موسوعة اللغة العربية

المراجع المعتمدة اعتماد منهجية الموسوعة منهج العمل في الموسوعة

المَبْحَثُ الأوَّلُ: تَعْريفُ المَجازِ العقْليِّ

اعتاد البَلاغيُّونَ على تَسميةِ الاسْتعارةِ والمَجازِ المُرسَلِ بالمَجازِ اللُّغويِّ؛ ذلك أنَّ غايةَ ما فيه هو التَّجوُّزُ اللُّغويُّ في اسْتِعمالِ كَلمةٍ مَكانَ أخْرى، والخُروجُ على أنْماطِ اللُّغةِ وعُرْفِها ومُواضعاتِها المَعْروفةِ في الاسْتِعمالِ.
وتَمييزٌ له من ذلك المَجازِ الَّذي لا يكونُ مَردُّه إلى مُجرَّدِ التَّجوُّزِ اللُّغويِّ، وإنَّما مَردُّه إلى إسْنادِ الكَلامِ وعقْلِ المُتكلِّمِ والمُخاطَبِ، وهُو ما يُسمَّى بالمَجازِ العقْليِّ.
وقد ذكَر البَلاغيُّونَ أنَّ المَجازَ العقْليَّ هو: "إسْنادُ الفِعلِ أو ما في مَعْناه إلى غيرِ ما هو له عند المُتكلِّمِ لعَلاقةٍ، وقَرينةٍ مانِعةٍ مِن إرادةِ المَعْنى الأصْليِّ".
في حينِ أنَّ الحَقيقةَ العقْليَّةَ: "إسْنادُ الفِعلِ أو ما في مَعْناه إلى ما هو له عندَ المُتكلِّمِ في الظَّاهِرِ".
ففي قولِك: "سعِدَ صَباحُك" مَجازٌ عقْليٌّ؛ ذلك أنَّ إسْنادَ الفِعلِ "سعِدَ" إلى الصَّباحِ لا يُتصوَّرُ حَقيقةً، فالصَّباحُ لا يَسعَدُ أو يَشْقى، وإنَّما المُرادُ به: سعِدتَ في الصَّباحِ، فأسْنَدتَ الفِعلَ إلى غيرِ الفاعِلِ؛ لعَلاقةٍ بينَ المُسنَدِ إليه الحَقيقيِّ، والمُسنَدِ إليه المَجازيِّ هنا (الصَّباح)، والفِعلِ نفْسِه (المُسنَد)؛ فالصَّباحُ زَمانٌ للفِعلِ؛ فلِهذه العَلاقةِ أُسنِدَ الفِعلُ إليه.
كذلك في قولِك: "هزَم الأميرُ العَدوَّ"؛ فإنَّ الأميرَ لا يَهزِمُ الأعْداءَ وحدَه، بل ربَّما لا يُحارِبُ بنفْسِه، وإنَّما كان سَببًا في النَّصرِ بوضْعِه الخُطَّةَ وإعْدادِ الجَيشِ وتَسويةِ الصَّفِّ ونحْوِ ذلك؛ فلِهذا أُسنِدَ إليه الفِعلُ. فالعَلاقةُ هنا هي السَّببيَّةُ، والقَرينةُ مَعْلومةٌ عقْلًا، وهُو أنَّ الأميرَ لا يَقدِرُ على كثْرةِ الأعْداءِ وحدَه [343] ينظر: ((مفتاح العلوم)) للسكاكي (ص: 393)، ((الإيضاح في علوم البلاغة)) للقزويني (1/ 80). .

انظر أيضا:

المَبْحَثُ الثَّاني: العَلاقاتُ.