المَبحَثُ الثَّالِثُ: صِفاتُ المِيزانِ
جُمهورُ العُلَماءِ على أنَّ الميزانَ له كِفَّتانِ حِسِّيَّتانِ مُشاهَدَتانِ، وله لِسانٌ كذلك.
1- قال
أبو الحَسَن الأشعَريُّ: (اختَلَفوا في الميزانِ: فقال أهلُ الحَقِّ له لِسانٌ وكِفَّتانِ، تُوزَنُ في إحدى كِفَّتَيه الحَسَناتُ وفي الأخرى السَّيِّئاتُ، فمَن رَجَحَت حَسَناتُه دَخلَ الجَنةَ، ومَن رَجَحَت سَيِّئاتُه دَخلَ النَّارَ، ومن تَساوَتْ حَسَناتُه وسيِّئاتُه، تَفَضَّلَ اللهُ عليه فأدخَلَه الجَنَّةَ)
[3864] يُنظر: ((مقالات الإسلاميين)) (2 / 353). .
2- قال
البَغَويُّ: (إنَّ اللهَ تعالى يَنصِبُ ميزانًا له لِسانٌ وكِفَّتانِ)
[3865] يُنظر: ((تفسير البغوي)) (2/ 180). .
3- قال
ابنُ قُدامةَ: (الميزانُ له كِفَّتانِ ولِسانٌ، تُوزَنُ به الأعمالُ،
فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ [لمؤمنون: 102، 103])
[3866] يُنظر: ((لمعة الاعتقاد)) (ص: 32). .
4-قال
القُرطُبيُّ في تَفسيرِ سورةِ القارِعةِ: (قد تَقَدِّمَ القَولُ في الميزانِ في "الأعرافِ والكَهفِ والأنبياءِ"، وأنَّ له كِفَّةً ولِسانًا تُوزَنُ فيه الصُّحُفُ المَكتوبُ فيها الحَسَناتُ والسِّيِّئاتُ)
[3867] يُنظر: ((تفسير القرطبي)) (20/ 166). .
وقال رَدًّا على مَن يُنكِرُ الميزانَ، ويُؤوِّلُ الوَزنَ بأنَّه من ضَربِ المَثَلِ، وأنَّ الوَزنَ يُرادُ به العَدلُ والقَضاءُ: (هذا القَولُ مَجازٌ، وليس بشَيءٍ، وإن كان شائِعًا في اللُّغةِ؛ للسُّنَّةِ الثَّابِتةِ في الميزانِ الحَقيقيِّ، ووَصفِه بكِفَّتينِ ولِسانٍ، وأنَّ كُلَّ كِفَّةٍ منها طِباقُ السَّمَواتِ والأرضِ)
[3868] يُنظر: ((التذكرة)) (2/ 9). .
5- قال
ابنُ كثيرٍ: (بَيانُ كونِ الميزانِ له كِفَّتانِ حِسِّيَّتانِ مُشاهَدَتانِ، قال
الإمامُ أحمَدُ: حَدَّثنا إبراهيمُ بنُ إسحاقَ الطَّالِقانيُّ، حَدَّثنا
ابنُ المُبارَكِ، عن لَيثِ بنِ سَعدٍ، حَدَّثَني عامِرُ بن يَحيى، عن أبي عَبدِ الرَّحمَنِ الحبليِّ، واسمُه عَبدُ اللهِ بنُ يَزيدَ: سَمِعتُ
عَبدَ اللهِ بنَ عَمرٍو يَقولُ: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((إنَّ اللهَ تعالى يَستَخلِصُ رَجُلًا من أمَّتي على رُءوسِ الخَلائِقِ يَومَ القيامةِ، فيَنشُرُ عليه تِسعةً وتِسعينَ سِجِلًّا، كُلُّ سِجِلٍّ مَدَّ البَصَرِ، ثُمَّ يَقولُ له: أتُنكِرُ مِن هذا شَيئًا؟ أظلَمَك كتَبتي الحافِظونَ؟ قال: لا يا رَبِّ. فيَقولُ: ألك عُذرٌ أو حَسَنةٌ؟ فيُبهَتُ الرَّجُلُ، فيَقولُ: لا يا رَبِّ. فيَقولُ: بَلى، إنَّ لَك عِندَنا حَسَنةً واحِدةً، لا ظُلْمَ عليك اليَومَ، فتَخرُجُ له بطاقةٌ، فيها: أشهَدُ أنْ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا عَبدُه ورَسولُه. فيَقولُ: أحضِروه. فيَقولُ: يا رَبِّ، ما هذه البِطاقةُ مَعَ هذه السِّجِلَّاتِ؟! فيَقولُ: إنَّك لا تُظلَمُ. قال: فتُوضَعُ السِّجِلَّاتُ في كِفَّةٍ، والبِطاقةُ في كِفَّةٍ. قال: فطاشَتِ السِّجِلَّاتُ، وثَقُلَتِ البِطاقةُ، ولا يَثقُلُ شَيءٌ مَعَ اسمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحيمِ )) [3869] أخرجه الترمذي (2639)، وابن ماجه (4300)، وأحمد (6994) باختلافٍ يسيرٍ صحَّحه ابن حبان في ((صحيحه)) (225)، والحاكم على شرط مسلم في ((المستدرك)) (1/46)، وابن الملقن على شرط مسلم في ((شرح البخاري)) (33/595). [3870] يُنظر: ((البداية والنهاية)) (19/ 499). .
