التعريف بموضوع الكتاب :
تركَنا رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم على البيضاء, ليلها كنهارها, لا يَزيغ عنها إلَّا هالك, فما ترَك من خير إلَّا ودلَّنا عليه, وما ترَك من شرٍّ إلَّا وحذَّرنا منه, ونهانا عن الابتداع في الدِّين, والعبث في أحكام الشَّرع بالزِّيادة والنقص، فصلوات ربي وسلامه عليه دائمين إلى يوم الدِّين.
إلَّا أنَّ طائفة أبَتْ إلَّا عصيانَه في أمره, وارتكابَ نهيه, فراحت تعبَث في أحكام الدِّين بالزِّيادة والابتداع؛ إمَّا من أجل القدْح في الدِّين, وتحريفه, وإمَّا بحُجَّة الابتداع الحسَن الذي يزعمون أنَّه لا بأس بها.
الكتاب الذي بين أيدينا جمَع فيه مؤلِّفه مجموعة من الصلوات المبتدَعة, التي ما أنزل الله بها من سلطان, فبلغ تَعدادها (150) صلاة مبتدعة, جمعها ورتَّبها, مع توثيقها بذِكر المراجع التي وردتْ فيها, وذِكر مَن قال بها, والمستنَد الذي استند عليه في إثبات شرعيتها, والرُّدود التي ردَّ بها أهل العلم عليه, مع إبطال هذه الصلوات, والإتيان بما يُغني عنها ممَّا ثبت في الشريعة بنصوص الكتاب والسُّنة، معتمِدًا في الجمع على كتب أهل السُّنة والجماعة المعتمَدة, دون غيرها من كتُب أهل الابتداع جميعهم.
وقد جعَل كتابه هذا في مداخل عشرة:
المدخل الأوَّل: صلوات مخصوصة لغرض معيَّن: وابتدأ المؤلِّف هذا المدخل بقاعدة عظيمة، وهي: كلُّ عبادة أطلَقها الشارع, وقيَّدها الناس ببعض القيود، فهي بدعة.
وبيَّن أنَّ ما جمَعه من الصلوات هنا ينقسم إلى قِسمين:
· صلوات مخصوصة لغرَض دِيني: كصلاة حِفظ الإيمان, ودَفْع النِّفاق, وصلاة الفِردوس لرؤية الله, وصلاة رؤية النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم, والصلاة لرؤية مكان العبد في الجَنَّة، وغيرها.
· صلوات مخصوصة لغرَض دُنيوي: كصلاة مزيد العمر, وصلاة صحَّة النفْس, وصلاة حِفظ النفْس والولد, وصلاة سعادة الأولاد وغيرها.
المدخل الثَّاني: صلوات مخصوصة بحال, كصلاة ركعتين لشراء دار جديدة, وصلاة ركعتين عقبَ الخروج من الحمَّام, والصلاة عند دخول البيت أو الخروج منه, وغيرها.
المدخل الثَّالث: صلوات مخصوصة بهيئة, وابتدأ المدخل بذِكر قاعدة، وهي: كلُّ عبادة لم تأتِ كيفيتها إلَّا في حديث ضعيف أو موضوع، فهي بِدعة. وذَكر من هذه الصلوات: صلاة التسبيح, وصلاة التوبة بهيئة مخصوصة, وصلاة القُربة.
المدخل الرَّابع: صلوات مخصوصة بمكان, وذَكر في بداية المدخل قاعدة تميز البدعة، وهي: كلُّ ما عارض السُّنة من الأقوال والأفعال ولو كان عن اجتهادٍ، فهو بدعة.
ومن الصَّلوات التي ذكرها تحت هذا المدخل: صلاة ركعتين بعد كلِّ ميل في الطريق إلى الحجِّ, وقصْد الصَّلاة فوق جبل عرفات, وقصْد الصَّلاة في مقامات الأنبياء والصالحين عمومًا, وقصْد الصَّلاة في مسجد عائشة رضي الله عنها, وغيرها من الصَّلوات.
المدخل الخامس: صلوات مخصوصة بزمان, وقد صدَر هذا المدخل بقاعدة: مَن خصَّ الأزمنة من عنده بعبادات لأجل فضْلها كان من جنس أهل الكتاب, وقد قسم المؤلِّف ما جمعه من هذه الصلوات عدَّة أقسام: فمنها الصَّلوات المشتركة بين بعض الشُّهور, أو المخصوصة بشهر من الشُّهور كشهر الله المحرَّم, وشهر صفر, وشهر رجب, وشهر شعبان وغيره. أو الصَّلوات المخصوصة بأيَّام الأسبوع.
المدخل السَّادس: صلوات مخصوصة بعدد, كصلاة الغفلة, وصلاة مكمِّلات الخمسين.
المدخل السَّابع: صلوات مبتدَعة بسبب النهي عن الفعل, وبدأ الحديث بقاعدة، وهي: كلُّ أمر يُتقرَّب إلى الله به, وقد نهى عنه رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فهو بدعة.
ثم ذكر من الصَّلوات المندرجة تحت هذا المدخل الشروع في النافلة بعد إقامة الفريضة, وصلاة الفريضة قاعدًا, أو نائمًا, أو النافلة مضطجعًا بلا عُذر, وقضاء الحائض للصَّلاة.
المدخل الثَّامن: صلوات مبتدَعة بسبب تغيير محلِّ العبادة, وذَكر من تلكم الصلوات الصَّلاة في البيوت، وترْك الجمع مع وجود سببه, وتحيَّة المسجد الحرام لمن أراد الطواف, وتأخير صلاة العيد عن يومه, وغيرها.
المدخل التَّاسع: صلوات مبتدَعة بسبب الزِّيادة في العبادة, وقد ذَكر في بداية المدخل قاعدة تنصُّ على أنَّ: الغلو في العبادة بِدعة, وممَّا ذَكره المؤلِّف تحت هذا المدخل من الصَّلوات المبتدعة: صلاة جماعتين في محلٍّ ووقت واحد, وتَكرار الفريضة، وصلاة بِرِّ الوالدين, وتعدُّد الجمعة في المسجد الواحد, وغيرها.
المدخل العاشر: صلوات منسوبة إلى الأنبياء والصَّالحين, كالصَّلاة التي يُسمِّيها المتصوِّفةُ صلاة الأنبياء, وصلاة الخَضِر, والصَّلاة المنسوبة إلى أويس القرني.
والكتاب جيِّد في بابه.