التعريف بموضوع الكتاب :
ينتقد هذا الكتاب إحدى الظواهر المنهجية التي أسهمت في صياغة الفقه المعاصر، وهي ظاهرة المبالغة في التيسير في مجال الفقه والفتوى، والمنتسبون إلى هذا المنهج يختلفون باختلاف مشاربهم، فمنهم من يتوخى مقاصد الشرع ويستند إلى مرجعيته الراسخة، ومنهم من يطالب استباحة الممنوع الشرعي بحجة القضاء على التشدد وفتح آفاق التنمية والانفتاح على الآخر، ومما ساعد على ظهور هذه الأصوات تبني الإعلام بعض هذه الأقلام التي لا تفتأ تبث الكراهية ضد كثير من الأحكام الفقهية المستقرة.
افتتح مؤلف الكتاب بعد المقدمة بالتمهيد، بيَّن فيه مفهوم المبالغة في التيسير، وعرَّفه بأنه التزام التيسير على الدوام، بحيث يلفق مذهبه من طائفة من أسهل الأقاويل. وليس المقصود به الأخذ بالتيسير عند وجود مقتضيه من الأدلة الناهضة.
ثم تناول في المبحث الأول أنواع التيسير الفقهي عند المعاصرين، وقسمه إلى قسمين: التيسير المنضبط، والتيسير المبالغ فيه. تحدث فيه عن مفهوم التيسير المنضبط، ودعا بالتوجه إلى هذا النوع من التيسير.
كما تحدث في المبحث الثاني عن مفهوم مظاهر المبالغة في التيسير الفقهي، ذكر فيه عدة مظاهر أولها؛ المبالغة في اعتبار المقاصد في مقابلة النصوص والأصول، وثانيها: تتبع الرخص، وثالثها: تطويع الفقه للواقع.
وبيَّن في المبحث الثالث أسباب المبالغة في التيسير الفقهي، وذكر خمسة أسباب؛ السبب الأول: الجهل بالشريعة، والسبب الثاني: الجهل بمعاني أدلة الشريعة، والسبب الثالث: وقوع التشدد في الفتيا، والسبب الرابع: الخضوع لضغط الواقع، والسبب الخامس: التشوف إلى الشهرة.
وتحدث في المبحث الرابع والأخير عن آثار المبالغة في التيسير الفقهي، ذكر من الآثار، أثر الإخلال بصورة الشريعة، وأن من لوازمه التهوين من الشرائع الجزئية في الدين.
ثم بين الأثر الثاني من الآثار وهو التقليل من أهمية الفرعيات، والحط من شأن البحث في جزئيات الشريعة.
ثم ذكر الأثر الثالث؛ وهو الإخلال بمقاصد الشريعة، كسد الذرائع، واستصلاح الخلق بحجزهم عن التهاون في المحرمات وغيرها.
وختم الرسالة بخاتمة خَلُص فيها إلى أن أحسن السبل في فهم الشريعة والوعي بأحكامها سلوك منهج الوسط والاعتدال، دون غلو ولا تقصير. وأن المبالغة في التسهيل على المستفتين ليست من شأن العلماء الراسخين، وأن لهذه الطريقة في تقديم الدين آثاراً غير حميدة.