الفَصلُ السَّادس: أحمَد الحَمَلاوي (ت: 1351هـ)
أحمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَمَلاويُّ، المِصْريُّ، اللُّغَويُّ.
مَوْلِدُه:وُلِد بقريةٍ مِن قُرى بُلْبَيس بمحافظة الشَّرقيَّة بمِصْر سَنةَ ثلاثٍ وسبعينَ ومِائَتَينِ وألف.
ومِن تَلَامِذَتِه:عبدُ العزيزِ شاويش بك، ومُحَمَّد عاطف بركات باشا، ومُحَمَّد الخُضَري بك، ومهدي زيكو، وأحمد الإسكَنْدَري، وحسن منصور، ومُحَمَّد مهدي خليل.
مَنْزِلَتُه وَمَكَانَتُه:أحَدُ رُوَّادِ عِلمِ اللُّغةِ والصَّرفِ بالقَرنِ التَّاسِعَ عَشَرَ، وأحَدُ عُلماءِ الأزهرِ تَخرَّجَ بدارِ العُلومِ، ثُمَّ بالأزهَرِ، وزاوَلَ المُحاماةَ الشَّرعيَّة مُدَّة، كان ضَليعًا في عُلومِ العَرَبيَّة مِن نَحوٍ وصَرفٍ ولُغةٍ وعَرُوضٍ وبَلاغةٍ وأدَبٍ، كان شاعِرًا، حَسَنَ الإعرابِ والبَيانِ، يَحرِصُ على العَرَبيَّة دائِمًا، لا يَشوبُ كَلامَه شائِبةٌ مِن عامِّيَّة أو لُكْنة أو عِيٍّ أو حَصَرٍ، وإنَّما يَنسابُ حَديثُه في النَّفسِ انسيابَ النَّهرِ المُتَدَفِّقِ في رَزانةٍ ووقارٍ، وكان حَسَنَ العَرضِ لِلكَلامِ، جَيِّدَ الإنشادِ لِلشِّعرِ، لا يُمَلُّ حَديثُه وإن طالَ، ولا يُسأَمُ إنشادُه، ونالَ الشَّيخُ إجازةَ التَّدريسِ مِن دارِ العُلومِ،، فعُيِّن مُدَرِّسًا بالمَدارِسِ الِابتِدائيَّة بوزارة المَعارِفِ، ثُمَّ مُدَرِّسًا لِلعُلومِ العَربيَّةِ في دارِ العُلومِ، ثُمَّ تَركَ التَّدريسِ، مُؤْثِرًا الِاشتِغالَ بالمُحاماةِ في المَحاكِمِ الشَّرعيَّة.
عَقيدتُه:كان الشَّيخُ الحَمَلاويُّ على اعتِقادِ
الأشعَرِيَّةِ؛ فإنَّه وضع كتابَه "قواعد التَّأييد في عقائِدِ التَّوحيد" على اعتِقادِ
أبي الحَسَنِ الأشعَريِّ، يقولُ فيه: ((وواضِعُه في الأصلِ هو المولى سُبحانَه وتعالى على لِسانِ الأنبياءِ عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ؛ لأنَّ كُلَّ شَريعةٍ جاءت به، ولكِنِ الآنَ يقالُ: إنَّ الواضِعَ له الشَّيخُ
أبو الحَسَنِ الأشعَريُّ والشَّيخُ
أبو منصورٍ الماتُريديُّ؛ لشُهرتِهما دونَ غَيرِهما في تدوينِ كُتُبِ هذا العِلمِ وإقامةِ الأدِلَّةِ والبراهينِ على ردِّ ما قاله المُخالِفون))
[767] ينظر: ((قواعد التأييد في عقائد التوحيد)) للحملاوي (ص: 7). .
وقال أيضًا في الإيمانِ وشَهادةِ التوحيدِ:
((فعلى القَولِ الصَّحيحِ: مَن صدَّق ظاهِرًا ونَطَق بهما تجري عليه الأحكامُ الدُّنيويَّةُ كما تقدَّم، ومَن صدَّق بقَلْبِه ولم ينطِقْ بهما فهو مؤمِنٌ عندَ اللهِ ناجٍ في الآخِرةِ، ولا تجري عليه الأحكامُ الدُّنيويَّةُ)) [768] ينظر: ((قواعد التأييد في عقائد التوحيد)) للحملاوي (ص: 8). .
