المبحثُ الثَّاني: الأدِلَّةُ من السُّنَّة النَّبَويَّةِ على لُزومِ الجَماعةِ
1- عن أبي هُريرةَ رَضيَ اللهُ عنه عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال:
((إنَّ اللهَ يُرضَى لكم ثَلاثًا ويَكرهُ لكم ثَلاثًا: فيَرضَى لكم أن تَعبُدوهُ، ولا تُشرِكوا به شيئًا، وأن تَعتَصِموا بحَبلِ اللهِ جَميعًا ولا تَفَرَّقوا، ويَكرَهُ لكم قيلَ وقال، وكَثرةَ السُّؤالِ، وإضاعةَ المالِ )) [919] رواه مسلم (1715). .
قال النَّوَويُّ: (أمَّا قَولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((ولا تَفَرَّقوا)) فهو أمرٌ بلُزومِ جَماعةِ المُسلِمينَ، وتَألُّفِ بَعضِهم ببَعضٍ، وهذه إحدَى قَواعِدِ الإسلامِ)
[920] يُنظر: ((شرح مسلم)) (12/11). .
2- عن زيدِ بنِ ثابِتٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال:
((ثَلاثُ خِصالٍ لا يَغِلُّ عليهِنَّ قَلبُ مُسلِمٍ أبَدًا: إخلاصُ العَمَلِ للهِ، ومُناصَحةُ ولاةِ الأمرِ، ولُزومُ الجَماعةِ؛ فإنَّ دَعوَتَهم تُحيطُ مِن وَرائِهم)) [921] رواه ابن ماجه (230)، وأحمد (21590) مطولًا. صحَّحه ابن حبان في ((صحيحه)) (67)، والألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (230)، والوادعي في ((الصَّحيح المسند)) (358)، وصحَّح إسنادَه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (21590). .
قال ابنُ الملكِ الرُّوميُّ: (
((ثَلاثٌ)) أي: ثَلاثُ خِصالٍ.
((لا يَغِلُّ)) بفَتحِ الياءِ وكَسرِ الغَينِ: وهو الحِقدُ.
((عليهِنَّ قَلبُ مُسلِمٍ)) أي: لا يَكونُ ذا حِقدٍ على هذه الخِصالِ، ويُروَى بضَمِّ الياءِ من: الإغلالِ، وهو الخيانةُ أي: لا يَخونُ قَلبُ مُسلِمٍ في هذه الخِصالِ، والنَّفيُ هُنا بمَعنى النَّهيِ.
((إخلاصُ العَمَلِ للهِ)): بألَّا يَكونَ للرِّياءِ وتَحصيلِ جاهٍ أو مالٍ.
((والنَّصيحةُ للمُسلِمينَ)): بإرادةِ الخيرِ لَهم، وبِأن يُحِبَّ لَهم ما يُحِبُّ لنَفسِه.
((ولُزومُ جَماعتِهم)): بألَّا يُخالِفَ في الاعتِقادِ وفيما عليه إجْماعُ المُسلِمينَ.
((فإنَّ دَعوَتَهم)) أي: دَعوةَ الجَماعةِ.
((تُحيطُ)) أي: تَدورُ
((مِن ورائِهم)) فيَحرُسُهم ويَحفَظُهم عن كيدِ
الشَّيطانِ وإغوائِه. وفيه: تَنبيهٌ على أنَّ من خَرجَ من جَماعتِهم لم تَنَلْه برَكَةُ دُعائِهم؛ لأنَّه خارِجٌ عَمَّا أحاطَ بهم)
[922] يُنظر: ((شرح المصابيح)) (1/211). .
