المطلبُ الرابعُ: فَضْلُ عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما
مِن فَضائِلِه:
1- دعاءُ النَّبِيّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم له بالعِلمِ والحِكمةِ والفِقهِ في الدِّينِ.
عن
عَبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ضَمَّني النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى صَدْرِه وقال:
((اللهُمَّ عِلِّمْه الحِكمةَ)) [2362] رواه البخاري (3756). .
وعنه رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دخل الخلاءَ فوضع له وَضوءًا. قال:
((من وَضَع هذا؟)) فأُخبِرَ، فقال:
((اللهُمَّ فَقِّهْه في الدِّينِ )) [2363] رواه البخاري (143) واللَّفظُ له، ومسلم (2477). .
قال ابنُ هُبَيرةَ: (هذه الدَّعواتُ كُلُّها استُجيبَت وحصَلَت ل
ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنه)
[2364] يُنظر: ((الإفصاح)) (3/ 27). .
وعن
عَبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان في بيتِ
ميمونةَ، قال: فوضَعْتُ له وَضوءًا من اللَّيلِ، قال: فقالت
مَيمونةُ: يا رسولَ اللهِ، وضَعَ لك هذا
عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ فقال:
((اللهُمَّ فَقِّهْه في الدِّينِ ، وعَلِّمْه التأويلَ)) [2365] أخرجه أحمد (3032)، وابن حبان (7055)، والحاكم (6280). صَحَّحه ابن حبان، وابن عبد البر في ((الاستيعاب)) (3/67)، والألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (2589)، والوادعي في ((صحيح دلائل النبوة)) (245). وأصلُ الحديثِ في صحيح البخاري (143)، ومسلم (2477) دون قوله: وعَلِّمْه التأويلَ. .
قال ابنُ بطَّالٍ: (فيه: بركةُ دعوةِ النَّبِيّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لأنَّ
ابنَ عبَّاسٍ كان من الأخيارِ الرَّاسِخينَ في عِلمِ القُرآنِ والسُّنَّة، أجيبَت فيه الدَّعوةُ)
[2366] يُنظر: ((شرح صحيح البخاري)) (1/ 160). .
وعن
عَبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: أتيتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من آخِرِ اللَّيلِ فصلَّيتُ خَلْفَه، فأخذ بيَدي فجَرَّني فجعلني حِذاءَه، فلمَّا أقبل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على صلاتِه خنَسْتُ
[2367] قال ابن الأثير: (خَنَسَ، أي: انقَبَض وتأخَّر) ((النهاية في غريب الحديث والأثر)) (2/ 83). ، فصلَّى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فلمَّا انصرف قال لي:
((ما شأني أجعَلُك حِذائي فتَخنُسُ؟ )) فقُلتُ: يا رَسولَ اللهِ أوينبغي لأحدٍ أن يصلِّيَ حِذاءَك وأنت رسولُ اللهِ الذي أعطاك اللهُ؟! قال: فأعجَبْتُه، فدعا اللهَ لي أن يزيدَني عِلمًا وفَهمًا، قال: ثُمَّ رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نام حتى سمِعْتُه ينفُخُ، ثُمَّ أتاه بلالٌ فقال: يا رسولَ اللهِ، الصَّلاةَ، فقام فصلَّى ما أعاد وُضوءًا))
[2368] رواه أحمد (3060)، والحاكم (6279) وابن أبي شيبة (12/111). صَحَّحه الحاكم وقال: على شرط الشيخين، والألباني على شرط الشيخين في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (6/174)، والوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (596)، وصَحَّح إسنادَه أحمد شاكر في تخريج ((مسند أحمد)) (5/25)، وشعيب الأرناؤوط على شرط الشيخين في ((مسند أحمد)) (3060). .
2- تقديم عُمَرَ ل
عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهم.
عن
عَبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: (كان عُمَرُ يدخِلُني مع أشياخِ بَدرٍ، فكأنَّ بعضَهم وجَدَ في نفسِه، فقال: لمَ تدخِلُ هذا معنا ولنا أبناءٌ مِثلُه؟! فقال عُمَرُ: إنَّه من حيثُ عَلِمْتُم، فدعا ذاتَ ليلةٍ فأدخله معهم، فما رُئِيتُ أنَّه دعاني يومَئذٍ إلَّا ليُريَهم، قال: ما تقولون في قَولِ اللهِ تعالى:
إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ؟ فقال بعضُهم: أُمِرْنا أن نحمَدَ اللهَ ونستغفِرَه إذا نُصِرْنا وفُتِحَ علينا. وسكت بعضُهم فلم يقُلْ شيئًا، فقال لي: أكذاك تقولُ يا
ابنَ عبَّاسٍ؟ فقلت: لا، قال: فما تقولُ؟ قُلتُ: هو أجَلُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أعلَمَه له، قال: إذا جاء نَصرُ اللهِ والفَتحُ -وذلك علامةُ أجَلِك- فسَبِّحْ بحَمْدِ رَبِّك واستَغْفِرْه، إنَّه كان توَّابًا. فقال عُمَرُ: ما أعلَمُ منها إلَّا ما تقولُ)
[2369] رواه البخاري (4970). .
3- ثناءُ
ابنِ مَسعودٍ على
عبدِ الله بنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما.
عن مَسروقٍ عن
عَبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ قال: (نِعْمَ
تَرجُمانُ القُرآنِ ابنُ عبَّاسٍ!)
[2370] أخرجه ابن أبي شيبة (32884)، والحاكم (6291)، والبيهقي في ((دلائل النبوة)) (6/193). صَحَّحه الحاكم على شرط الشيخين، وصَحَّح إسنادَه ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (13/365)، وابن كثير في ((تفسير القرآن)) (1/13)، وابن حجر في ((فتح الباري)) (7/126)، والألباني على شرط الشيخين في ((العلم لأبي خيثمة)) (48). .
وعن مَسروقٍ قال: قال
عبدُ اللهِ: (لو أدرَكَ
ابنُ عبَّاسٍ أسنانَنا ما عاشَرَه مِنَّا رَجُلٌ)
[2371] أخرجه ابن أبي شيبة (32883) واللَّفظُ له، والحاكم (6289)، والبيهقي في ((المدخل إلى السنن الكبرى)) (125). صَحَّحه الحاكم على شرط الشيخين، وصَحَّح إسنادَه ابن حجر في ((فتح الباري)) (7/126، والألباني على شرط الشيخين في ((العلم لأبي خيثمة)) (48). .
أي: ما كان أحدٌ منا يَصِلُ إلى مرتَبَتِه، بل كان مُنفَرِدًا لم يبلُغْ قَدْرَه أحدٌ منا
[2372] يُنظر: هامش ((الفتح المبين بشرح الأربعين)) لابن حجر الهيتمي (ص: 367). .