النهاية)) (2/ 261). فتوضَّأَ، فجَهِشَ [955] قال ابن حجر: (أي: أسرعوا لأخْذِ الماءِ). ((فتح الباري)) (6/586). النَّاسُ نحوَه، فقال: ما لكم؟ قالوا: ليس عندنا ما نتوضَّأُ ولا نشرَبُ إلَّا ما بين يديك. فوضع يدَه في الرِّكوةِ، فجعل الماءُ يفورُ بين أصابعِه كأمثالِ العُيونِ، فشَرِبْنا وتوضَّأنَا. قُلتُ: كم كنتُم؟ قال: لو كُنَّا مائةَ ألفٍ لكفانا، كُنَّا خمسَ عَشرةَ مائةً )) [956] رواه البخاري (3576) واللَّفظُ له، ومسلم (1856). .
وعن البراءِ بنِ عازبٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال:
((كُنَّا يومَ الحُدَيبيَةِ أربَعَ عَشرةَ مائةً، والحُدَيبيَةُ بِئرٌ فنَزحناها [957] قال ابن حجر في معنى النزح: (هو أخذُ الماءِ شيئًا بعد شيءٍ إلى ألَّا يبقى منه شيءٌ). ((فتح الباري)) (7/ 442). حتى لم نترُكْ فيها قطرةً، فجلس النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على شفيرِ البئرِ فدعا بماءٍ فمَضمَضَ ومجَّ في البِئرِ، فمَكَثْنا غيرَ بعيدٍ، ثُمَّ استَقَينا حتى رَوِينا ورَوَت أو صدَرَت ركائِبُنا [958] صدرت ركائِبُنا: أي رجَعَت عن البئرِ الركابُ، وهي: الإبِلُ التي يُسارُ عليها. يُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (7/ 442). ) [959] رواه البخاري (3577). .
وعن
أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال أبو طَلحةَ لأمِّ سُلَيمٍ: لقد سمعتُ صَوتَ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ضعيفًا أعرِفُ فيه الجوعَ، فهل عندكِ مِن شيءٍ؟ قالت: نعم فأخرَجَتْ أقراصًا من شعيرٍ ثُمَّ أخرَجَتْ خمارًا لها، فلفَّت الخُبزَ ببَعْضِه ثُمَّ دسَّته تحت يدي ولاثَتْني ببَعْضِه
[960] قال ابن حجر: (أي: لفَّت علىَّ بعضَه وأدارته عليه، يعني: خمارَها). ((فتح الباري)) (1/ 184). ، ثُمَّ أرسلَتْني إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: فذهبتُ به فوجدتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في المسجِدِ ومعه النَّاسُ، فقمتُ عليهم، فقال لي رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((أرسلك أبو طلحةَ؟ فقلتُ: نعم. قال: بطعامٍ؟ قلتُ: نعم. فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لمن معه: قوموا، فانطلق وانطلقتُ بين أيديهم حتى جئتُ أبا طلحةَ فأخبَرْتُه. فقال أبو طلحة: يا أُمَّ سُليمٍ، قد جاء رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالنَّاسِ وليس عندنا ما نُطعِمُهم! فقالت: اللهُ ورسولُه أعلَمُ، فانطلق أبو طلحةَ حتى لَقِيَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأقبل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأبو طلحةَ معه، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: هلمَّ يا أُمَّ سُلَيمٍ ما عندكِ، فأتت بذلك الخُبزِ، فأمر به رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ففُتَّ وعَصَرَت أمُّ سُلَيمٍ عُكَّةً فأدَمَتْه [961] قال ابن حجر: (أي: صَيَّرَت ما خرج من العُكَّةَ له إدامًا، والعُكَّةُ -بضَمِّ المهملة وتشديد الكافِ-: إناءٌ من جِلدٍ مستدير يُجعَلُ فيه السَّمنُ غالِبًا والعَسَلُ). ((فتح الباري)) (6/ 590). ، ثُمَّ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فيه ما شاءَ اللهُ أَنْ يقولَ، ثُمَّ قال: ائذَنْ لعَشرةٍ، فأَذِنَ لهم فأكلوا حتى شَبِعوا، ثُمَّ خرجوا ثُمَّ قال: ائذَنْ لعَشرةٍ، فأَكل القَومُ كُلُّهم حتى شَبِعوا، والقومُ سبعون أو ثمانون رَجُلًا )) [962] رواه البخاري (3578) واللَّفظُ له، ومسلم (2040). .