قال
ابنُ جَريرٍ (قال ابنُ جُرَيجٍ: قال لي عَمْرُو بنُ دينارٍ: قَولُه:
وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الحَقُّ [الأعرافُ: 8] قال: إنَّا نَرى ميزانًا وكِفَّتينِ...والصَّوابُ من القَولِ في ذلك عِندي القَولُ الذي ذَكَرناه عن عَمرِو بن دينارٍ من أنَّ ذلك: هو الميزانُ المَعروفُ الذي يُوزَنُ به، وأنَّ اللهَ جَلَّ ثَناؤُه يَزِنُ أعمالَ خَلقِه الحَسَناتِ منها والسَّيِّئاتِ، كما قال جَلَّ ثَناؤُه:
فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ: موازينُ عَمَلِه الصَّالِحِ،
فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ يَقولُ: فأولِئِك همُ الذينَ ظَفِروا بالنَّجاحِ وأدرَكوا الفَوزَ بالطِّلباتِ، والخُلودَ والبَقاءَ في الجَنَّاتِ؛ لتَظاهُرِ الأخبارِ عن رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بقَولِه:
((ما وُضِعَ في الميزانِ شَيءٌ أثقَلُ من حُسْنِ الخُلُقِ ))، ونَحوِ ذلك من الأخبارِ التي تُحَقِّقُ أنَّ ذلك ميزانٌ يُوزَنُ به الأعمالُ على ما وصفت)
[3871] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (10/ 70). .
6- قال ابنُ أبي العِزِّ: (الذي دَلَّت عليه السُّنَّةُ: أنَّ ميزانَ الأعمالِ له كِفَّتانِ حَسِّيَّتانِ مُشاهَدَتانِ)
[3872] يُنظر: ((شرح الطحاوية)) (2/ 609). .
7- قال
علي القاري: (الميزانُ عِبارةٌ عَمَّا يُعرَفُ به مَقاديرُ الأعمالِ، وما يَتَرَتَّبُ عليه من العَدْلِ والفَضلِ بحَسَبِ تَفاوُتِ الأحوالِ، والعَقلُ قاصِرٌ عن إدراكِ كيفيَّتِه وتَصَوُّرِ ماهيَّتِه... وذَهَبَ كثيرٌ من المُفَسِّرينَ إلى أنَّه ميزانٌ حَقيقيٌّ، له لسانُ وكِفَّتانِ)
[3873] يُنظر: ((ضوء المعالي على منظومة بدء الأمالي)) (ص: 131). .
8- قال السَّفارينيُّ: (دَلَّتِ الآثارُ على أنَّه ميزانٌ حَقيقيٌّ ذو كِفَّتينِ ولِسانٍ، كما قال
ابنُ عَباسٍ، و
الحَسَنُ البَصريُّ، وصَرحَ بذلك عُلماؤُنا، والأشعَريَّةُ وغَيرُهم، وقد بَلَغَت أحاديثُه مَبلَغَ التَّواتُرِ، وانعَقَدَ إجماعُ أهلِ الحَقِّ من المُسلِمينَ عليه)
[3874] يُنظر: ((لوامع الأنوار البهية)) (2/ 185). .
وقال أيضًا: (ظَواهِرُ الآثارِ وأقوالُ العُلَماءِ: أنَّ كيفيَّةَ الوَزنِ في الآخِرةِ -خِفَّةً وثِقلًا- مِثلُ كيفيَّتِه في الدُّنيا، ما ثَقُلَ نَزَلَ إلى أسفَلَ، ثُمَّ يُرفَعُ إلى عِلِّيِّينَ، وما خَفَّ طاشَ إلى أعلى ثُمَّ نَزَلَ إلى سِجِّينٍ، وبِه صَرَّح جُموعٌ)
[3875] يُنظر: ((لوامع الأنوار البهية)) (2/ 188). .
9- قال مُحَمَّد خَليل هرَّاس: (هناك تُنصَبُ المَوازينُ فتُوزَنُ بها أعمالُ العِبادِ، وهيَ مَوازينُ حَقيقيَّةٌ، كُلُّ ميزانٍ منها له لسانٌ وكِفَّتانِ، ويَقلِبُ اللهُ أعمالَ العِبادِ -وهيَ أعراضٌ- أجسامًا لها ثِقلٌ، فتُوضَعُ الحَسَناتُ في كِفَّةٍ، والسَّيئاتُ في كِفَّةٍ)
[3876] يُنظر: ((شرح العقيدة الواسطية)) (ص: 207). .