التعريف بموضوع الكتاب :
كتاب هذا الأسبوع يتناول تروك النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وأهميَّة التشريع بالتَّرك؛ وذلك أنَّ التروك النبويَّة تمثِّل أحد قِسمي السُّنة، فإذا كانت السُّنة النبويَّة هي أفعالَه صلَّى الله عليه وسلَّم، فإنَّ الفعل ما هو إلَّا فعل إيجابيٌّ أو سلبيٌّ، وهذا الأخير هو التَّرك، كما أنَّ ترك النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم له جانب تشريعيٌّ مهمٌّ لا يمكن إغفاله أو التغاضي عنه، ولا بدَّ للمجتهد من معرفته؛ وذلك لتوقُّف الحُكم في كثير من مسائل النوازل، والبِدع، والمصالح المرسَلة، عليه.
كما أنَّه لا يصحُّ القول بأنَّ ترْك النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم يدلُّ على الإباحة مطلقًا، وكذلك لا يصحُّ القول بأنَّه يدلُّ على البدعيَّة مطلقًا، فكِلا التعميمين غير صحيح، وإنَّما التفصيل بين أنواع التُّروك، فمنها ما يدلُّ على الإباحة، ومنها ما يدلُّ على التَّحريم والبدعيَّة، ومنها ما يدلُّ على الكراهة.
وقد قسَّم المؤلِّف كتابه إلى ثلاثة أبواب، تحت كلِّ باب عدَّة فصول:
تناول في الباب الأوَّل: التعريف بترْك النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وتحته فصلان:
الفصل الأول: عرَّف فيه الترك في اللُّغة، وبيَّن حقيقته عند الأصوليِّين، مع بيان اتِّجاهات الأصوليِّين في تعريف الترك، وهل هو فعل أم لا؟ وما يترتَّب على ذلك الخلاف من آثار أصوليَّة وفقهيَّة.
وفي الفصل الثَّاني: بيَّن فيه المؤلِّف تعريف ترْك النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، عند الأصوليِّين القدامى، وفي الدِّراسات المعاصرة، وبعد تناوله لأهمِّ التعريفات بالتَّحليل والدِّراسة ذكَر التعريف المختار، وهو أنَّ الترك: ( عدَم فِعل النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ما كان مقدورًا له كونًا)، ثمَّ بيَّن طرق الوصول إلى معرفة التُّروك النبويَّة، وكذلك أقسام تلك التُّروك مع بيان وجه التَّقسيم، والتَّقسيم المختار.
ثم بيَّن في الباب الثَّاني: الترك الوجوديُّ ودَلالته، وتحته ثلاثة فصول:
في الفصل الأوَّل: تحدَّث عن التَّرك الوجودي، فبيَّن فيه التَّرك المسبَّب، والتَّرك المطلَق، وذكر تعريفيهما وبيان أقسامهما، وأمثلتهما، وتطبيقاتهما الفقهيَّة.
وتكلَّم في الفصل الثَّاني على دَلالة الترك الوجوديِّ، كما أوضح فيه المراد بدَلالة الترك المسبَّب، والترك المطلق، ومراتب الترك.
وذكَر في الفصل الثالث ما يُلحق بالتَّرك الوجوديِّ.
أمَّا الباب الثَّالث فخصَّصه لبيان الترك العَدمي، وتحته فصلان:
كان الفصل الأوَّل لبيان تعريفه، وهو: عدم نقل أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم فعَل فِعلًا ما ممَّا كان مقدورًا له، ثمَّ بيَّن أقسامه ودَلالته، مبيِّنًا قاعدتي: (الأصل في الأشياء الإباحة)، و(الأصل في العبادات المنع)، ثم تحدَّث عن البِدعة، والمصلحة المرسَلة، وعَلاقتهما بالتَّرك، ثم ذكر تطبيقات على التَّرك العَدمي، مثل إحياء ليلة النِّصف من شعبان، وتشييع الجنازة بالذِّكر، والاحتفال بالمولد النبويِّ، وغيرها من التَّطبيقات التي أوردها.
وأفرد الفصل الثَّاني للكلام عمَّا يلحق بالتَّرك العَدمي؛ وهو ترك الاستفصال من النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، كأن يأتي السائل إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فيسأله عن أمر فلا يستفصل منه رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن أحوال ذلك الأمر، بل يُصدِر حُكمًا عامًّا - وهذا النَّوع من الترك هو الذي ذكره العلماء تحت قواعد العموم - وذكر لذلك تطبيقات؛ منها: صدقة المرأة من مالها دون إذن زوجها، وغيرها من التَّطبيقات التي أوردها المؤلِّف.
ثم ختم الكتاب بنتائج الدِّراسة وتوصياتها، وأورد ملخَّص الدِّراسة، وزيَّله بفهارس علميَّة كاشفة.