الفَرعُ الحادي عَشَرَ: جِنْسُه
هو رَجُلٌ مِنَ البَشَرِ، من بني آدَم، ولَيسَ مِنَ الجانِّ، واللهُ تعالى أعلَمُ.
قال الحَلِيميُّ: (أمَّا الدَّجَّالُ فإنَّه رَجُلٌ من بني آدَمَ كأعظَمِهم وأجسَرِهم)
[2541] يُنظر: ((المنهاج في شعب الإيمان)) (1/ 422). .
وجاءَ في تَتمَّةِ (الْمَفاتيحِ في شَرحِ الْمَصابيحِ): (أورَدَ الشَّيخُ الإمامُ أبو بَكرٍ مُحَمَّدُ بنُ إبراهيمَ الكلاباذيُّ البُخاريُّ رَحِمَه الله في «مَعاني مُشكِلاتِ أخبارِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم» قَولَه:
((إنَّه أعورُ، وإنَّ الله لَيسَ بأعورَ )) ولَو لَم يَكُن أعورَ، وكان صَحيحَ العَينين لَم يَكُن يوجِبُ شُبهةً، وإنَّما أرادَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه إنسانٌ ولَيسَ بحَيَوانٍ ولا شَيطانٍ، ولَيسَ لَه فضلُ قوَّةٍ، ولا زيادةُ حالٍ يُخافُ مِنه أكثَرَ ممَّا يُخافُ من مُتَسَلِّطِ ظالِمٍ عاتٍ جَبَّارٍ مِنَ النَّاسِ، وأنَّه إنسانٌ شَبَّه بِنْيَتَه ببِنيَتِهم، يُؤذيه ما يُؤذِيهم، ويَحتاجُ إلى ما يَحتاجُ إليه النَّاسُ، وإنَّه مَؤُوفٌ بآفةِ العَورِ، لا يَقْدِرُ على إزالَتِها عَن نَفسِه، إنْ سَلَّطَ اللهُ تعالى عليه بَعُوضةً صَرفَتْه عَن جَميعِ ما يَدَّعيه، وإنْ حَرَّكَ عَنه عِرْقًا ساكِنًا، أو سَكَّنَ مِنه مُتَحَرِّكًا زالَت عَنه قوَّتُه، وأقلَقَه حالُه!
فهذا مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تَشجيعٌ لِمَنِ ابتُلِيَ بأيَّامِه، وأدرَكَه سُلْطانُه؛ كي لا يَكونَ خَوفُه مِنه أكبَرَ من خَوفِه من أحَدٍ مِنَ النَّاسِ عليه سُلْطانُه، كذا قال الشَّيخُ الكلاباذيُّ البُخاريُّ رَحِمَه الله في «جَمعِه» أيضًا. وحاصِلُ تَفسيرِ الكلاباذيِّ: أنَّ الدَّجَّالَ إنسانٌ مِثلُكم، بَل أضعَفُ مِنكم؛ لأنَّه أعوَرُ، والعَورُ نُقصانٌ وعَيبٌ)
[2542] يُنظر: ((المفاتيح في شرح المصابيح)) (5/ 410). .
وقال
ابنُ كثيرٍ في الدَّجَّالِ: (هو رَجُلٌ من بني آدَم، خَلقَه الله تعالى؛ ليَكونَ مِحنةً واختِبارًا للنَّاسِ في آخِرِ الزَّمانِ، فيُضِلُّ به كثيرًا، ويَهدي به كثيرًا، وما يُضِلُّ به إلَّا الفاسِقينَ)
[2543] يُنظر: ((البداية والنهاية)) (19/ 203). .
وقال
الْمُناويُّ : (الدَّجَّالُ آدَميٌّ يَخرُجُ آخِرَ الزَّمانِ يَبتَلي الله عِبادَه به ويُقْدِرُه على أشياءَ تُدهِشُ العُقولَ وتُحَيِّرُ الألبابَ يَغتَرُّ بها الرَّعاعُ، ويُثَبِّتُ اللهُ من سَبَقَت لَه السَّعادةُ)
[2544] يُنظر: ((فيض القدير)) (3/ 537). .
وقال
ابنُ بازٍ : (خُروجُ الدَّجَّالِ حَقٌّ في آخِرِ الزَّمانِ، وهو كَذَّابٌ من بني آدَم يَخرُجُ في آخِرِ الزَّمانِ، يَدَّعي أنَّه نَبيٌّ، ثُمَّ يَدَّعي أنَّه رَبُّ العالَمينَ)
[2545] يُنظر: ((فتاوى نور على الدرب)) (4/ 279). .
وقال
الألبانيُّ : (الدَّجَّالُ الأكبَرُ مِنَ البَشَرِ لَه صِفاتُ البَشَرِ، لا سَيَّما وقَد شُبِّهَ به عَبدُ العُزَّى بنُ قَطَنٍ)
[2546] يُنظر: ((سلسلة الأحاديث الصَّحيحة)) (3/ 191). .
وسُئِلُ
ابنُ عُثَيمين : هَلِ الدَّجَّالُ من بني آدَم؟
فأجابَ: (نَعَم، هو من بني آدَم. وبَعضُ العُلَماءِ يَقولُ: إنَّه شَيطانٌ. وبَعضُهم يَقولُ: إنَّ أباهَ إنسيٌّ وأمَّه جِنِّيَّةٌ. وكُلُّ هَذِه الأقوالِ لَيسَت صَحيحةً؛ لأنَّه يَحتاجُ إلى الأكلِ والشُّربِ وغَيرِ ذلك؛ ولِهذا يَقتُلُه عيسى قَتْلًا عاديًّا كما يُقتَلُ البَشَرُ)
[2547] يُنظر: ((الشرح الممتع)) (3/ 199). .
وقال أيضًا: (
الْمَسيحُ الدَّجَّالُ من ولَدِ آدَمَ لا شَكَّ فيه، لَكِنَّه رَجُلٌ خَبيثٌ)
[2548] يُنظر: ((لقاء الباب المفتوح)) (رقم اللقاء: 168). .
جاءَ في بَعضِ الأحايِثِ أنَّ لَه شياطينَ تُعِينُه، فعَن
جابِر بن عَبدِ اللهِ رَضِيَ الله عَنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال:
((ويَبعَثُ اللهُ معه شياطينَ تُكَلِّمُ النَّاسَ، ومعه فِتْنةٌ عَظيمةٌ، يَأمُرُ السَّماءَ فتُمطِرُ فيما يَرى النَّاسُ، ويَقتُلُ نَفسًا ثُمَّ يُحييها فيما يَرى النَّاسُ، لا يُسَلَّطُ على غَيرِها من النَّاسِ، ويقولُ: أيُّها النَّاسُ: هل يَفعَلُ مِثلَ هذا إلَّا الرَّبُّ؟ )) [2549] أخرجه أحمد (14954) مُطَولًا. صحَّح إسنادَه على شرط مسلم شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (14954)، وذكر الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (7/346) أنه رُوِيَ بإسنادين رجال أحدهما رجال الصَّحيح. والحديث أخرج بعضه مسلم (2937) بنحوه من حديث النوَّاسِ رَضِيَ الله عنه بلفظ: ((... فيأمر السَّماءَ فتُمطِرُ، والأرضَ فتُنبِتُ... ثم يدعو رجلًا ممتَلِئًا شبابًا، فيضرِبُه بالسَّيفِ فيُقَطِّعُه جزلتين رمية الغَرَضِ، ثم يدعوه فيُقبِلُ ويتهَلَّلُ وَجْهُه، يضحَكُ!)). .
انظر أيضا:
عرض الهوامش