التعريف بموضوع الكتاب :
كتاب هذا الأسبوع هو مجموعة أبحاث متعلِّقة بمشكلات المفطرات، بحَث فيها المؤلِّف تلك المشكلات، وذكر ما توصَّل إليه من حلول لها، وقد تألَّف الكتاب من ستَّة أبحاث مستقلَّة، بعد مقدِّمة مختصرة احتوت على تعريف بالكتاب وأبحاثه الستَّة.
فأمَّا البحث الأوَّل : فتحدَّث فيه عن فقه حديث (لَقيط بن صبِرة)، والذي فيه قول النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ((وبالغ في الاستنشاق إلَّا أن تكون صائمًا))، فذكر نصَّ الحديث، وتخريجه، وحُكم الأئمَّة عليه، وأنَّه يكاد يجمع على تصحيحه أهل الصَّنعة، وأنَّه لم يجد من أعلَّه، كما ذكر مخططًا تفصيليًّا في اتجاهات أهل العلم في دَلالة حديث (لقيط بن صبرة) على المفطرات؛ وهم ثلاثة اتجاهات:
الاتجاه الأول: مَن قال بعدم دلالته على المفطرات أصلًا، كابن حزم الظاهري.
والاتجاه الثاني: مَن قال بدلالته على المفطرات موسِّعًا لها وهم الجمهور.
والاتجاه الثالث: مَن قال بدَلالته على المفطرات مقيِّدًا لتلك الدَّلالة، وهم: الولوالجي من الحنفيَّة، وبعض المالكيَّة، وابن تيميَّة من الحنابلة. ثمَّ ذكر مسالك أهل العلم في فقهه، ومراتب الاستدلال به، وعرَض لتلك الاتجاهات بالتفصيل. ثم ذكر الخلاصة والنتائج، وأنَّ الراجح هو مسلك عامَّة أهل العلم القائلين بدَلالة حديث لقيط على المفطرات، الموسِّعين منهم والمقيِّدين لدلالته. وأن مسلك ابن حزم مسلك شاذ وغريب.
وأما البحث الثاني: فكان عن المسكِّنات الفقهيَّة لإطفاء آلام الإبر الطبية. وهو عبارة عن دراسة تأصيليَّة في حُكم الإبر الطبية للصَّائم، وجاء هذا البحث في فصلين:
الفصل الأول: في الحِقنة الشرجية. فتحدَّث عن حقيقة حقنة الشرج، وعن مسالك الفقهاء في الإفطار بحقنة الشرج، محلِّلًا مسالك الفقهاء تلك، وذكر اتجاهات العلماء في كونه الحقنة الشرجية مفطرة أم لا. وخلص إلى أنَّ الراجح: هو الاتجاه القائل بأنها لا تفطر إلَّا أن تكون مغذية؛ لأنَّها هي التي تنضبط مع القاعدة في الاقتصار على الإفطار في الأكل والشرب، أو ما كان في معناهما، ثم تحدَّث عن الحقنة الشرجية المعاصرة وما يُعرف بالتحاميل واللبوس وأنَّ هذا يجري عليه ما يجري على الحقنة الشرجية وصفًا وحُكمًا.
وأمَّا الفصل الثاني: فكان الحديث فيه عن الإبر الطبيَّة، فتحدَّث عن الحُقن الموضعيَّة ، وعن الحقن الوريديَّة وحقن العضل. ذاكرًا تعدُّد أغراض الحقن؛ والتي منها: التغذية، والتداوي والتخدير...إلخ. مفصلًا الحديث عن كلِّ نوع من هذه الحقن. ثم ذكر اتجاهات المعاصرين في حُكمها، وأنَّه يمكن إدراجها في أربعة اتجاهات:
الاتجاه الأول: الإفطار مطلقًا.
الاتجاه الثاني: عدم الإطار مطلقًا.
الاتجاه الثالث: التفريق بين الحقن المغذية والحقن العلاجيَّة.
الاتجاه الرابع: التفريق بين الحقن الوريدية وغيرها.
وخلص إلى أنَّ الحقن الموضعيَّة ونحوها لا تُفسد الصيام؛ لعدم تحقق معنى الإفطار فيها. وأما الحقن الوريدية وحقن العضل؛ فالراجح أنها تُفطِّر مطلقًا، سواء كانت غذاء أو دواءً، أو تخديرًا. وثم ختم هذا البحث بذكر الإضافات الجديدة التي أضافها، ومنها: تخريج مقتضى قواعد الفقهاء القدماء في أحكام الإبر الطبية المعاصرة... وغير ذلك.
وأما البحث الثالث: فكان للحديث عن القيء، وهل هو من المفطرات أم لا؟ وقد درس المؤلِّف هذا البحث دراسة تحليليَّة في خمسة أوعية:
فالوعاء الأول: جعله لتحرير محل النزاع.
والوعاء الثاني: تحدَّث فيه عن نكتة الخِلاف.
والوعاء الثالث: ذكر فيه أسباب الخلاف دارسًا كل سبب على حِدة، وهي أربعة أسباب:
1- النزاع في صحَّة الإجماع المحكي في المسألة.
2- النِّزاع في صحَّة حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
3- تعارض الآثار الواردة عن الصَّحابة رضي الله عنهم.
4- الاختلاف في المعنى الذي يُناط به الحُكم).
والوعاء الرابع: كان للترجيح، ورجَّح فيه قول من قال بأنَّ القيء عمدًا ليس بمفطر مطلقًا، وأنَّه رجح هذا القول متخوفًا؛ لقلَّة القائلين به، ومخالفته لقول عامَّة أهل العلم، ولذلك فالقول بالقضاء هو مقتضى الاحتياط، وأولى به في العمل، والقول بعدم القضاء هو مقتضى القياس.
