المبحث الأوَّلُ: مَخارِجُ الحُروفِ عند عُلَماءِ العَربيَّةِ والتَّجْويدِ
أشْهَرُ تَرْتيبٍ لأصْواتِ العَربيَّةِ على المَخارِجِ تَرْتيبُ
سِيبَوَيهِ، وقد نال هذا التَّرْتيبُ إعْجابَ المُتقدِّمين والمُحدَثين، يقولُ الرَّضِيُّ: (وأحْسَنُ الأقوالِ ما ذكَره
سِيبَوَيهِ، وعليه العُلَماءُ بعدَه)
[406] ((شرح الشافية)) للرضي (3/ 254). . ويقولُ المُسْتشرِقُ الألْمانيُّ أرتور شاده عن
سِيبَوَيهِ: بلَغ في تَعْيينِ مَواضِعِ الحُروفِ ومَخارِجِها مِنَ الصِّحَّةِ والدِّقَّةِ ما يُعسِرُ علينا الزِّيادةَ والإصْلاحَ، وإن كانت عِبارتُه تَحْتاجُ في بعضِ الأمْكنةِ إلى التَّفْسيرِ.
وقد جعَل
سِيبَوَيهِ المَخارِجَ سِتَّةَ عشَرَ، كالآتي:
ولحُروفِ العَربيَّةِ سِتَّةَ عشَرَ مَخرَجًا:
فلِلحَلْقِ منها ثَلاثةٌ.
1- فأقْصاها مَخرَجًا: الهَمْزةُ والهاءُ والألِفُ.
2- ومِن أوسَطِ الحَلْقِ مَخرَجُ العَينِ والحاءِ.
3- وأدْناها مَخرَجًا مِنَ الفَمِ: الغَينُ والخاءُ.
4- ومِن أقْصى اللِّسانِ وما فوقَه مِنَ الحَنَكِ الأعلى مَخرَجُ القافِ.
5- ومِن أسْفلَ مِن مَوضِعِ القافِ مِنَ اللِّسانِ قليلًا وممَّا يَليه مِنَ الحَنَكِ الأعلى مَخرَجُ الكافِ.
6- ومِن وسَطِ اللِّسانِ بينَه وبَينَ وسَطِ الحَنَكِ الأعلى مَخرَجُ الجِيمِ والشِّينِ والياءِ.
7- ومِن بَينَ أوَّلِ حافَةِ اللِّسانِ وما يَليها مِنَ الأضْراسِ مَخرَجُ الضَّادِ.
8- ومِن حافَةِ اللِّسانِ مِن أدْناها إلى مُنْتهى طَرَفِ اللِّسانِ ما بينَها وبَينَ ما يَليها مِنَ الحَنَكِ الأعْلى وما فُويقَ الضَّاحِكِ والنَّابِ الرَّباعِيَةِ والثَّنيَّةِ مَخرَجُ اللَّامِ.
9- ومِن طَرَفِ اللِّسانِ بينَه وبَينَ ما فُويقَ الثَّنايا مَخرَجُ النُّونِ.
10- ومِن مَخرَجِ النُّونِ غيرَ أنَّه أدْخَلُ في ظَهْرِ اللِّسانِ قَليلًا لانْحِرافِه إلى اللَّامِ مَخرَجُ الرَّاءِ.
11- وممَّا بَينَ طَرَفِ اللِّسانِ وأُصولِ الثَّنايا مَخرَجُ الطَّاءِ، والدَّالِ، والتَّاءِ.
12- وممَّا بَينَ طَرَفِ اللِّسانِ وفُويقَ الثَّنايا مَخرَجُ الزَّايِ، والسِّينِ، والصَّادِ.
13- وممَّا بَينَ طَرَفِ اللِّسانِ وأطْرافِ الثَّنايا مَخرَجُ الظَّاءِ، والذَّالِ، والثَّاءِ.
14- ومِن باطِنِ الشَّفَةِ السُّفلى وأطْرافِ الثَّنايا العُليا مَخرَجُ الفاءِ.
15- وممَّا بَينَ الشَّفتَين مَخرَجُ الباءِ، والمِيمِ، والواوِ.
16- ومِنَ الخَياشيمِ مَخرَجُ النُّونِ الخَفيفةِ
[407] يُنظَر: ((الكتاب)) لسيبويه (4/ 433). .
وذهَب
ابنُ الجَزَريِّ (ت 833هـ) إلى أنَّ المَخارِجَ سَبْعةَ عشَرَ، مُضيفًا إليها مَخرَجَ الجَوفِ لحُروفِ المدِّ، ونُسِب هذا الرَّأيُ للخَليلِ بنِ أحْمَدَ
[408] يُنظَر: ((التمهيد في علم التجويد)) لابن الجزري (ص105). ، وجعَل ابنُ الطَّحَّانِ مَخارِجَ الأصْواتِ خَمْسةَ عشَرَ مَخرَجًا بإسْقاطِ مَخرَجِ النُّونِ الخَفيَّةِ مِن مَخارِجِ
سِيبَوَيهِ. وبعضُهم جعَلها أرْبعَةَ عشَرَ مَخرَجًا؛ يقولُ
الدَّاني: (وزعَم الفرَّاءُ وقُطْربٌ والجَرْميُّ وابنُ كَيسانَ أنَّ مَخارِجَ الحُروفِ أرْبعةَ عشَرَ مَخرَجًا؛ فجعَلوا اللَّامَ والرَّاءَ والنُّونَ مِن مَخرَجٍ واحِدٍ، وهو طَرَفُ اللِّسانِ، وجعَلهنَّ
سِيبَوَيهِ مِن ثَلاثةِ مَخارِجَ)
[409] ((التحديد في الإتقان والتجويد)) لأبي عمرو الداني (ص106). .