3- عن عُمَرَ بنِ الخَطابِ رَضيَ اللهُ عنه قال: يا أيُّها النَّاسُ إنِّي قُمتُ فيكُم كمَقامِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فينا، فقال:
((أوصيكُم بأصحابي ثُمَّ الَّذينَ يَلُونَهم، ثُمَّ الَّذينَ يَلُونَهم، ثُمَّ يَفَشُو الكَذِبُ حَتَّى يَحلِفَ الرَّجُلُ ولا يُستَحلَفُ، ويَشهدُ الشَّاهِدُ ولا يُستَشهدُ، ألَا لا يَخْلُونَّ رَجُلٌ بامرَأةٍ إلَّا كان ثالِثَهما الشَّيطانُ، عليكم بالجَماعةِ وإيَّاكُم والفُرقةَ؛ فإنَّ الشَّيطانَ مَعَ الواحِدِ، وهو من الاثنين أبعَدُ، من أرادَ بُحْبُوحةَ الجَنَّةِ فيَلزَمُ الجَماعةَ، مَن سَرَّتْه حَسَنَتُه وساءَتْه سيِّئَتُه فذلك المُؤمِنُ )) [923] أخرجه الترمذي (2165) واللَّفظُ له، وأحمد (114). صحَّحه ابن حبان في ((صحيحه)) (7254)، وابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (5/26)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (2165)، والوادعي بمجموع طرقه في ((أحاديث معلة)) (323)، وصحَّح إسنادَه البوصيري في ((إتحاف الخيرة المهرة)) (7/335)، وابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (5/388)، وأحمد شاكر في تخريج ((مسند أحمد)) (1/73)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (114)، وجوده ابن باز في ((حاشية بلوغ المرام)) (752)، وقال ابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (2/401): له طرقٌ، وهو حديثٌ مشهور جِدًّا. .
قال
الشَّافِعيُّ بَعدَ ذِكرِ حَديثِ عُمرَ السَّابِقِ: (إذا كانت جَماعتُهم مُتَفَرِّقةً في البلدانِ فلا يَقدِرُ أحَدٌ أن يَلزَمَ جَماعةَ أبدانِ قَومٍ مُتَفَرِّقينَ، وقد وُجِدَتِ الأبَدانُ تَكونُ مُجتَمِعةً من المُسلِمين والكافِرين والأتقياءِ والفُجَّارِ، فلم يَكُن في لُزومِ الأبَدانِ مَعنًى؛ لأنَّه لا يُمكِنُ، ولِأنَّ اجتِماعَ الأبدانِ لا يَصنَعُ شيئًا، فلم يَكُن للُزومِ جَماعتِهم مَعنًى إلَّا ما عليهم جَماعتُهم من التحليلِ والتحريمِ والطَّاعةِ فيهما.
ومن قال بما تَقولُ به جَماعةُ المُسلِمينَ فقد لَزِمَ جَماعتَهم، ومن خالَفَ ما تَقولُ به جَماعةُ المُسلِمينَ فقد خالَفَ جَماعتَهم الَّتي أُمِرَ بلُزومِها)
[924] يُنظر: ((الرسالة)) (ص: 475). .
وقال المُظْهِريُّ: (بُحْبُوحةُ كُلِّ شيءٍ: وسَطُه وخيارُه، قَولُه:
((فإنَّ الشَّيطانَ مَعَ الفَذِّ)) أي: مَعَ الفَردِ، أيِ: الَّذي مَعَ رَأيِه دونَ رَأيِ الجَماعةِ)
[925] يُنظر: ((المفاتيح في شرح المصابيح)) (6/288). .
