المبحثُ الثَّاني: محَبَّتُهم ومُوالاتُهم وإكرامُهم
عن أبي سَعيدٍ الخُدْريِّ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((والذي نَفْسي بيَدِه، لا يُبغِضُنا أهْلَ البَيتِ رجُلٌ إلَّا أدخَلَه اللهُ النَّارَ)) [2440] أخرجه ابن حبان (6978) واللَّفظُ له، والحاكم (4717). صَحَّحه ابن حبان، والحاكم على شرط مسلم، وصَحَّح إسنادَه الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (2488)، وحَسَّنه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((صحيح ابن حبان)) (6978). .
قال
المناويُّ: (بُغْضُهم يُوجِبُ النَّارَ كما جاء في عِدَّةِ أخبارٍ، كيف وهم أبناءُ أئِمَّةِ الهُدى، ومصابيحِ الدُّجى، الذين احتَجَّ اللهُ بهم على عبادِه، وهم فُروعُ الشَّجَرةِ المُبارَكةِ، وبقايا الصَّفوةِ الذين أذهَبَ عنهم الرِّجْسَ وطَهَّرَهم، وبَرَّأَهم من الآفاتِ، وافتَرَض مَوَدَّتَهم؟)
[2441] يُنظر: ((فيض القدير)) (2/ 519). .
وعن عليِّ بنِ أبي طالِبٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال:
((والذي فَلَق الحَبَّةَ، وبَرَأَ النَّسَمةَ، إنَّه لعَهْدُ النَّبِيِّ الأمِّيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إليَّ: أنْ لَا يُحِبَّني إلَّا مُؤمِنٌ، ولا يُبغِضَني إلَّا مُنافِقٌ )) [2442] رواه مسلم (78). .
وعن
أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عنه أنه قال: (والذي نَفْسي بيَدِه لَقَرابةُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أحَبُّ إليَّ أن أَصِلَ مِن قَرابتي)
[2443] رواه البخاري (3712)، ومسلم (1759) مطولًا من حديث عائشة رَضِيَ اللهُ عنها. .
قال
الآجُريُّ: (واجبٌ على كُلِّ مُؤمِنٍ ومُؤمِنةٍ مَحَبَّةُ أهلِ بَيتِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ بنو هاشمٍ: عليُّ بنُ أبي طالِبٍ ووَلَدُه وذُرِّيَّتُه، و
فاطِمةُ ووَلَدُها وذُرِّيَّتُها، و
الحَسَنُ والحُسَينُ وأولادُهما وذُرِّيَّتُهما، وجَعفَرٌ الطَّيَّارُ ووَلَدُه وذُرِّيَّتُه، وحمزةُ ووَلَدُه، والعبَّاسُ ووَلَدُه وذُرِّيَّتُه رَضِيَ اللهُ عنهم؛ هؤلاءِ أهلُ بَيتِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، واجِبٌ على المُسلِمين محبَّتُهم وإكرامُهم، واحتِمالُهم وحُسنُ مُداراتِهم، والصَّبرُ عليهم، والدُّعاءُ لهم)
[2444] يُنظر: ((الشريعة)) (5/2276). .
وقال
ابنُ تَيميَّةَ: (محبَّتُهم فَرْضٌ واجِبٌ يُؤجَرُ عليه)
[2445] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) (4/ 487). .
وقال أيضًا عن أهلِ السُّنَّة: (ويحِبُّونَ أهلَ بَيتِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ويتوَلَّونَهم، ويحفَظون فيهم وَصِيَّةَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ حيث قال يومَ غَديرِ خُمٍّ:
((أذَكِّرُكم اللهَ في أهلِ بيتي، أذَكِّرُكم اللهَ في أهلِ بيتي )) [2446] رواه مسلم (2408) مطولًا من حديث زيد بن أرقم رَضِيَ اللهُ عنه. [2447] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) (3/154). .
وقال أيضًا: (لا رَيبَ أنَّ لآلِ محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حقًّا على الأمَّةِ لا يَشرَكُهم فيه غَيرُهم، ويَستَحِقُّونَ مِن زيادةِ المحبَّةِ والمُوالاةِ ما لا يَستَحِقُّه سائِرُ بُطونِ قُرَيشٍ، كما أنَّ قُرَيشًا يَستَحِقُّونَ مِن المحبَّةِ والمُوالاةِ ما لا يَستَحِقُّه غيرُ قُرَيشٍ مِن القَبائِلِ، كما أنَّ جِنسَ العَرَبِ يَستحِقُّ مِنَ المحبَّةِ والمُوالاةِ ما لا يَستحِقُّه سائِرُ أجناسِ بني آدَمَ. وهذا على مَذهَبِ الجُمهورِ الذين يَرَونَ فَضْلَ العَرَبِ على غَيرِهم، وفَضْلَ قُرَيشٍ على سائِرِ العَرَبِ، وفَضْلَ بني هاشمٍ على سائرِ قُرَيشٍ، وهذا هو المنصوصُ عن الأئِمَّةِ، كأحمَدَ وغَيرِه)
[2448] يُنظر: ((منهاج السنة النبوية)) (4/599). .
وقال
السَّعديُّ: (محبَّةُ أهلِ بَيتِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم واجِبةٌ مِن وُجوهٍ؛ منها: أولًا: لإسلامِهم وفَضْلِهم وسوابِقِهم. ومنها: لِما تمَيَّزوا به من قُربِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم واتِّصالهم بنَسَبِه. ومنها: لِما حَثَّ عليه ورغَّب فيه، ولِما في ذلك من علامةِ محَبَّةِ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم)
[2449] يُنظر: ((التنبيهات اللطيفة فيما احتوت عليه الواسطية من المباحث المنيفة)) (ص: 118). .
وقال
محمَّدُ بنُ إبراهيمَ آل الشَّيخِ: (فَضيلةُ أَهلِ البَيتِ مَعلومةٌ، والأَدِلَّةُ على ما لهم مِن الميزةِ على مَن سِواهم -من أَجْلِ أَنَّهم من البَيتِ وقَرابةِ النَّبِيِّ- مَعلومةٌ؛ فيَجِبُ أَن يُحَبُّوا زيادةً على غَيرِهم من المُسلِمينَ)
[2450] يُنظر: ((فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ)) (1/ 254). .
وقال
ابنُ عُثَيمين: (مِن أصولِ أهلِ السُّنَّةِ والجَماعةِ: أنَّهم يُحِبُّونَ آلَ بَيتِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، يُحِبُّونهم لأمرَينِ: للإيمانِ، وللقَرابةِ مِن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولا يَكْرَهونَهم أبدًا)
[2451] يُنظر: ((شرح العقيدة الواسطية)) (2/273). .