تم اعتماد المنهجية من الجمعية الفقهية السعودية
برئاسة الشيخ الدكتور سعد بن تركي الخثلان
أستاذ الفقه بجامعة الإمام محمد بن سعود
عضو هيئة كبار العلماء (سابقاً)
الرِّدَّةُ في اللُّغةِ: الرُّجوعُ عن الشَّيءِ إلى غيرِه، مَصدَرُ قَولِك: رَدَّه يَرُدُّه رَدًّا ورِدَّةً. وأصلُ (ردد): يدُلُّ على رَجْعِ الشَّيْءِ [990] ينظر: ((تهذيب اللغة)) للأزهري (14/ 47)، ((الصحاح)) للجوهري (2/ 473)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (2/ 386)، ((المفردات)) للراغب (ص: 349)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (5/ 427). . الرِّدَّةُ في الاصطلاحِ: هي قَطعُ الإسلامِ بنِيَّةِ كُفرٍ، أو تَرْكُ جِنسِ العَمَلِ الصَّالحِ الذي لا يَصِحُّ الإيمانُ إلَّا به، لا سِيَّما الصَّلاةِ، أو قَولُ كُفْرٍ، أو فِعلُ كُفْرٍ، سواءٌ قاله أو فَعَله استهزاءً، أو عِنادًا، أو اعتِقادًا [991] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/ 238)، ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص: 293)، ((الصارم المسلول)) لابن تيمية (3/ 865). . قال اللهُ تعالى: وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ[سورة البقرة:217]. قال ابنُ جرير: (يعني بقَولِه جَلَّ ثناؤه: وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَن دِينِهِ[البقرة: 217] من يَرجِعْ منكم عن دينِه، كما قال جَلَّ ثناؤه: فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا[الكهف: 64] يعني بقَولِه: فارتَدَّا: رجعا، ومن ذلك قيل: استرَدَّ فُلانٌ حَقَّه من فلانٍ: إذا استرجعه منه ... وقَولُه: فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ[البقرة: 217] يقول: من يرجِعْ عن دينِه دينِ الإسلامِ، فيَمُتْ وهو كافِرٌ، فيَمُتْ قبل أن يتوبَ مِن كُفْرِه؛ فهم الذين حَبِطَت أعمالُهم، يعني بقَولِه: حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ[البقرة: 217] بَطَلَت وذَهَبت، وبُطولُها: ذَهابُ ثوابِها، وبُطُولُ الأجرِ عليها والجزاءِ في دارِ الدُّنْيا والآخرةِ، وقَولُه: وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ[البقرة: 217] يعني: الذين ارتدُّوا عن دينِهم فماتوا على كُفْرِهم، هم أهلُ النَّار المخَلَّدون فيها. وإنَّما جعلهم أهلَها؛ لأنَّهم لا يخرجون منها، فهم سُكَّانُها المقيمون فيها، كما يقال: هؤلاء أهلُ محَلَّةِ كذا، يعني: سكانُها المقيمون فيها، ويعني بقَولِه: هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ[البقرة: 39] هم فيها لابثون لُبثًا من غيرِ أمَدٍ ولا نهايةٍ) [992] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (3/ 666). . وعنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((من بَدَّل دينَه فاقتُلوه )) [993] أخرجه البخاري (3017). . قال ابنُ عبد البَرِّ: (فِقْهُ هذا الحديثِ أنَّ مَنِ ارتَدَّ عن دينِه حَلَّ دَمُه وضُرِبَت عُنُقُه، والأُمَّةُ مجتَمِعةٌ على ذلك) [994] يُنظر: ((التمهيد)) (5/ 306). . قال ابنُ قدامة: (الرِّدَّةُ لا تَصِحُّ إلَّا من عاقلٍ، فأمَّا من لا عَقْلَ له، كالطِّفلِ الذي لا عَقْلَ له، والمجنونِ، ومن زال عَقلُه بإغماءٍ، أو نومٍ، أو مَرَضٍ، أو شُربِ دواءٍ يباحُ شُربُه؛ فلا تَصِحُّ رِدَّتُه، ولا حُكمَ لكلامِه، بغيرِ خِلافٍ) [995] يُنظر: ((المغني)) (12/266). . وقال زينُ الدِّين بنُ عبدِ العزيزِ المليباريُّ: (الرِّدَّةُ لغةً: الرُّجوعُ، وهي أفحَشُ أنواعِ الكُفْرِ، ويَحبَطُ بها العَمَلُ، وشَرعًا «قَطعُ مكلَّفٍ» مختارٍ، فتلغو من صبيٍّ ومجنونٍ ومُكرَهٍ عليها، إذا كان قَلْبُه مُؤمِنًا، «إسلامًا بكُفرٍ عزمًا» حالًا أو مآلًا، فيكفُرُ به حالًا «أو قَولًا أو فعلًا، باعتقادٍ» لذلك الفِعْلِ أو القولِ، أي: معه «أو» مع «عنادٍ» من القائِلِ أو الفاعِلِ، «أو» مع «استهزاءٍ» أي: استخفافٍ، بخلافِ ما لو اقترن به ما يخرِجُه عن الرِّدَّة، كسَبْقِ لسانٍ، أو حكايةِ كُفرٍ أو خَوفٍ) [996] يُنظر: ((فتح المعين)) (4/132). .