4- عن حُذيفةَ بن اليَمانِ رَضيَ اللهُ عنه قال: كان النَّاسُ يَسألونَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عنِ الخيرِ، وكُنتُ أسألُه عنِ الشَّرِّ مُخافةَ أن يُدرِكَني، فقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّا كُنَّا في جاهِليَّةٍ وشَرٍّ فجاءِنا اللَّهُ بهذا الخيرِ، فهل بَعدَ هذا الخيرِ من شَرٍّ؟ قال:
((نَعَم)). قُلتُ: وهل بَعدَ ذلك الشَّرِّ من خيرٍ؟ قال:
((نَعَم، وفيه دَخَنٌ [926] قال ابن الملقن: (قوله: ("وفيه دَخَن") أي: دُخان. يريد أنَّ الخيَر الذي يلي الشَّرَّ لا يكون خالصًا، لكن يكون معه شوبٌ وكدورةٌ بمنزلة الدخان في النار) ((التوضيح لشرح الجامع الصَّحيح)) (20/188). )، قُلتُ: وما دَخَنُه؟ قال:
((قَومٌ يَهْدُونَ بغيرِ هَدْيي، تَعرِفُ منهم وتُنكِرُ ))، قُلتُ: فهل بَعدَ ذلك الخيرِ من شَرٍّ؟ قال:
((نَعَم دُعاةٌ على أبوابِ جَهنَّمَ، من أجابَهم إليها قَذَفوهُ فيها))، قَلتُ: يا رَسولَ اللهِ صِفْهم لَنا. قال:
((هم من جِلدَتِنا، ويَتَكَلَّمونَ بألسِنَتِنا))، قُلتُ: فما تَأمُرُني إن أدرَكني ذلك؟ قال:
((تَلزَمُ جَماعةَ المُسلِمينَ وإمامَهم))، قُلت: فإنْ لم يَكُن لَهم جَماعةٌ ولا إمامٌ؟! قال:
((فاعتَزِلْ تِلكَ الفِرَقَ كُلَّها، ولَو أن تَعَضَّ بأصلِ شَجَرةٍ حَتَّى يُدرِكَكَ المَوتُ وأنتَ على ذلك )) [927] رواه البخاري (3606) واللَّفظُ له، ومسلم (1847). .
قال ابنُ بطالٍ: (فيه حُجَّةٌ لجَماعةِ الفُقهاءِ في وُجوبِ لُزومِ جَماعةِ المُسلِمينَ وتَركِ القيامِ على أئِمةِ الجَورِ، ألا تَرَى أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وصفَ أئِمةَ زَمانِ الشَّرِّ فقال:
((دُعاةٌ على أبوابِ جَهنَّمَ من أجابَهم إليها قَذفوهُ فيها )) فوَصَفَهم بالجَورِ والباطِلِ والخِلافِ لسُنَّتِه؛ لأنَّهم لا يكونونَ دُعاةً على أبوابِ جَهنَّمَ إلَّا وهم على ضَلالٍ، ولم يَقُلْ فيهم: تَعرِفُ منهم وتُنكِرُ، كما قال في الأوَّلين، وأمرَ مَعَ ذلك بلُزومِ جَماعةِ المُسلِمينَ وإمامِهم، ولم يَأمُر بتَفريقِ كلِمَتِهم وشَقِّ عَصاهم.
قال
الطَّبريُّ: اختَلَفَ أهلُ العِلمِ في مَعنى أمرِ النَّبيِّ بلُزومِ الجَماعةِ ونَهيِه عنِ الفُرقةِ، وصِفةِ الجَماعةِ الَّتي أمرَ بلُزومِها؛ فقال بَعضُهم: هو أمرُ إيجابٍ وفَرضٍ، والجَماعةُ الَّتي أمرَهم بلُزومِها: السَّوادُ الأعظَمُ، وقالوا: كُلُّ ما كان عليه السَّوادُ الأعظَمُ من أهلِ الإسلامِ من أمرِ دينِهم فهو الحَقُّ الواجِبُ، والفَرضُ الثَّابِتُ الَّذي لا يَجوزُ لأحَدٍ من المُسلِمينَ خِلافُه، وسَواءٌ خالَفَهم في حُكَمٍ من الأحكامِ أو خالَفَهم في إمامِهمُ القيِّمِ بأمرِهم وسُلْطانِهم، فهو للحَقِّ مُخالِفٌ...
