المَبْحَثُ الثَّاني: حبَّذا ولا حبَّذا
هذا الأسلوبُ الثَّاني من أساليبِ المدحِ والذَّمِّ، ويتكونُ من الفِعْل الماضي "حبَّ"، و"ذا" فاعِلُه، ثم المخصوصِ بالمدحِ أو الذَّمِّ، وهو مُبتَدَأٌ مؤخر، و(حبذا) خَبَره. ويجب تقديُم (حبَّذا) على المخصوصِ بالمدْحِ. ويجوزُ أن يكون خَبَرًا أيضًا، والمُبتَدَأُ محذوفٌ وجوبًا.
تَقولُ: حبَّذا زيدٌ، حبَّذا هندٌ، حبذا المُسلِماتُ، حبَّذا العامِلون العالِمون، حبَّذا رجلًا زيدٌ، حبذا امرأةً هندٌ. لا تتغيَّرُ "ذا" باختلافِ التذكيرِ والتأنيثِ، ولا الإفرادِ والتثنيةِ والجمعِ، وإنما لم يجُزْ تغييرُه؛ لأنَّ ذلك الأسلوبَ جرى مجرى المَثَلِ، والأمثالُ لا تتغَيَّرُ.
إعرابُ: حبَّذا رجلًا زيدٌ حبَّذا: حبَّ: فِعلٌ ماضٍ مَبْنيٌّ على الفَتحِ، ذا: اسم إشارة مَبْنيٌّ في مَحَلِّ رَفعٍ فاعِلُ حبَّ.
رجلًا: تمييزٌ منصوبٌ، وعَلامةُ نَصبِه الفَتحةُ الظَّاهِرةُ.
زيدٌ: مُبتَدَأٌ مؤخَّرٌ مَرفوعٌ، وعَلامةُ رَفعِه الضَّمَّةُ الظَّاهِرةُ، أو خَبَر مُبتَدَأٍ محذوفٍ وجوبًا تقديرُه هو.
وقد تأتي (حبَّ) من غيرِ (ذا)، وحينئذٍ يكونُ المخصوصُ بالمدح أو الذَّمِّ فاعِلًا لها مرفوعًا لفظًا، وقد يُجَرُّ لفظًا بحرفِ الجَرِّ الزائِدِ، وهو الباءُ. تَقولُ: حبَّ زيدٌ رجلًا، وحبَّ بزيدٍ رجلًا.
حبَّ: فِعلٌ ماضٍ مَبْنيٌّ على الفَتحِ.
زيد: فاعِلٌ مَرفوعٌ، وعَلامةُ رَفعِه الضَّمَّةُ الظَّاهِرةُ. (بزيدٍ: الباء حَرفُ جَرٍّ زائد، زيد: اسمٌ مَجرورٌ لفظًا في مَحَلِّ رَفعٍ فاعِلُ حبَّ.)
رجلًا: تمييزٌ منصوبٌ، وعَلامةُ نَصبِه الفَتحةُ الظَّاهِرةُ.
ويجوزُ إذا كان ما بَعْدَها غيرَ (ذا) ضَمُّ الحاء؛ فتَقولُ: حُبَّ، ومنه قَولُ الشَّاعِرِ:
فقُلْتُ اقتُلوها عنكمُ بمزاجِها
وحُبَّ بها مقتولةً حينَ تُقتَلُ
أو فتْحُها، ومنه أيضًا قول الراجز:
باسمِ الإلهِ وبه بَدِينا
ولو عبَدْنَا غَيرَهُ شَقِينَا
فحَبَّذَا رَبًّا وَحَبَّ دِينَا
فيجوزُ إذَنْ أن تَقولُ: حَبَّ زيدٌ، وحُبَّ زيدٌ، وحَبَّ بزيدٍ، وحُبَّ بزيدٍ
يُنظَر: ((شرح ألفية ابن مالك)) لابن الناظم (ص: 333)، ((إرشاد السالك إلى حل ألفية ابن مالك)) لبرهان الدين ابن القيم (1/ 571). .
انظر أيضا:
عرض الهوامش