التعريف بموضوع الكتاب:
إن مسألة القرض قديمة قدم الإنسان, وقدم حاجته إلى المال, وإلى التعامل به، فالقرض كان وما زال وسيلة من وسائل سد حاجات ومتطلبات الإنسان في كل العصور، وإن اختلفت صوره, وأشكاله, وحجم التعامل به.
وهذا الكتاب يتناول بالدراسة مسألة القروض المتبادلة من الناحية الفقهية والتطبيقية, وقد اعتمد مؤلفه على المنهج الوصفي القائم على الاستقراء لأصل المسألة من كتب الفقه, وجمع ما تناوله العلماء فيها, ثم مقارنتها بعد ذلك من خلال المذاهب الفقهية الأربعة بالإضافة إلى المذهب الظاهري في بعض الأحيان, ثم الترجيح فيما بين تلك الأقوال, وتضمن تمهيدًا وثلاثة فصول.
أما التمهيد فتناول فيه المؤلف نشأة القرض وأهميته, وبيَّن مجالات استخدامه، ثم شرع بعد ذلك في فصول الكتاب: فتحدث في أولها عن معنى القرض لغة واصطلاحاً, وكل ما له به صلة من الألفاظ, كالدين, والسلف, والعارية, وغيرها. كما تناول مشروعيته في الكتاب, والسنة, والإجماع, والمعقول. وتحدث عن أنواعه التي تناولها العلماء, مبيناً أن هذا التنوع حاصل من تنوع نظر العلماء إلى طبيعة عقد القرض, فمن نظر إلى مقصده جعله نوعين وهما: القرض الحسن، والقرض الربوي، ومن نظر إلى المال المقرض جعله نوعين: قروض نقدية, وقروض عينية, ومن نظر إلى غرض المقترض جعله أيضاً نوعين: قروض استهلاكية, وقروض إنتاجية. كما تناول مقومات عقد القرض, وشروطها, فذكر الصيغة، والعاقدين، والمال المقرَض.
وفي الفصل الثاني: تحدث عن مفهوم القروض المتبادلة, وحكمها, وعن علاقتها بمنافع القرض؛ فوضح فيه منفعة كل من المقترض والمقرض من القرض، والمنافع المشتركة بينهما، سواء كانت المنافع معنوية أو مادية.
وتناول أيضاً مفهوم القروض المتبادلة مبيناً أنها اشتراط أحد المتقارضين على الآخر إبرام عقد قرض آخر في عقد القرض الأول يكون المقرض في العقد الثاني هو المقترض في العقد الأول، وعن تاريخ هذه القروض فقد بين المؤلف أنها ليست محدثة بل هي قديمة قدم تعامل الناس بالقرض. بينما ذكر من صورها صورتين: الصور التقليدية, والصور المستحدثة. وأوضح المؤلف أيضاً أن لهذه القروض أسباب منها ماله تعلق بالأفراد، ومنها ما له تعلق بالمؤسسات, ومنها ماله تعلق بالمؤسسات والأفراد جميعاً.
أما عن حكم القروض المتبادلة فقد ذكر المؤلف أن القروض المتبادلة غير المشروطة لا بأس بها, أما المشروطة فيختلف حكمها باختلاف صورتها, وذكر لها ثلاث صور:
الأول: القائمة على تساوي القرضين, وقد ذكر خلاف أهل العلم فيها ورجح جوزاها بشروط بعد مناقشة الأقوال والأدلة.
الثانية: القائمة على عدم تساوي القرضين لا في المبلغ ولا في المدة, وبين أن أدلة جوازها ومنعها هي نفس أدلة الصورة الأولى, وأجازها بشروط.
الثالثة: وهي ما كان طريق احتساب القرض المتبادل فيها متوقفاً على القيمة المتوقعة للعملة, وهي ما لم يجد المؤلف من رجحها مطلقاً.
ومما تناوله المؤلف أيضاً في هذا الفصل زكاة القروض المتبادلة عند المجيزين لها والمانعين, وبين أنهم متفقين على أن كل واحد من الطرفين يزكي ما دفعه للآخر على اعتبار أنه مضمون له إلا في الحالات التي يكون فيها القرض المتبادل غير مضمون, فيأخذ حكم الدين غير مرجو السداد.
وتطرق في الفصل الثالث للتطبيقات المعاصرة للقروض المتبادلة وعلاقتها بالمقاصة بين الفوائد الدائنة والمدينة؛ فتناول بالحديث الودائع المصرفية الجارية وتكييفها الفقهي، وذكر من ضمن تلك العقود عقد الوديعة، وعقد الإجارة على حفظ المال، وعقد القرض, وما يميز كل عقد من هذه العقود.
ثم شرع في ذكر التطبيقات المعاصرة للقروض المتبادلة بين المصارف , وبين المصارف والأفراد, وبين الأفراد أنفسهم, كما تحدث عن المقاصد بين فوائد الديون وعلاقتها بالقروض المتبادلة. مبينًا مفهوم المقاصة, وذكر أنواعها, ومشروعيتها، وتحدث عن المقاصة بين الفوائد الدائنة والمدينة, والعلاقة بين مقاصة الديون والقروض المتبادلة, وبين مقاصة الفوائد الدائنة والمدينة وبين القروض المتبادلة.