وقال آخَرونَ: الجَماعةُ الَّتي أمرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بلُزومِها هي جَماعةُ أئِمةِ العُلماءِ، وذلك أنَّ اللهَ جَعلَهم حُجَّةً على خَلقِه، وإليهم تَفزعُ العامَّةُ في دينِها، وهى تَبَعٌ لَها،... وقال آخَرونَ: الجَماعةُ الَّتي أمرَ رَسولُ اللهِ بلُزومِها: هم جَماعةُ الصَّحابةِ الَّذينَ قاموا بالدِّين بَعدَ مُضيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، حَتَّى أقاموا عِمادَهُ وأرسَوا أوتادَهُ وردُّوهُ، وقد كادَ المُنافِقونَ أن يَنزَعوا أواخِيَهُ ويَقلِبوهُ من أواسيه إلى نِصابِه، وسَلكوا في الدُّعاءِ منهاجَه، فأولِئِكَ الَّذينَ ضَمِنَ اللهُ لنَبيِّه ألَّا يَجمَعَهم على ضَلالةٍ...
وقال آخَرونَ: الجَماعةُ الَّتي أمرَ رَسولُ اللهِ بلُزومِها: جَماعةُ أهلِ الإسلامِ ما كانوا مُجتَمِعين على أمرٍ واجِبٍ على أهلِ المِلَلِ اتِّباعُها، فإذا كان فيهم مُخالِفٌ منهم فليسوا بمُجتَمِعين، ووَجَبَ تَعرُّفُ وجهِ الصَّوابِ فيما اختَلَفوا فيه. قال
الطَّبريُّ: والصَّوابُ في ذلك أنَّه أمرٌ منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بلُزومِ إمامِ جَماعةِ المُسلِمينَ ونَهيٌ عن فراقِهم فيما هم عليه مُجتَمِعونَ من تَأميرِهم إيَّاهُ، فمن خَرجَ من ذلك فقد نَكَثَ بيعَتَهُ ونَقضَ عَهدَه بَعدَ وُجوبِه...
قال المُؤَلِّفُ ابنُ بطالٍ: وحَديثُ أبي بَكرةَ حُجَّةٌ في ذلك؛ لأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمَرَه بلُزومِ جَماعةِ المُسلِمينَ وإمامِهم
[928] لم نَقِفْ عليه من حديث أبي بَكرة رَضِيَ اللهُ عنه. وروي من حديث حذيفة بن اليمان رَضِيَ اللهُ عنه بلفظ: (كان الناسُ يسألون رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن الخير، وكنت أسأله عن الشَّرِّ مخافة أن يدركَني، فقلت:... فما تأمُرُني إن أدركني ذلك؟ قال: تلزمُ جماعة المسلمين وإمامَهم..). أخرجه مطولًا البخاري (3606) واللَّفظُ له، ومسلم (1847). ، فبانَ أنَّ الجَماعةَ المَأمورَ باتِّباعِها هي السَّوادُ الأعظَمُ مَعَ الإمامِ الجامِعِ لَهم، فإذا لم يَكُن لَهم إمامٌ فافتَرَق أهلُ الإسلامِ أحزابًا فواجِبٌ اعتِزالُ تِلكَ الفِرَقِ كُلِّها على ما أمَرَ به النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
أبا ذَرٍّ [929] روي من حديث حذيفة بن اليمان رَضِيَ اللهُ عنه بلفظ: (كان الناسُ يسألون رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن الخير، وكنت أسأله عن الشَّرِّ مخافة أن يدركَني، فقلتُ:... فإن لم يكن لهم جماعةٌ ولا إمامٌ؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك). أخرجه مطولًا البخاري (3606) واللَّفظُ له، ومسلم (1847). ولَو أنْ يَعَضَّ بأصلِ شَجَرةٍ حَتَّى يُدرِكَهُ المَوتُ، فذلك خيرٌ لَهُ من الدُّخولِ بينَ طائِفةٍ لا إمامَ لَها خَشيَةَ ما يَؤولُ من عاقِبةِ ذلك من فسادِ الأحوالِ باختِلافِ الأهواءِ وتَشَتُّتِ الآراءِ)
[930] يُنظر: ((شرح صحيح البخاري)) (10/33-36). .
