التعريف بموضوع الكتاب :
إن مسائل الحج كثيرة ومتنوعة وقد وقع الخلاف بين العلماء في كثير منها ومن مسائل الحج التي وقع فيها الخلاف مسألة وقت رمي الجمرات في أيام التشريق وقد جمع الدكتور فهد بن عبدالرحمن اليحيى ما يتعلق بهذه المسألة في كتابٍ سماه (وقت الرمي أيام التشريق) بحث فيه ست مسائل:
المسألة الأولى: في الوقت المشروع للرمي أيام التشريق ونقل اتفاق العلماء على صحة الرمي فيما بين زوال الشمس إلى غروبها وأن النبي صلى الله عليه وسلم رمى الجمرات أيام التشريق بعد الزوال.
المسألة الثانية: تحدث فيها عن حكم الرمي قبل الزوال أيام التشريق ونقل أن للعلماء فيه ثلاثة أقوال قول بعدم الصحة مطلقا وهو رأي الجمهور وقول بالصحة مطلقا وهو رواية عن أبي حنيفة وقول بعدم الصحة إلا في اليوم الذي يرحل فيه الحاج من منى سواء كان الثاني عشر أو الثالث عشر وقد استعرض المؤلف أدلة كل قول مع مناقشة ما يحتاج لمناقشة وسرد الإيرادات عليه ، و ذكر الراجح في المسألة وهو رأي الجمهور مؤيدا ما رجحه بعدة أدلة:
- منها أن الأصل في أفعاله صلى الله عليه وسلم في الحج أنها للوجوب إلا إذا وجد صارف وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: "خذوا عني مناسككم" وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم رمى بعد الزوال ولا صارف له إلى الاستحباب.
- ومنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبادر بالعبادات في أول وقتها فلو كان الرمي يبدأ من طلوع الفجر أو الشمس لبادر إليه ولم يؤخره للزوال كذلك فإنه كان يرمي بعد الزوال وقبل صلاة الظهر فإذا استصحبنا مبادرته لأداء العبادة في أول وقتها فإن ذلك يدل على أن أول وقت الرمي يكون بعد الزوال إلى غير ذلك مما ذكره من الأدلة. وقد ناقش ما احتج به البعض للرمي قبل الزوال من تفادي الزحام الشديد ناقشه مناقشة جيدة من خلال خمس وقفات.
المسألة الثالثة: بداية الرمي عند القائلين بالرمي قبل الزوال وذكر اختلافهم في بدايته .
المسألة الرابعة: وهي مسألة جمع الرمي فبدأ بسرد ما جاء من أحاديث ترخص فيه ثم ذكر صور الجمع وذكر أن العلماء اختلفوا في حكم تأخير رمي يوم إلى ما بعده أو جمع الرمي كله في آخر يوم وهل على من فعله دم وذكر ثلاثة أقوال للعلماء قول بجواز الجمع والتأخير إلى آخر يوم وقول بعدم الجواز ومن فعله فلا دم عليه وقول بعدم الجواز لكن يلزمه دم والذي رجحه المؤلف أن المعذور له أن يجمع لكن يرتب كل يوم بيومه بمعنى أن يبدأ برمي اليوم الأول للجمرات ثم يعود فيبدأ بالجمرة الأولى لليوم الثاني وهكذا .
أما من لم يكن له عذر فليس له الجمع لقوله صلى الله عليه وسلم :"خذوا عني مناسككم" ولأن الرخصة جاءت للرعاة .
ومن جمع الرمي بلا عذر فقد خالف ولا دم عليه لأن الإذن للرعاة دليل على أن وقت الرمي باق إلا إذا غربت شمس آخر أيام التشريق دون رمي فيلزمه حينئذ دم .
ثم عرض لمسألة جمع الرمي جمع تقديم بناء على ما جاء في بعض الروايات وذكر أقوال أهل العلم وانتهى إلى أن الرواية بالتقديم لو صحت وسلمت من الاعتراض لكانت رخصة تيسر على من احتاج إليها وتكون أولى من الرمي قبل الزوال لأن لها أصلا من النصوص لكنها مسألة تحتاج إلى مزيد من البحث والدراسة.
المسألة الخامسة : وهي الرمي ليلا ذكر أن للفقهاء قولين الأول بجوازه وهو رأي الجمهور والثاني بالمنع وهو رأي الحنابلة ثم استعرض أدلة القولين ورجح القول الأول وأيد ترجيحه بالأدلة التالية :
- أن الرمي حددت بدايته ولم تحدد نهايته .
- ما جاء في الرخصة للرعاة فهذا يدل على بقاء وقت الرمي.
- ورود بعض الآثار عن الصحابة تؤيد ذلك.
المسألة السادسة : وهي هل مشروع الجمرات الجديد يمكن أن تتغير به بعض الفتاوى في الجمرات وانتهى إلى أن الفتاوى التي بنيت على المشقة الحاصلة بسبب الزحام- كمسألة الرمي قبل الزوال والرمي ليلا وجمع الرمي- ينبغي أن يعاد فيها النظر مع اعتبار هذه التسهيلات التي سيقدمها هذا المشروع .
هذه مقتطفات مما في الكتاب وهو كتاب جيد جدير بالقراءة والوقوف على ما فيه لاسيما وفيه من المسائل المهمة كمسألة الاختيار من الأقوال وفقه التيسير إلى غير ذلك فجزى الله المؤلف خيرا.