الفَصلُ الثَّاني والعِشرونَ: أَبُو مُحَمَّد قَاسِمُ بنُ أَصْبَغَ (ت: 340 هـ)
أَبُو مُحَمَّدٍ قَاسِمُ بنُ أَصْبَغَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يُوسُفَ بن نَاصِحِ بن عَطَاء، مَوْلَى الوَلِيد بن عَبْد المَلِك بن مَرَوَان، القُرْطُبِيُّ، ويُعْرَف بالبَيَانِي، الإِمَامُ، الحَافِظُ، العَلَّامَةُ، النَّحْويُّ، اللُّغَويُّ، مُحدِّثُ الأَنْدَلُسِ.
مَوْلِدُه:وُلِدَ سَنةَ ثمانٍ وأربعينَ ومِائَتَينِ. وقيل: سَبعٍ وأربعينَ ومِائَتَينِ.
مِن مَشَايِخِه:بَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ، ومُحَمَّد بن وَضَّاح، وأَصْبَغ بن خَلِيل، ومُحَمَّد بن عبد السَّلام الخُشَنِي، وَمُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل الصَّائِغ، ومُحَمَّد بن الجَهْم السِّمرِي، و
أبو مُحَمَّد بن قُتَيْبَة، وجَعْفَر بن مُحَمَّد بن شَاكِر، وأبو بَكْر بنَ أَبِي الدُّنْيَا، وَالحَارِثُ بنُ أَبِي أُسَامَة، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيل التِّرْمِذِي، وَإِسْمَاعِيل القَاضِي -وَأَكْثَرَ عَنْهُ جِدًّا-، وأبو بَكْرِ بنُ أَبِي خَيْثَمَة، وَإِبْرَاهِيمُ بن عَبْد الله القَصَّارُ.
ومِن تَلَامِذَتِه:حفيدُه قَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ، وعبدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ البَاجِي، وَعَبْدُ اللهِ بنُ نَصْرٍ، وَعَبْدُ الوَارِثِ بن سُفْيَان، وَالقَاضِي مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنُ مُفرِج، وَأَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بنُ نَصْرٍ، وَأَحْمَدُ بنُ القَاسِمِ التَّاهَرْتِي، وَالقَاسِمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَسلُونَ، وَأَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بنُ الجَسُور.
مَنْزِلَتُه وَمَكَانَتُه:كان أَبُو مُحَمَّدٍ قَاسِمُ بنُ أَصْبَغَ رحمه الله شَيْخًا صَدُوقًا ثَبْتًا، حَلِيمًا، مَأْمُونًا، بَصِيرًا بالحَدِيث والرِّجَال، نَبِيلًا في النَّحْوِ والغَرِيبِ والشِّعْرِ.
وقَدْ نَزَل قُرْطُبَةَ وعَظُم قَدْرُه، وتَصَدَّى للإسْمَاع، وكان مِن الثِّقَة والجَلَالِة؛ بحَيْث اشْتَّد أَمْرُه وانْتَشَر ذِكْرُه، وانْتَهَى إليه عُلُوُّ الإِسْنَاد بالأَنْدَلُس مع الحِفْظ والإتْقَان، وبَرَاعَة العَرَبِيَّة، والتَّقَدُّم في الفَتْوَى؛ فهو إمامُ العَصْرِ بالأنْدَلُسِ وحَافِظُها ومُحَدِّثُها الَّذِي كان مَن أَخَذ عَنْه فقد اسْتَرَاح مِن الرِّحْلَة.
وكانت الرِّحْلةُ إليه بالمَغْرِب، وإلى ابنِ الأَعْرَابِي بِمَكَّة.
وقَدْ أَثْنَى عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِد، وَتوَالِيفُ
ابْنِ حَزْم، وَ
ابنِ عَبْدِ البَرِّ، وَ
أَبِي الوَلِيدِ البَاجِي طَافحَةٌ برِوَايَاتِ قَاسمِ بنِ أَصْبَغ.
وقد طَال عُمُرُه، فَتَنَكَّر شَيءٌ مِن حَالِه، فَمَرَّ يَوْمًا في أَصْحَابِه فَلَقِيَهم وقد حَمَل حَطَبًا على دَابَّة، فَقَال لهم: (تَنَحَّوا بِنَا عن طَرِيق الفِيلِ!)، فكان ذلك أوَّلَ ما عُرِف مِن اخْتِلَال ذِهْنِه، وذلك قَبْل مَوْتِه بِثَلَاث سِنِين.
مُصَنَّفَاتُه:مِن مُصَنَّفَاتِه: كتاب: ((السُّنَن)) على وَضعِ سنَنِ
أبي داود؛ لأنَّه فاته السَّماعُ منه، وكتاب: ((مُسنَد مالك))، وكتاب: ((بِرُّ الوالدين))، وكتاب: ((المقفَّى))، وكتاب: ((الأنساب))، وكتاب: ((أحكام القُرآنِ))، وكتاب: ((النَّاسخ والمنسوخ))، وكتاب: ((بديع الحُسْن))، وكتاب: ((المجْتَبى)) على نحوِ كتاب المنتقى لابن الجارودِ، وكتاب: ((فضائل قُرَيشٍ)).
وَفَاتُه:تُوفِّي سَنةَ أربعينَ وثلاثِ مِائة، وله ثلاثٌ وتسعون سنةً
[317] يُنظَر: ((معجم الأدباء)) لياقوت الحموي (5/ 2190)، ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (15/ 472)، ((لسان الميزان)) لابن حجر (6/ 367)، ((بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة)) للسيوطي (2/ 251)، ((الأعلام)) للزركلي (5/ 173). .