والوعاء الخامس والأخير في هذه الدِّراسة: كان عبارة عن عدة إشارات في هذه المسألة.
ويأتي البحث الرابع: وعنوانه هل الحجامة من المفطرات؟ وقد تحدث فيه المؤلِّف عن الخلاف في المسألة. وعن سبب هذا الخلاف في المسألة، فتكلَّم عن تعارض النُّصوص، وعن تعارض آثار الصَّحابة، وعن المعنى والقياس في الفِطر بالحجامة، وفرَّع على ذلك فروعًا:
الفرع الأول: تحدَّث فيه عن المعنى والقياس في الفطر بالحجامة عند الحنابلة.
والفرع الثاني: تكلَّم عن المعنى والقياس في عدم الفِطر بالحجامة عند الجمهور.
والفرع الثالث: جعله لإلزامات ومناقشات في الفِطر بالحجامة.
ثم ختم هذا البحث بذكر خلاصة المسألة، مرجِّحًا عدم عدِّ الحجامة من جملة مفطرات الصائم، وأنَّ هذا مذهب جمهور أهل العلم من الحنفيَّة والمالكيَّة والشافعيَّة.
وأما البحث الخامس: فجعله المؤلِّف لرأي ابن حزم في عدِّ الاستمناء من مفطرات الصيام. فتحدَّث فيه عن صورة المسألة، وأنَّها تتشكَّل في صورتين:
الصورة الأولى: مَن باشر امرأة فأمنى.
والصورة الثانيَّة: من استمنى بيده، وأنَّ الحُكم عند الفقهاء في الصورتين واحد، إلَّا عند بعض مشايخ الحنفيَّة. وعرَض الأقوال المذكورة في هذه في المسألة، وذكر أن في المسألة قولين:
القول الأول - وهو قول الجمهور-: أنَّ الاستمناء مفسد للصوم، ومنهم من ألزمه بالقضاء والكفَّارة، ومنهم من ألزمه بالقضاء فقط.
القول الثاني - وهو رأي ابن حزم الظاهري، وجماعة من أهل الحديث -: أنَّ الاستمناء لا يفسد الصوم.
ثم ذكر النتائج التي توصَّل إليها، وأن الراجح هو قول جمهور الفقهاء بأن تعمد الإمناء يفسد الصوم، ويوجب القضاء، ولا يوجب الكفارة، ذاكرا أسباب ذلك الترجيح. ثم ختَم هذا البحث بعدَّة تنبيهات؛ منها: أن القول بالاستمناء يعضد قول الحنابلة في تعليل الفطر بالقيء والحجامة: أنَّ فيهما إضعافًا للجسم بخروج ما يغذيه. وغير ذلك من التنبيهات.
وأما البحث السادس والأخير من هذا الكتاب: فكان للحديث عن مباشرة الصائم (الاتجاهات والمآخذ)؛ وقد بدأه المؤلِّف بمقدِّمة ألمح فيها إلى أن وراء هذه المسألة أصولا وأنظارًا، وأنَّ ثمَّة خلافًا متسعًا، ومآخذ متعددة، وغير ذلك ممَّا أدى إلى التطويل في هذه المسألة في بحث مستقل، وليس الغرض هو معرفة حكم قبلة الصائم فقط. ثم بتمهيد عن مقدمات واتجاهات تحدث فيه عن محدِّدات المسألة، وعن الاتجاهات العامَّة للفقهاء في القُبلة والمباشرة ومراتب المباشرة، ومن رخصها للصائم من العلماء وشروطهم في ذلك، وأن هذه الأقوال تصل إلى ثمانية أقوال:
1- إفساد الصوم بها. 2- الكراهة التحريميَّة. 3- الكراهة التنزيهيَّة. 4- الإباحة. 5- السنية. 6- التفريق بين الشيخ والشاب. 7- التفريق بين من يملك نفسه وبين من لا يملكها. 8. التفريق بين الفرض والتطوع.
ثم تحدَّث عن هذه المسألة بتفصيلاته في فصلين:
في الفصل الأوَّل: ذكر الأقوال والمآخذ، وأنَّ تقسيمات الأقوال في هذه المسألة أربعة :
الأول: الطرفان (الطرف الأوَّل: أن القُبلة من المفطرات. الطرف الثاني: سُنية القُبلة)،
الثاني: الإباحة المطلقة.
الثالث: كراهة القُبلة.
الرابع: التفريق في الحُكم باعتبار السن، وباعتبار االمعنى، وباعتبار الحال. مفصِّلًا الحديث عن كلِّ قسم من هذه في مبحث خاص، مع ذكر الأدلَّة والنصوص، وتوجيهات العلماء لها، وحُججهم.
وأمَّا الفصل الثاني: فجعله للحديث عن فِقه الأحاديث والآثار، ويشتمل على ثلاثة أشياء: الحديث عن الأحاديث المرفوعة، والحديث عن الآثار عن الصَّحابة رضي الله عنهم، والحديث عن آثار التابعين.
وخلُص إلى جواز قبلة الصائم ومباشرته للأدلة الصريحة المتواترة، وأنَّ هذا عند التأمُّل هو قول عامَّة أهل العلم، على ما اشترطوه من شروط، وما قيَّدوه من أحوال. وأمَّا القول بإفساد الصَّوم، والقول بالتحريم فهو قول نفر قليل من أهل العلم.
ثمَّ ختم الكتاب بذِكر بعض الفوائد، وبقائمة المصادر والمراجع التي اعتمد عليها في أبحاثه، وفهرس للموضوعات.