الفَرْعُ الأوَّلُ: شروطُ إعرابِ الأسماءِ بالحُروفِ
1- أن تُضافَ إلى غيِر ياءِ المتكَلِّمِ.فإن جاءت غيرَ مُضافةٍ تُعرَبُ إعرابَ الاسمِ الصَّحيحِ الآخِرِ، مِثلُ: هذا أخٌ طيبٌ، وهذا أبٌ بارٌّ، لي حمٌ كبيرُ السِّنِّ.
هذا: اسمُ إشارةٍ مَبْنيٌّ على السُّكونِ في مَحَلِّ رَفعٍ مُبتَدَأٌ.
أخٌ: خَبَرٌ مَرفوعٌ، وعَلامةُ رَفعِه الضَّمَّةُ الظَّاهِرةُ.
وإذا جاءت مضافةً إلى ياءِ المتكَلِّمِ تُعرَبُ بالحركاتِ المُقَدَّرة، تَقولُ: أبي مسافِرٌ، هل رأيتَ أخي؟ ذهبتُ إلى حَمِي.
أبي: مُبتَدَأٌ مَرفوعٌ، وعَلامةُ رَفعِه الضَّمَّةُ المُقَدَّرةُ لاشتغالِ المحَلِّ بحركةِ المناسبةِ، والياءُ: ضميرٌ متَّصِلٌ في مَحَلِّ جَرٍّ مُضافٌ إليه.
مسافِرٌ: خَبَرٌ مَرفوعٌ، وعَلامةُ رَفعِه الضَّمَّةُ الظَّاهِرةُ.
أمَّا قَولُ الرَّاجِزِ:
حتى تناهَى في صَهاريجِ الصَّفَا
خالَطَ مِن سَلْمَى خَياشِيمَ وَفَا
فهو إمَّا شاذٌّ، وإمَّا أن تكونَ الإضافةُ مَنويَّةً، أي: خياشِيمَها وفَاهَا.
2- أن تكونَ مُفرَدةً.فإن كانت مُثَنًّى أو جمعًا لم تُعرَبْ بالحروفِ، تَقولُ: هذانِ أبوايَ، ذهبتُ إلى أبَوَيَّ، رأيتُ أبَوَيَّ. ففي المثالِ الأوَّلِ وقعت خبرًا مرفوعًا بالألِفِ لأنَّها مُثَنًّى، وفي الثاني اسمٌ مَجرورٌ، وعَلامةُ جَرِّه الياءُ المُدغَمةُ في ياءِ المتكَلِّمِ، وفي الثَّالِثِ مَفعولٌ به مَنصوبٌ، وعَلامةُ نَصبِه الياءُ المُدغَمةُ في ياءِ المتكَلِّمِ.
3- أن تكونَ مُكَبَّرةً.فإن صُغِّرت تُعرَبُ بالحَرَكاتِ الأصليَّةِ الثَّلاثِ، تَقولُ: هذا أُخَيُّ زيدٍ، رأيت أُخَيَّ زيدٍ، مررتُ بأُخَيِّ زيدٍ.
4- يُشترَطُ في (ذُو) أن تكونَ مُضافةً إلى اسمٍ ظاهِرٍ لا ضميرٍ.أمَّا (أبٌ) و(أخٌ) و(حَمٌ)، فأصلُها (أَبَوٌ) و(أَخَوٌ) و(حَمَو)؛ بدليلِ أنَّ تثنيتَها: أبوانِ، أخَوان، حَمَوان.
وأمَّا "فَمٌ" فأصلُه: "فوهٌ" بدليلِ أنَّ جمعَه أفواهٌ، لكِنْ عند الإفرادِ تُبدَلُ الهاءُ مِيمًا، فإذا أضيفت جاز إبدالُها أيضًا أو تَرْكُ الهاءِ، فإن تُرِكَت الهاءُ فهي من الأسماءِ السِّتَّةِ، تَقولُ: فاك، وفُوك، وفِيك.
وأمَّا "ذو" فهي التي بمعنى صاحِب، تَقولُ: هذا رجُلٌ ذو مالٍ، رأيت رجلًا ذا مالٍ، ذهبتُ إلى رجلٍ ذي مالٍ.
هذا: اسمُ إشارةٍ مَبْنيٌّ في مَحَلِّ رَفعٍ مُبتَدَأٌ.
رجل: خَبَرٌ مَرفوعٌ، وعَلامةُ رَفعِه الضَّمَّةُ.
ذو: نعتٌ مَرفوعٌ، وعَلامةُ رَفعِه الواوُ؛ لأنَّه من الأسماءِ السِّتَّةِ.
مالٍ: مُضافٌ إليه مجرورٌ، وعَلامةُ جَرِّه الكَسرةُ.
ويُشترَطُ فيها أن تكونَ بمعنى (صاحب)، لا الموصولةَ التي بمعنى (الذي)، كقَولِ الشَّاعِر:
فإنَّ الماءَ ماءُ أبي وجَدِّي
وبِئْري ذو حَفَرْتُ وذو طَوَيتُ
أي: التي حَفَرْتُ والتي طَوَيتُ. فهذه ليست المقصودةَ هنا.
وأمَّا "هَنٌ" فهي الكِنايةُ عن اسمِ عُضوِ الجِماعِ، تَقولُ: هذا هَنُوك، رأيتُ هَناكَ، أبصرتُ بهَنيكَ. غيرَ أنَّ الأكثَرَ فيه أن يأتيَ ناقصًا، تَقولُ: هَنُك، وهنَك، وهَنِك، ومنه قولُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «مَنْ تَعَزَّى بِعَزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَعْضُوهُ بِهَنِ أَبِيهِ وَلَا تُكَنُّوا
»
أخرجه النسائي في ((السنن الكبرى)) (8864) واللفظ له، وأحمد (21218) من حديث أُبَيِّ بن كعبٍ رَضِيَ اللهُ عنه. .
أمَّا نَقصُ "أبٍ، أخٍ، حَمٍ" فنادِرٌ، كقَولِ الرَّاجِزِ:
بِأَبِهِ اقتدى عَدِيٌّ في الكَرَمِ
ومَن يُشابِهْ أَبَهُ فما ظَلَم
بإعرابِ "أبٍ" في الموضِعَينِ بالعَلاماتِ الأصليَّةِ ومُعامَلتِه مُعاملةَ "يَدٍ" و"دَمٍ" مع أنَّه مُضافٌ إلى غيرِ ياءِ المتكَلِّمِ.