وعن
جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه أَنَّ أباه توفِّيَ وعليه دَينٌ، قال:
((فأتيتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقلتُ: إنَّ أبي تَرَك دَيْنًا وليس عندي إلَّا ما يخرِجُ نخْلُهُ، ولا يبلُغُ ما يُخْرِجُ سِنينَ ما عليه، فانطَلِقْ معي لكيلا يُفحِشَ عليَّ الغُرَماءُ، فمشى حول بيَدرٍ [963] البَيدَرُ: المكانُ الذي يُداسُ فيه الطعامُ. يُنظر: ((عمدة القاري)) للعيني (14/ 77). مِن بيادِرِ التَّمرِ، فدعا، ثُمَّ آخَر، ثُمَّ جلس عليه، فقال: انزِعوه، فأوفاهم الذي لهم، وبَقِيَ مِثلُ ما أعطاهم!)) [964] رواه البخاري (3580). .
وعن أبي قتادةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال:
((دعا بميضأةٍ كانت معي فيها شيءٌ من ماءٍ، فتوضَّأَ منها وضوءًا دونَ وضوءٍ، قال: وبَقِيَ منها شيءٌ من ماءٍ، ثُمَّ قال لأبي قتادةَ: احفَظْ علينا ميضأتَك فسيَكونُ لها نَبَأٌ)) الحديث، إلى أَنْ قال:
((فانتَهَينا إلى النَّاسِ حين امتدَّ النَّهارُ وحمي كُلُّ شيءٍ وهم يقولون: يا رسولَ اللهِ هلَكْنا عَطَشًا، فقال: لا هُلْكَ عليكم -ثم قال- أطلِقوا لي غُمري [965] قال النووي: (هو القدحُ الصغيرُ). ((شرح مسلم)) (5/ 188). . قال: ودعا بالميضأةِ فجعل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يصبُّ وأبو قتادةَ يسقيهم، فلم يَعْدُ أَنْ رأى النَّاسُ ماءً في الميضأةِ تكابُّوا عليها، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أحسِنوا المَلْءَ، كُلُّكم سيَرْوَى. قال: ففعلوا، فجعل رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يصبُّ وأسقيهم حتى ما بَقِيَ غيري وغيرُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ثُمَّ صَبَّ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال لي: اشربْ، فقلتُ: لا أشرَبُ حتى تشرَبَ يا رسولَ اللهِ، قال: إِنَّ ساقي القَومِ آخِرُهم شُربًا، قال: فشَرِبْتُ وشرب رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: فأتى النَّاسُ الماءَ جامِّين رِواءً [966] قال النووي: (قوله: ((فأتى الناسُ الماءَ جامِّينَ رِواءً)) أي: نِشاطًا مستريحين). ((شرح مسلم)) (5/ 189). ) [967] رواه مسلم (681). .
