الفَصلُ السَّابعَ عَشَرَ: أبو مُسْلِمٍ الهَرَّاءُ (ت: 187 هـ)
أبو مُسْلِمٍ، وأبو عليٍّ، مُعَاذُ بنُ مُسْلِم، الهَرَّاءُ الكُوفِي، مَوْلَى محمَّدِ بنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ، النَّحْويُّ، اللُّغَويُّ، الأديبُ.
مَوْلِدُه:وُلِد سنةَ إحدى ومائةٍ، أو قبل ذلك.
مِن مَشَايِخِه:جَعْفَرٌ الصَّادِقُ، وَعَطَاءُ بنُ السَّائِبِ.
ومِن تَلَامِذَتِه:الكِسَائِيُّ، وعبدُ الرَّحْمَن المُحَارِبِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ الحُسَيْنِ الكُوفِيُّ.
سَبَب تَسْمِيَتِه بالهَرَّاء:سُمِّي بالهَرَّاء؛ لأنَّه كان يَبِيعُ الثِّيَابَ الهَرَويَّة، نسبةً إلى هَرَاة، وهي مدينةٌ في شمالِ غَربِ أفغانستانَ.
عَقيدتُه:ذكر أصحابُ التَّراجِمِ أنَّ أبا مُسلِمٍ كان كوفيًّا مِن شِيعةِ آلِ البَيتِ، يُوالي عَلِيًّا ويُعادي
مُعاوِيةَ والأُمَويِّينَ
[78] ينظر: ((إنباه الرواة على أنباه النحاة)) للقفطي (3/ 290)، ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (8/ 482). .
مَنزِلتُه ومكانتُه:كان أبو مُسْلِمٍ الهَرَّاءُ مِن أعْيَانِ النُّحَاةِ، وكان يُلَقَّبُ بشَيْخِ النَّحْوِ.
وكان مُعَمَّرًا مَشهورًا في عَصْرِه بالعُمُر الطَّوِيل؛ مات أولاده وأحفاده في حَيَاتِه وهو باقٍ. قال عُثمانُ بنُ أبي شيبة: (رَأَيْت مُعَاذَ بنَ مُسْلِم الهَرَّاء وقد شَدَّ أسْنَانَه بالذَّهَبِ مِنَ الكِبَرِ)
[79] ينظر: ((إنباه الرواة على أنباه النحاة)) للقفطي (3/ 295). ، وفيه قال سَهْلُ بنُ أبي غَالِب الخَزْرَجِي الشَّاعِر المَشْهُور
[80] ينظر: ((وفيات الأعيان)) لابن خلكان (5/218)، ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (8/483). :
قُلْ لِمُعَاذٍ إذا مَرَرْتَ بِهِ
قَدْ ضَجَّ مِن طُولِ عُمُرِك الأَمَدُ!
وكان أبو مُسْلِم الهَرَّاء لا يُحدِّث بسِنِّه الحقيقيِّ؛ حكى بَعْضُ كُتَّابِه قال: (صَحِبتُ مُعَاذَ بنَ مسلمٍ زمانًا، فسأله رَجُل ذَات يَوْم: كَمْ سِنُّكَ؟ فقال: ثلاثٌ وستُّون، قال: ثم مَكَث بعد ذلك سنينَ وسأله: كَمْ سِنُّكَ؟ فقال: ثلاثٌ وستُّون، فقلتُ: أنا معك منذ إحدى وعشْرين سنةً، وكلَّما سألك أحدٌ: كَمْ سِنُّكَ؟ تقول: ثلاثٌ وسِتُّون! فقال: لو كُنْتَ معي إحدى وعشرينَ سنةً أُخرى ما قلتُ إلَّا هذا!)
[81] ينظر: ((إنباه الرواة على أنباه النحاة)) للقفطي (3/290)، ((وفيات الأعيان)) لابن خلكان (5/218). .
وكان له شِعْرٌ جَيِّد:فمِن ذلك أنَّه أشار على صَاحِبِه الكُمَيْت بالخروجِ من عَمَل خَالِد القَسْري، فلم يقبَلْ نُصْحَه، فلما قَبَض خَالِدٌ على الكُمَيْت وحَبَسَه، اغتمَّ مُعَاذٌ، وأنْشَد قائلًا:
نَصَحْتُكَ والنَّصِيحَةُ إنْ تَعَدَّت
هَوى المَنْصُوحِ عَزَّ لها القَبُولُ
فَخَالَفْتَ الَّذِي لَكَ فيه رُشْدٌ
فَغَالَت دونَ ما أمَّلْتَ غُولُ
وعَادَ خِلَافُ ما تَهْوَى خِلَافًا
له عَرَضٌ مِنَ البَلْوَى وطُولُ
مُصنَّفاتُه:كانت له كُتُبٌ في النَّحْوِ ضَاعَتْ كُلُّها ولم يَصِلْ إلينا منها شيءٌ.
وفاتُه:تُوفِّي سنةَ سَبعٍ وثمانينَ ومائةٍ. وقيل: تسعينَ ومائةٍ
[82] يُنظَر: ((طبقات النحويين واللغويين)) لمحمد بن الحسن الزُّبَيدي (ص 125)، ((إنباه الرواة على أنباه النحاة)) للقِفْطي (3/ 288)، ((وفيات الأعيان)) لابن خَلِّكان (5/ 218)، ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (8/ 482)، ((البلغة في تراجم أئمة النحو واللغة)) للفيروزابادي (ص 292)، ((بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة)) للسيوطي (2/ 290)، ((الأعلام)) للزِّرِكْلي (7/ 258). .