الفَصلُ الخامِسَ عَشَرَ: يُونُسُ بنُ حَبِيبٍ (ت: 182 هـ)
أبو عبدِ الرَّحمنِ يُونُسُ بنُ حَبِيبٍ، الضَّبِّي مَوْلَاهم، وقيل: مَولى بني اللَّيثِ، البَصْري، النَّحْوي، اللُّغَوِي، إمامُ نُحاةِ البصرةِ.
مَولِدُه:قيل: إنه وُلِد سنةَ ثمانينَ أو تسعينَ.
مِن مشايخِه:أبو عَمْرو بنُ العَلَاءِ، وحَمَّادُ بنُ سَلَمَة.
ومِن تَلامِذَتِه:الكِسَائِيُّ، وَ
سِيبَوَيْهِ، والفَرَّاءُ، وأَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ المُثَنَّى، وخَلَف الأَحْمَر، وأَبُو زَيْد الأَنْصَارِي.
مَنزِلتُه ومكانتُه:كان يُونُسُ بنُ حَبِيبٍ رحمه الله عالِمًا بالشِّعْر، نافذَ البصر في تمييز جَيِّدِه مِن رَدِيئِه، عارفًا بطَبَقاتِ شُعَرَاء العَرَب، حَافِظًا لأشْعَارِهم، يُرجَع إليه في ذلك كلِّه، وكان له قِيَاسٌ في النَّحْوِ، ومَذاهبُ يتَفَرَّد بها، وكان لَهُ حَلْقَةٌ يَقْصِدُها ويَرْتَادُها الطَّلَبَةُ والأُدَبَاءُ وفُصَحَاءُ العَرَب، وهو شَيْخُ
سِيبَوَيْه، وقد أَكْثَر
سِيبَوَيْه النَّقْلَ عنه في كِتَابِه، وقال أبو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ المُثَنَّى: (اخْتَلَفُت إلى يُونُس أربعين سَنَة أملأ كُلَّ يَوْم أَلْوَاحِي مِن حِفْظِه!).
عَقيدتُه:لم تذكُرْ كُتُبُ التَّاريخِ والتَّراجِمِ شَيئًا عن اعتِقادِ يُونُسَ بنِ حَبيبٍ، كما أنَّه لم يَصِلْ إلينا مِن كُتُبِه إلَّا اسمُها، غَيرَ أنَّ أبا المظَفَّرِ الإسْفِرايِينيَّ قال: (وكذلك لم يكُنْ في أئِمَّةِ الأدَبِ أحَدٌ إلَّا وله إنكارٌ على أهلِ
البِدعةِ شَديدٌ، وبُعْدٌ مِن بِدَعِهم بعيدٌ، مِثْلُ: الخَليلِ بنِ أحمَدَ، ويُونُسَ بنِ حَبيبٍ، و
سِيبَوَيهِ، والأخفَشِ، و
الزَّجَّاجِ، و
المُبَرِّدِ، وأبي حاتِمٍ السِّجِسْتانيِّ، و
ابنِ دُرَيدٍ، والأزهَريِّ، و
ابنِ فارِسٍ، والفارابيِّ، وكذلك مَن كان مِن أئمَّةِ النَّحْوِ واللُّغةِ، مِثْلُ:
الكِسائيِّ، والفَرَّاءِ، والأصمَعيِّ، وأبي زَيدٍ الأنصاريِّ، وأبي عُبَيدةَ، وأبي عَمرٍو الشَّيبانيِّ، و
أبي عُبَيدٍ القاسِمِ بنِ سَلامٍ. وما منهم أحَدٌ إلَّا وله في تصانيفِه تَعَصُّبٌ لأهلِ السُّنَّةِ والجَماعةِ، وردٌّ على أهلِ الإلحادِ و
البِدعةِ)
[73] ينظر: ((التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين)) للإسفراييني (ص: 188). .
وقال إبراهيمُ الحَربيُّ: (كان أهلُ البَصْرةِ -يَعني أهلَ العَرَبيَّةِ منهم- أصحابَ أهواءٍ إلَّا أرَبعةً؛ فإنَّهم كانوا أصحابَ سُنَّةٍ:
أبو عَمْرِو بنُ العَلاءِ، والخَليلُ بنُ أحمَدَ، ويُونُسُ بنُ حبَيبٍ، والأصمعيُّ)
[74] ينظر: ((نزهة الألباء في طبقات الأدباء)) لكمال الدين الأنباري (ص: 34)، ((تهذيب التهذيب)) لابن حجر (12/ 180). .
مُصنَّفاتُه:له مُؤلَّفات في القُرآنِ واللُّغاتِ؛ منها: ((معاني القرآن)) كبير وصَغير، و((اللُّغات))، و((النَّوادر))، و((الأمَثْال)).
مِن كَلَامِه:(لَيْس لِعَييٍّ مُرُوءَةٌ، ولَا لِمَنْقُوصِ البَيَّانِ بَهَاءٌ).
وفاتُه:تُوفِّي رحمه الله سنةَ اثنتينِ أو ثلاثٍ وثمانين ومِائةٍ، وعاش ثمانيًا وثمانين سَنةً. وقيل: جاوز المائةَ
[75] يُنظَر: ((التاريخ الكبير)) للبخاري (8/ 413)، ((الجرح والتعديل)) لابن أبي حاتم (4/ 2 / 237)، ((الثقات)) لابن حبان (9/ 290)، ((معجم الأدباء)) لياقوت الحَمَوي (6/ 2850)، ((إنباه الرواة على أنباه النحاة)) للقِفْطي (4/ 74)، ((وفيات الأعيان)) لابن خَلِّكان (7/ 244)، ((تهذيب الكمال)) للمزي (5/ 505)، ((البلغة في تراجم أئمة النحو واللغة)) للفيروزابادي (ص 323)، ((تهذيب التهذيب)) لابن حجر (5/ 346)، ((بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة)) للسيوطي (2/ 365). .
اللغة