وقد أورَدَ النَّوَويُّ هذا الحَديثَ تَحتَ (بابُ وُجوبِ مُلازَمةِ جَماعةِ المُسلِمينَ عِندَ ظُهورِ الفِتَنِ وفي كُلِّ حالٍ، وتَحريمِ الخُروجِ من الطَّاعةِ ومُفارَقةِ الجَماعةِ)
[931] يُنظر: ((شرح مسلم)) (12/236). .
وقال في شَرحِ قَولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((دُعاةٌ على أبوابِ جَهنَّمَ من أجابَهم إليها قَذفوهُ فيها )): (قال العُلماءُ: هؤلاء مَن كان من الأمراءِ يَدعو إلى
بِدْعةٍ أو ضَلالٍ آخَرَ كالخَوارِجِ والقَرامِطةِ، وأصحابِ المِحنةِ، وفي حَديثِ حُذيفةَ هذا لُزومُ جَماعةِ المُسلِمينَ وإمامِهم، ووُجوبُ طاعَتِه وإنْ فسقَ، وعَمِلَ المَعاصِيَ)
[932] يُنظر: ((شرح مسلم)) (12/237). .
5- عنِ الحارِثِ الأشعَريِّ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال:
((آمُركُم بخَمْسٍ اللهُ أمرَني بهِنَّ: السَّمعُ، والطَّاعةُ، والجِهادُ، والهجرةُ، والجَماعةُ؛ فإنَّ من فارَقَ الجَماعةَ قِيدَ شِبرٍ فقد خَلعَ رِبْقةَ الإسلامِ من عُنُقِه إلَّا أن يَرجِعَ)) [933] أخرجه مطولًا الترمذي (2863) واللَّفظُ له، وأحمد (17170). صحَّحه ابن حبان في ((صحيحه)) (6233)، والحاكم على شرط الشيخين في ((المستدرك)) (1/582)، وابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (8/6). .
قال المظهريُّ: (قَولُه:
((بالجَماعةِ))؛ أي: باتِّباعِ إجْماع المُسلِمينَ في الاعتِقادِ والقَولِ والفِعلِ. قَولُه:
((والسَّمعِ))، أي: بسَماعِ كلِمةِ الحَقِّ من الأميرِ أوِ المُفتي أو غيرِهما.
قَولُه:
((والطَّاعة))؛ أي: بطاعةِ الأميرِ. قَولُه:
((والهجرة))؛ أي: بالهجرةِ من مَكةَ إلى المَدينةِ قَبلَ فتحِ مَكةَ، وبِالهجرةِ من الكُفْرِ إلى الإيمانِ، ومن المَعصيةِ إلى التَّوبةِ.
((قِيْدَ شِبرٍ))؛ أي: قَدْرَ شِبرٍ.
((فقد خَلعَ))؛ أي: نَزعَ)
[934] يُنظر: ((المفاتيح في شرح المصابيح)) (4/302). .
وقال الطِّيبيُّ: (قَولُه:
((بالجَماعةِ)) المُرادُ بهمُ الصَّحابةُ ومن بَعدَهم من التابِعينَ وتابِعيِ التابِعينَ مِن سَلَفِ الصَّحابةِ، أي: آمُركُم بالتمَسُّكِ بهَدْيِهم والانخِراطِ في زُمْرَتِهم)
[935] يُنظر: ((شرح المشكاة)) (8/2574). .
وقال
عَلِي القاري: (المَعنى: من فارَقَ ما عليه الجَماعةُ بتَركِ السُّنَّةِ واتِّباعِ
البِدعةِ ونَزعِ اليَدِ عنِ الطَّاعةِ، ولَو كان بشيءٍ يَسيرٍ يقدرُ في الشَّاهِدِ بقَدرِ شِبرٍ،
((فقد خَلعَ رِبْقةَ الإسلامِ)) أي: نَقضَ عَهدَهُ وذِمَّتَه
((من عُنُقِه)) وانحَرَفَ عنِ الجَماعةِ وخَرجَ عنِ الموافَقةِ)
[936] يُنظر: ((مرقاة المفاتيح)) (6/2406). .