المَطلَبُ الأوَّلُ: المُقَدِّماتُ الغَزَليَّةُ
ابتدأ كثيرٌ من الشُّعَراءِ قصائِدَهم في مختَلِفِ الأغراضِ الشِّعريَّةِ بالمقَدِّمةِ الغَزَليَّةِ، على عادةِ القُدَماءِ في ذلك، فهذا ابنُ مَعتوقٍ يستَفتِحُ قصيدتَه في المدحِ بمُقَدِّمةٍ طَلَليَّةٍ يقولُ فيها
[150] يُنظَر: ((ديوان ابن معتوق)) (ص: 62). : الكامل
هذا الحِمى فانزِلْ على جَرْعائِه
واحذَرْ ظُبَا لفَتاتِ عَينِ ظِبائِهِ
[151] الجَرْعاءُ: الرَّملُ طَيِّبُ المَنبتِ. يُنظَر: ((جمهرة اللغة)) لابن دريد (1/ 460). والظُّبَا: جمع ظُبةٍ: وهي حَدُّ السَّيفِ والنَّصلِ وكُلِّ ما يجرَحُ. يُنظَر: ((العين)) للخليل (8/ 171). وانشُدْ به قلبًا أضاعَتْه النَّوى
من أَضْلُعي فعَساه في وَعْسَائِهِ
[152] الوَعْساءُ: الرَّملُ اللَّيِّنُ الذي تغيبُ فيه الأرجُلُ. يُنظَر: ((العين)) للخليل بن أحمد (2/203). وسَلِ الأراكَ الغَضَّ عن رُوحٍ شَكَتْ
حرَّ الجَوى فلَجَتْ إلى أفيائِهِ
[153] الغَضُّ: اللَّيِّنُ النَّاعِمُ. يُنظَر: ((تهذيب اللغة)) للأزهري (8/6). والجَوى: العِشقُ. يُنظَر: ((معجم ديوان الأدب)) للفارابي (4/97). والأفياءُ: جمعُ فيءٍ، وهو الظِلُّ. ويقال للموضعِ الذي تكونُ فيه الشَّمسُ ثمَّ تزولُ عنه: فَيءٌ. يُنظَر: ((الزاهر في معاني كلمات الناس)) لأبي بَكرٍ الأنباري (2/68). واقصِدْ لُباناتِ الهوى فلعَلَّنا
نقضي لُباناتِ الفُؤادِ التَّائِهِ
[154] اللُّباناتُ: جمعُ اللُّبانةِ: وهي الحاجةُ والنَّهمةُ. يُنظَر: ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (5/232). واضمُمْ إليك خُدودَ أغضانِ النَّقَا
والثِمْ ثُغُورَ الدُّرِّ مِن حَصبائِهِ
[155] النَّقا: الكثيبُ مِن الرَّملِ. يُنظَر: ((مختار الصحاح)) للرازي (ص: 318). واسفَحْ بذاك السَّفْحِ حولَ غديرِه
دَمعًا يُعَسْجِدُ ذَوبَ فِضَّةِ مائِهِ
[156] الغديرُ: النَّهرُ الصَّغيرُ. يُنظَر: ((تاج العروس)) للزبيدي (13/206). والعَسجَدُ: الذَّهَبُ. يُنظَر: ((العين)) للخليل بن أحمد (2/315). ويَقِفُ أحَدُهم -وهو الشَّاعِرُ أحمدُ العَطَّارُ- على طَلَلِ المحبوبةِ مع عِلمِه أنَّه لا يُجدي نفعًا؛ قال
[157] يُنظَر: ((سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر)) للمرادي (1/130). : الطويل
أفي كُلِّ يومٍ بالنَّوى نتروَّعُ
ومِن حادثاتِ الدَّهرِ يُشجيك مَوقِعُ
وتشقى برسمٍ قد ترسَّمه البِلى
وتَسقي ثراه كلُّ نَكباءَ زَعزَعُ||hamish||158||/hamish||
وتندُبُ أطلالًا تَعَفَّت رسومُها
وتشكو لربعٍ أعجمٍ ليس يَسمعُ
وتُصبِحُ هيمًا بَيْنَ قَفرٍ تجوسُه
وتُمسي ولهانًا وأنت مُرَوَّعُ||hamish||159||/hamish||
وترمي بطَرفَيك الهِضابَ عشيَّةً
وفي كُلِّ هَضبٍ للأحبَّةِ مَطلَعُ
وقائلةٍ فيما الوقوفُ وقد خلا
من القومِ مُصطافٌ يروقُ ومَرْبَعُ
فقُلتُ لها أذري الدُّموعَ وهكذا
أخو الشَّوقِ مِن فَرطِ الصَّبابةِ يَصنَعُ
وما كنتُ أدري قَبْلَ وَشْكِ رحيلِهم
بأنِّي إذا بانوا عن الجَزْعِ أجزَعُ
[160] الجَزْعُ: منعَطَفُ الوادي ووَسَطُه. يُنظَر: ((القاموس المحيط)) للفيروزابادي (ص709). ولا أنَّ أنفاسي يُصَدِّعها الجوى
إذا لاح بَرقٌ في الدُّجُنَّةِ يَلمَعُ||hamish||161||/hamish||
فَرُحْتُ ودَمعُ العينِ تجري غُرُوبُه
على الخدِّ مني والحمائِمُ تَسجَعُ
تنوحُ بشَطِّ الواديَينِ ولي حَشًا
إذا ما انبرى تَرنامُها يتصدَّعُ
[162] التَّرنامُ والتَّرنيمُ: الإطرابُ بالصَّوتِ. يُنظَر: ((لسان العرب)) لابن منظور (12/257). فلا كبدي تهدا ولا الشَّوقُ مُقصِرٌ
ولا لوعتي تخبو ولا العَينُ تَهجَعُ
وقد رحَلوا عن أَيْمُنِ الجَزعِ غُدوةً
فلم يبقَ في قُربِ التَّزاورِ مَطمَعُ