التعريف بموضوع الكتاب:
إننا بحاجة ماسة إلى تربية النشء تربية إيمانية تربطهم بخالقهم وتهذب سلوكهم وتقوي إيمانهم، ولا شك أن هذه التربية تؤتي ثمرتها إذا توفرت البيئة الصالحة والأجواء الإيمانية التي يتربى فيها هذا النشء، فكيف إذا كانت هذه البيئة الصالحة هي مكة بما لها من قداسة وبما تحتويه من مقدسات وبما يقام فيها من عبادات، لذا يأخذ مؤلفنا بأيدي المربين- سواء كانوا آباء أو معلمين أو مربين- للاستفادة من مكة في التربية الإيمانية للنشء المسلم، وانتهاز فرصة وجودهم فيها سواء بصورة دائمة للمقيمين أو طارئة للوافدين.
فألف كتابه هذا وجعله في عشرة فصول:
فأما الفصل الأول فبين فيه أهداف التربية الدينية من الناحية الدنيوية والأخروية وأهمية الحفاظ على نوافل الطاعات واغتنام ثمراتها ثم ذكر أهمية التربية في البيئات الصالحة ولاسيما مكة وما للبيئة المكية من دوافع إيمانية وتربوية وأثر في زيادة الإيمان ثم ختم هذا الفصل بالتنشئة الاجتماعية في مكة.
وأما الفصل الثاني فكان التركيز فيه على أعمال القلوب لما لها من أهمية في التربية الإيمانية وبيَّن التلازم والتكامل بين أعمال القلوب وأعمال الجوارح، فبصلاح القلب تصلح الجوارح، ثم ذكر جملة من أعمال القلوب التي يمكن تفعليها والقيام بها عمليا في مكة كالإخلاص والمحبة والتوكل والمراقبة والشكر والرضا والصبر... إلخ ثم ذكر أساليب التربية على العناية بأعمال القلوب.
ويذكر المؤلف جملة من العبادات التي يتقلب فيها المسلم في مكة وكيفية الاستفادة منها في التربية الإيمانية وذلك من الفصل الثالث إلى الفصل العاشر.
فذكر الطواف وتعظيم مكانته في نفوس المتربين وبيان أنواعه والحث على الإكثار منه ولفت أنظار المتربين إلى البيت المعمور ودخول الملائكة له وطوافهم به.... وكيف نستفيد من جميع ما سبق في التربية الإيمانية.
ثم ذكر التقبيل للحجر الأسود والاستلام للركن اليماني والتربية الإيمانية من خلال ذلك على الاتباع والتعلق ببلاد الأفراح الجنة، والتربية على أسلوب المحاسبة للنفس وعلى المثابرة والاجتهاد وانتهاز الفرص قبل فواتها.
ثم ذكر الصلاة خلف مقام إبراهيم عليه السلام مع بيان مكانة هذا المقام والتربية الإيمانية على الاقتداء بالصالحين والتذكير بشكر النعمة ...إلخ
ثم ذكر التربية الإيمانية في ماء زمزم بتعريف المتربين بفضله وتربيتهم على الالتزام بآداب الشرب منه والتضلع منه والدعاء عند شربه ...إلخ
ثم ذكر السعي بين الصفا والمروة والتربية على الاجتهاد في العبادة والانقياد والخضوع للشرع.....إلخ
ولما كانت الصلاة تضاعف في المسجد الحرام كان لابد من بيان التربية من خلال اغتنام هذه الفرصة والحرص على الجماعة والصف الأول ...إلخ
ولما كان لا يكاد يخلو وقت من أوقات الصلوات في المسجد الحرام من وجود جنازة ذكر المؤلف التربية الإيمانية من خلال تذكر حسن الخاتمة على الطاعات والدعاء للأموات والوقوف على المقابر والتفكر والاعتبار.
ثم ختم فصول هذا الكتاب بالتربية الإيمانية في الاعتكاف في المسجد الحرام وما له من آثار تربوية.
ولا شك أن الكتاب بالغ الأهمية للمربين في تربية النشء المسلم تربية إيمانية صادقة من خلال وجودهم بمكة.
فحري بالمسلم المقيم في مكة والوافد عليها أن يقرأ هذا الكتاب ففيه بيان عملي لهذه التربية وخطواتها ومجالاتها حتى يخرج المسلم من هذه البلد وبعد أداء نسكه والقيام بعباداته بزيادة في الإيمان وتحصيل للتقوى، فيترك في نفسه بالغ الأثر