وعن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أَنَّه كان يقولُ:
((واللهِ الذي لا إلهَ إلَّا هو إِنْ كُنْتُ لأعتَمِدُ بكَبِدي على الأرضِ مِنَ الجُوعِ، وإِنْ كنتُ لأَشُدُّ الحَجَرَ على بطني من الجُوعِ، ولقد قعَدْتُ يومًا على طريقِهم الذي يخرُجون منه فمرَّ أبو بكرٍ فسألتُه عن آيةٍ مِنْ كِتابِ اللهِ ما سألتُه إلَّا ليُشبِعَني، فمرَّ ولم يفعَلْ، ثُمَّ مرَّ بي عُمَرُ فسألتُه عن آيةٍ مِن كِتابِ اللهِ ما سألتُه إلَّا ليُشبِعَني فمرَّ ولم يفعَلْ، ثُمَّ مرَّ أبو القاسمِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فتبسَّم حين رآني وعرف ما في نفسي وما في وجهي، ثُمَّ قال: أبا هِرٍّ. قلتُ: لبَّيك يا رسولَ اللهِ. قال: الحَقْ. ومضى فتبِعْتُه فدخل فاستأذن فأَذِنَ لي فدخل فوجد لبنًا في قَدَحٍ، فقال: مِنْ أين هذا اللبنُ؟ قالوا: أهداه لك فلانٌ أو فلانةٌ، قال: أبا هِرٍّ. قلتُ: لبَّيك يا رسولَ اللهِ، قال: الحَقْ إلى أهلِ الصُّفَّةِ فادْعُهم لي، قال: وأَهلُ الصُّفَّةِ أضيافُ الإسلامِ لا يأوُون إلى أهلٍ ولا مالٍ ولا على أحدٍ، إذا أتته صَدَقةٌ بعث بها إليهم ولم يتناوَلْ منها شيئًا، وإذا أتته هَدِيَّةٌ أرسَلَ إليهم وأصاب منها وأَشركَهم فيها، فساءني ذلك، فقلتُ: وما هذا اللَّبَنُ في أهلِ الصُّفَّةِ؟! كنتُ أَحقَّ أَنْ أُصيبَ من هذا اللَّبَنِ شَربةً أتقوَّى بها، فإذا جاء أمرني فكنتُ أَنا أعطيهم، وما عسى أَنْ يبلُغَني من هذا اللَّبَنِ، ولم يَكُنْ من طاعةِ اللهِ وطاعةِ رَسولِه بُدٌّ، فأتيتُهم فدعوتُهم، فأَقبلوا فاستأذنوا فأذِنَ لهم وأخذوا مجالِسَهم من البيتِ. قال: أبا هِرٍّ. قلتُ: لبَّيك يا رسولَ اللهِ، قال: خُذْ فأَعْطِهم. قال: فأخذتُ القَدَحَ فجعَلْتُ أُعطيه الرَّجُلَ فيَشرَبُ حتى يَرْوَى ثُمَّ يرُدُّ عَلَيَّ القَدَحَ، فأُعطي الرَّجُلَ فيَشرَبُ حتى يروى ثُمَّ يرُدُّ عليَّ القَدَحَ، حتى انتهيتُ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وقد روى القومُ كُلُّهم، فأخذ القَدَحَ فوضعه على يَدِه، فنظر إِليَّ فتبسَّم، فقال: يا أبا هِرٍّ! قلتُ: لبَّيك يا رسولَ اللهِ قال: بَقِيتُ أَنا وأَنت. قلتُ: صَدَقْتَ يا رسولَ اللهِ، قال: اقعُدْ فاشرَبْ، فقعدتُ فشربْتُ، فما زال يقولُ: اشرَبْ، حتى قُلتُ: لا والذي بعثك بالحقِّ مَا أَجِدُ لَهُ مسلكًا! قال: فأَرِنِي. فأعطيتُه القَدَحَ، فحَمِد اللهَ وسَمَّى وشَرِبَ الفَضْلةَ )) [968] رواه البخاري (6452). .
قال عِياضٌ في شرح (باب في مُعْجِزاتِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم): (هذه العلاماتُ المقطوعُ بها بكثرةِ الأخبارِ بها واشتهارِها وتواتُرِها من جهةِ المعنى، ولأنَّ الرَّاويَ لها والذَّاكِرَ لها بمَجمَعِ الصَّحابةِ المُخبِرِ عن قِصَّةٍ جرت لهم في مجمَعٍ من جموعِهم، ومشهَدٍ عظيمٍ من مشاهِدِهم، وجيش ٍكثيرٍ من جيوشِهم، لا يمكِنُ سُكوتُهم على مدَّعي الكَذِبِ فيها، ولا كانوا ممَّن يداهِنُ في ذلك، ولا هو مِمَّا يخفى عليهم؛ إذ هم الذين توضَّؤوا وشربوا، وشاهدوا الأمرَ المخبَرَ به عنهم، فكان الحديثُ عنهم. وكذلك أحاديثُه في تكثير الطعامِ من هذا البابِ، وعلى هذا الأسلوبِ)
[969] يُنظر: ((إكمال المعلم)) (7/ 242). .