وقال أيضًا في صِفاِت اللهِ تعالى: ((يجِبُ له سُبحانَه وتعالى عِشرونَ صِفةً، وهي: الوُجودُ، والقِدَمُ، والبَقاءُ، ومخالفَتُه للحوادِثِ، وقيامُه بنَفْسِه، والوَحدانيَّةُ. فهذه سِتُّ صِفاتٍ؛ الأُولى منها نفسيَّةٌ، وهي الوُجودُ، والخَمسةُ بَعْدَها سَلبيَّةٌ. ثمَّ يجِبُ له سُبحانَه وتعالى سَبعُ صِفاتٍ تُسَمَّى صِفاتِ المعاني، وهي: القُدرةُ، والإرادةُ، والعِلمُ، والحياةُ، والسَّمعُ، والبَصَرُ، والكلامُ. ثمَّ سَبعُ صِفاتٍ أُخرى ملازِمةٌ للسَّبعِ التي قَبْلَها، تُسَمَّى بالصِّفاتِ المعنَويَّةِ، وقد أثبَتَها بَعضُهم ونفاها آخَرون كما سيأتي، وهي كونُه تعالى: قادرًا، ومريدًا، وعالِمًا، وحيًّا، وسميعًا، وبصيرًا، ومتكلِّمًا))
[769] ينظر: ((قواعد التأييد في عقائد التوحيد)) للحملاوي (ص: 12). .
وقال أيضًا: ((الصِّفةُ الرَّابعةُ: مخالفتُه للحوادِثِ، ومعناها عدَمُ مماثلتِه لشَيءٍ منها في الذَّاتِ أو في الصِّفاتِ أو في الأفعالِ، وضِدُّه: مماثَلتُه لها في شَيءٍ ممَّا ذُكِرَ، فليس جِسمًا، كما أنَّه ليس له يَدٌ ولا رِجلٌ ولا أذُنٌ ولا عَينٌ ولا غَيرُ ذلك مِن صِفاتِ الحوادِثِ، وما ورَدَ مِن ثُبوتِ اليَدِ والوَجهِ ونَحوِ ذلك فمُؤَوَّلٌ))
[770] ينظر: ((قواعد التأييد في عقائد التوحيد)) للحملاوي (ص: 15). .
ومِن شِعْرِه:الفَخرُ بالعِلمِ لا بالجاهِ والمالِ
والمَجَدُ بالجِدِّ لا بالجَدِّ والخالِ
كَم مِن مَليءٍ وضَيءِ الوَجهِ تَحسَبُه
لِلعِلمِ خِلًّا ولَكِن فِكْرُه خالي
في المالِ والجاهِ أسبابُ الغُرورِ
ومَن يَعتَزَّ بالأهلِ كالمُغتَرِّ بالآلِ
تِلكَ الأمورُ سَحاباتٌ تُغَيِّرُها
حَوادِثُ الدَّهرِ مِن حالٍ إلَى حالِ
ولَكِنَّ العِلمَ لا يَنفِكُّ صاحِبُه
مُعظَّمَ القَدْرِ في حِلٍّ وتَرْحالِ
أُفْقُ السِّماكَيْنِ بَل أعلاه مَقعَدُه
في كُلِّ حالٍ تَراه ناعِمَ البالِ
إن عاشَ عاشَ أجلَّ النَّاسِ مَنْـزِلةً
أو مات مات بإعظامٍ وإجلالِ
مُصنَّفاتُه:مِن مُصَنَّفَاتِه: كتاب: ((شَذَا العَرْف في فَنِّ الصَّرْف))، وكتاب: ((زهر الربيع في المعاني والبيان والبديع))، وكتاب: ((مَورِد الصَّفا في سيرة المصطفى))، وكتاب: ((قواعد التأييد في عقائد التوحيد))، وكتاب: ((ديوان شعر)).
وَفَاتُه:تُوفِّي سَنةَ إحدى وخمسين وثلاثِ مِائةٍ وألْفٍ
[771] يُنظر: ((الأعلام)) للزركلي (1/ 251) ((معجم المؤلفين)) لعمر كحالة (1/ 213). .