المَبْحَثُ الثَّاني: أنواعُ الزِّيادةِ
الزِّيادةُ نَوعانِ:
1- تَكرارٌ للأصلِ: وهو لا يَختَصُّ بأحرُفٍ بعَيْنِها، ويَكونُ في جَميعِ الحُروفِ إلَّا الألِفَ، ويَكونُ:
أ- بتكريرِ اللَّامِ، مِثْلُ: جَلْبَب.
ب- بتكريرِ العَيْنِ: إمَّا مع الاتِّصاِل: مثل: قَتَّل، وإمَّا مع الانفِصالِ بزائدٍ، مِثْلُ: عَقَنْقَل
[76] العَقنْقَلُ: الْكَثِيبُ الْعَظِيمُ المتداخِلُ الرَّمْلِ. يُنظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (11/ 463). .
ج- بتكريرِ الفاءِ والعَينِ، مع مباينةِ اللَّامِ لهما، مِثْلُ: مَرْمَرِيس
[77] المَرمَرِيس: الدَّاهِيَةُ. ينظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (6/ 217). ، وهو قَليلٌ.
د- بتكريرِ العَينِ واللَّامِ، مع مباينةِ الفاءِ لهما، مِثْلُ: صَمَحْمَح
[78] الصَّمَحْمَحُ: الشَّديدُ، وقيل: القصيرُ الغليظُ. ينظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (2/ 519). .
فائِدةٌ:إن تَضَمَّنَت كَلِمةٌ حَرفينِ مُختَلِفَينِ وحَرفَينِ مُتَماثِلَينِ، فأحَدُ المُتَماثِلَينِ زائِدٌ، مِثْلُ: جَلْبَب وقَرْدَد
[79] القَرْدَدُ: مَا ارْتَفَعَ من الأرضِ. ينظر: ((المحكم)) لابن سيده (6/ 308). ، إلَّا فيما يماثِلُ الفاءَ، مِثْلُ: كَوكَب، أو العَينَ المفصولةَ بحَرفٍ أصليٍّ، مِثْلُ: حَدْرَد، فإن فَصَلَ بين المُتماثِلَينِ زائِدٌ، مِثْلُ: عَقَنْقَل (النُّونُ زائِدةٌ)، فإنَّ أحَدَ المُتماثِلَينِ يكونُ زائِدًا.
وفي الرُّباعيِّ الَّذي تَكَرَّرَت فاؤُه وعَينُه:
فإنْ لم يَكُنِ الثَّالِثُ صالحًا للسُّقوطِ فالجَميعُ أصلٌ، مِثْلُ: سِمْسِم، فلا يمكِنُ إسقاطُ الثَّالِثِ؛ لأنَّه لا يُفهَمُ المعنى بسُقوطِه (سِمْ).
فإنْ صَحَّ إسقاطُ الثَّالِثِ وبَقِيَ بين اللَّفظِ بَعدَ سُقوطِه واللَّفظِ قَبلَ سُقوطِه مُناسَبةٌ قَريبةٌ، مِثْلُ: لَمْلَمَ وكَفْكَفَ، يَصِحُّ إسقاطُ الثَّالِثُ: تقولُ: لمَّ وكَفَّ، فهناك مناسَبةٌ قَريبةٌ بين لَمْلَم ولَمَّ، وكَفْكَفَ وكَفَّ، فهناك خِلافٌ في ذلك:
فالبَصريُّونَ: يَذهَبونَ إلى أصالةِ كُلِّ الحُروفِ، ويَجعَلونَه ثُنائيًّا مُكَرَّرًا موافِقًا في المَعنى للثُّلاثيِّ المُضاعَفِ.
الكوفيُّونَ وابنُ مالِكٍ: ذَهَبوا إلى أنَّ الثَّالِثَ الصَّالِحَ للسُّقوطِ هو الزَّائِدُ، وأُبدِلَ مِن حَرفٍ مُماثِلٍ للثَّاني، فـ(لَمْلَم) أصلُها: لَمَّمَ، استَثقَلوا تَواليَ الأمثالِ، فأبدَلوا مِن إحدى الميمَينِ المُدْغَمَتينِ لامًا.
الزَّجَّاجُ: يَرى أنَّ الزَّائِدَ هو الثَّالِثُ لكِنَّه ليسَ مُبْدَلًا مِن شَيءٍ.
ومَتى تَكَرَّرَ حَرفانِ في كَلِمةٍ وهُناكَ أصلٌ غَيرُهُما، فإنَّه يُحكَمُ بزيادةِ المُضَعَّفينِ، بشَرطِ أن يَبقى دونَهُما ثَلاثةُ أُصولٍ أو أكثَرُ، وفي تَعيينِ الزَّائِدِ مِنهُما خِلافٌ: أهُما الأوَّلانِ أوِ الأخيرانِ؟ وذَهَبَ
ابنُ مالِكٍ إلى أنَّه يُحكَمُ بزيادةِ ثاني الْمِثْلَينِ وثالِثِهما في مِثْلِ: صَمَحْمَح (الحاءُ الثَّانيةُ والميمُ الأُولى)، ويُحكَمُ بزيادةِ ثالِثِها ورابِعِها فيها، مِثْلُ: مَرْمَرِيس (الميمُ الثَّانيةُ والرَّاءُ الثَّانيةُ)
[80] يُنظر: ((شرح التصريح)) للأزهري (2/ 670، 671). .
2- ما زِيدَ لِغَيرِ تَكريرٍ:ولا تَكونُ الزيادة إلَّا مِن عَشَرةِ حُروفٍ تُجمَعُ في: سَألتُمونيها، أوِ اليَومَ تَنْساه، أو أمانٌ وتَسهيلٌ، وغَيرِ ذلك
[81] يُنظر: ((الشرح الملوكي)) لابن يعيش (ص: 101)، ((شرح الشافية)) للرضي الإستراباذي (2/ 331). .