تمهيدٌ: الجَرُّ بالحُروفِ
قال
ابنُ مالكٍ:
هَاكَ حُرُوفَ الْجَرِّ وَهْيَ (مِنْ إِلَى
حَتَّى خَلَا حَاشَا عَدَا فِي عَنْ عَلَى
مُذْ مُنْذُ رُبَّ اللَّامُ كَيْ وَاوٌ وَتَا
وَالْكَافُ وَالْبَا وَلَعَلَّ وَمَتَى)
يُنظَر: ((ألفية ابن مالك)) تحقيق العيوني (ص: 113). فهذه حُروفُ الجَرِّ كُلُّها، منها ما يختصُّ بالجَرِّ فيَعمَلُ مُطْلَقًا، ومنها ما لا يختَصُّ به ويَعمَلُ بشُروطٍ، أمَّا (لعَلَّ) و(متى) فكانت بعضُ القبائِلِ تَستخدِمُها حروفَ جَرٍّ، لكِنْ ليست مُستخدَمةً الآنَ.
الجَرُّ بـ(كي):تعمَلُ "كي" الجَرَّ في موضِعَينِ:
أ- في الاستِفهامِ: تَقولُ: كَيْمَهْ؟ بمعنى (لِمَ)؛ دخَلَت (كي) على (ما) الاستفهاميَّةِ، فحُذِفَت ألِفُها وزِيدت الهاءُ للسَّكتِ والوَقفِ، تَقولُ: كَيْمَ ضَربتَ محمَّدًا؟
كي: حَرفُ جَرٍّ مَبْنيٌّ على السُّكونِ، ما: اسمُ استِفهامٍ مَبْنيٌّ على السُّكونِ والألِفُ محذوفةٌ للوَصلِ، في مَحَلِّ جرٍّ اسمٌ مَجرورٌ بـ(كي).
ضربتَ: ضرب فِعلٌ ماضٍ مَبْنيٌّ على السُّكونِ لاتِّصالِه بتاء الفاعِل، والتاءُ: ضَميرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنيٌّ في مَحَلِّ رَفعٍ فاعِلٌ.
محمدًا: مَفعولٌ به مَنصوبٌ، وعَلامةُ نَصبِه الفَتحةُ الظَّاهِرةُ.
ب- كي الناصبة: ذكَرْنا في بابِ إعرابِ الفِعْلِ أنَّ "كي" الجارَّة يُنصَبُ الفِعْلُ بَعْدَها بـ(أنْ) المُضْمَرة، والمَصْدَرُ المُؤَوَّلُ من (أنْ) والفِعْل في محلِّ جَرٍّ اسمٌ مَجرورٌ لها. تَقولُ: ذاكَرَ محمدٌ كي ينجَحَ.
ذاكر: فِعلٌ ماضٍ مَبْنيٌّ على الفَتحِ.
محمد: فاعِلٌ مَرفوعٌ، وعَلامةُ رَفعِه الضَّمَّةُ الظَّاهِرةُ.
كي: حَرفُ جَرٍّ مَبْنيٌّ على السُّكونِ لا مَحَلَّ له مِنَ الإعرابِ.
ينجح: فِعلٌ مُضارعٌ منصوبٌ بـ(أن) المُضْمَرة بعد (كي)، وعَلامةُ نَصبِه الفتحةُ، والمَصْدَرُ المُؤَوَّل "نجاح" في مَحَلِّ جرٍّ اسمٌ مَجرورٌ بـ(كي)، والتقديرُ: ذاكَرَ محمَّدٌ لِنَجاحِه.
ويَندُرُ دُخولُ (كي) على (ما) المَصْدَريَّةِ، كما في قَولِ الشَّاعِرِ:
إذا أنتَ لم تَنفَعْ فضُرَّ فإنما
يُرادُ الفتى كيما يَضُرُّ ويَنفَعُ
الجرُّ بـ(خلا وعدا وحاشا)وقد استوفينا الكلامَ عنها في الاستثناءِ
يُنظَر: ((توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك)) للمرادي (2/ 738)، ((أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك)) لابن هشام (3/ 4). .