وقال أبو العَّباسِ القُرطبيُّ: (الاتِّفاقُ على نَبْعِ الماءِ من بين أصابعِه، وتسبيحِ الحصى في كَفِّه، وحنينِ الجِذعِ: مِن أظهَرِ مُعْجِزاته، ولم يصدُرْ عنه مع شيءٍ من ذلك تحدٍّ بالقولِ عند وقوعِ تلك الخوارقِ، ومع ذلك فهي مُعْجِزاتٌ)
[970] يُنظر: ((المفهم)) (1/ 320). .
وقال
النوويُّ في شرح (باب في مُعْجِزاتِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم): (قولُه في هذه الأحاديثِ في نبعِ الماءِ من بين أصابعِه وتكثيرِه وتكثيرِ الطَّعامِ: هذه كُلُّها مُعْجِزاتٌ ظاهراتٌ وُجِدت من رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في مواطِنَ مختَلِفةٍ وعلى أحوالٍ متغايرةٍ، وبلغ مجموعُها التواتُرَ، وأمَّا تكثيرُ الماءِ فقد صحَّ من روايةِ
أنسٍ و
ابنِ مَسعودٍ و
جابرٍ وعِمرانَ بنِ الحُصَينِ، وكذا تكثيرُ الطَّعامِ وُجدَ منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في مواطِنَ مختلفةٍ وعلى أحوالٍ كثيرةٍ وصِفاتٍ متنوِّعةٍ)
[971] يُنظر: ((شرح مسلم)) (15/ 38). .
وقال
ابنُ تَيمِيَّةَ في آياتِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المتعَلِّقةِ بالقدرةِ والفِعلِ والتأثيرِ: (النوعُ الرابعُ: الماءُ والطَّعامُ والثِّمارُ، الذي كان يَكثُرُ ببركتِه فوق العادةِ، وهذا بابٌ واسِعٌ)
[972] يُنظر: ((الجواب الصحيح)) (6/ 159-215). . ثُمَّ ذكر أدِلَّةَ ذلك.
وقال
ابنُ الملَقِّنِ: (من أعلامِ نبُوَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: نَبْعُ الماءِ مِن بين أصابعِه وتسبيحُ الطَّعامِ، فأنطق اللهُ تعالى ذلك له؛ ليَكونَ من أعلامِ براهينِه)
[973] يُنظر: ((التوضيح لشرح الجامع الصحيح)) (20/ 173). .
وقال
ابنُ حَجَرٍ في شرح (باب علامات النُّبُوَّةِ في الإسلام): (أشهَرُ مُعْجِزاتِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم القُرآنُ؛ لأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تحدى به العرَبَ وهم أفصَحُ النَّاسِ لِسانًا وأشَدُّهم اقتدارًا على الكلامِ... وأمَّا ما عدا القُرآنَ من نَبْعِ الماءِ من بين أصابعِه، وتكثيرِ الطَّعامِ، وانشقاقِ القَمَرِ، ونُطقِ الجمادِ؛ فمنه ما وقع التحدِّي به، ومنه ما وقع دالًّا على صِدْقِه من غيرِ سَبقِ تحَدٍّ، ومجموعُ ذلك يفيدُ القَطْعَ بأنَّه ظهر على يدِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من خوارِقِ العاداتِ شَيءٌ كثيرٌ، كما يُقطَعُ بوجودِ جُودِ حاتمٍ وشجاعةِ عليٍّ، وإن كانت أفرادُ ذلك ظَنِّيَّةً وردت مَورِدَ الآحادِ، مع أنَّ كثيرًا من المُعْجِزاتِ النبويَّةِ قد اشتهر وانتشر ورواه العددُ الكثيرُ والجَمُّ الغفيرُ، وأفاد الكثيرُ منه القَطْعَ عند أهلِ العِلْمِ بالآثارِ، والعنايةِ بالسِّيَرِ والأخبارِ)
[974] يُنظر: ((فتح الباري)) (6/ 582). .