التعريف بموضوع الكتاب:
كتاب هذا الأسبوع يتحدَّث عن مسألةٍ من مسائل عِلم شريف، تُقدَّر به العقول، ويُعرف به قدْرُ القائل فيما يقول، ألَا وهو (علم المناسبة)، الذي يَشمل أمورًا عديدة؛ منها: (لمَ جُعِلت هذه الآيةُ إلى جَنْب هذِه؟ وما الحِكمة في جَعْل هذه السورة إلى جَنبِ هذه السُّورة؟)، ومنها: المناسبة في فواتِح آياتِ القرآن الكريم وخواتمها، والمؤلِّف يتناولُ في كتابه هذا مناسبةَ خاتمة الآية للآية نفْسها، وقد يَزيد فيتناول مناسبةَ هذه الخاتمة إلى سِياق الآية.
وقد بدأ المؤلِّف كتابَه بعِدَّة مختارات للتذكير والتنبيه، ثمَّ مقدِّمة، وتنبيهات، ثم سَرَد الآيات التي يتحدَّث عنها:
ففي المختارات : نبَّه المؤلِّف إلى أنَّ (الواجب أن يطالع القارئ مقدِّمة الكتاب؛ ليكشفَ منها ترتيبَه وغرض مصنِّفه، أمَّا أن يهجمَ على ما بداخل الكتاب، فلا بدَّ أنَّه واجدٌ ما لا يُرضيه، أو ما لا يَفهمه؛ فإنَّ المقدِّمة للكتاب كالبابِ للدَّار).
كما ذَكَر قول الرازيِّ المتعلِّق بموضوع كتابه: (لمَّا كان المتكلِّمُ أحكمَ الحاكمين، فلا بدَّ لهذه التغييرات من حِكم وفوائد).
وفي المقدِّمة: شرَح المقصود بعنوان الكتاب، مع توضيح ظروف تأليفه، وأنَّه لم يتناولِ آيَ القرآن كلَّها، إنَّما هي آيات قليلة بلَغ عددها (70) آية؛ مشيرًا إلى أنَّ سبب ذلك أمران: الأول: هو ضَعْف جهده عن تناول آيات القرآن كلها، والثاني: أنَّ الإحصاء والتتبُّع لم يكُن من قصده؛ لأنَّ الكتابة والتأليف لم تكُن خطرَتْ له على بال، وإنَّما كان التدوينُ فيها إنما هو (صيد خاطر)، اصطاده بسِنِّ قلمِه، وقيَّده في أوراق، وأنَّه ما يزال كتابًا مفتوحًا؛ قد يُضيف إليه كثيرًا، وأنَّه بالفعل توجد لديه مسائلُ كثيرة، لكنَّه لم يستطع إضافتها؛ لقلَّة الجهد، وعدم وجود المساعد.
ونبَّه المؤلِّف إلى أنَّ هذا الكتاب قدْ تمَّ تأليفه كلِّه في (الزَّمن الصعب) خلْفَ أسوار معتقلات الظلم والطغيان في مصر، على مدار عِدَّة سنوات، وكان هذا سببًا إلى وجود عدد من مسائل الكتاب غير موثَّقة.
كما أشار إلى علاقة كتابه هذا بعلم المناسبة، ممثِّلًا بكتاب ((نَظم الدُّرَر في تناسب الآيات والسور)) للإمام البقاعي، وأنَّه لم يتيسر له النظر فيه قبل صيد خاطره في هذا الكتاب، وأن هذا على ما فيه من نقص إلَّا أن فيه فضلًا أيضًا، وهو إعمال الفكر، وبذل الجهد، واستقلال العمل، سواء وافق غيره أم خالفه، أم جاء بما لم يُسبَق إليه.
وأشار كذلِك إلى علاقة كتابه بكتُب التفسير، وأنه يُعدُّ جزءًا من التفسير، أو مكمِّلًا له، ومساعدًا على فَهمه؛ فهو جمالُ التفسير وزينتُه؛ إذ به يتمُّ المعنى، ويتَّضح المراد.
وفي التنبيهات: ذكَر المؤلِّف ثلاثةَ عشر تنبيهًا تتعلَّق بالكتاب؛ منها: أنَّ كتابه ليس كله في المناسبة فقط، وإنَّما فيه فوائد في أمور أُخَر، ومنها: تنبيهٌ على بعض أمور فاتتْه ولم يستطع تداركها، مع ذِكر أسباب ذلك، ومنها: أنه حاول جَهدَه ألَّا يذكر من الأحاديث إلا الصَّحيح أو الحسن (لو بطرقه) فقط، ومنها: تنبيهٌ على التراجم، وآخَر على المراجع وكثرتها... إلخ من التنبيهات.
ثم بدأ المؤلِّف بسَرْد الآياتِ التي يتحدَّث عنها ، فيذكر خِتام الآية كعنوان، ثم يبدأ بالحديث عنها، وعن مناسبتها لسِياق الآية، مع سرْد الفوائد والحِكم في ذلك، والتعقيب أيضًا على بعض التفاسير.
ونظرًا لظروف تأليف الكتاب؛ فقد اختلفت طريقةُ التناول للآيات من حيث: طول النَّفَس في استقصاء الموضِع والكلام عليه، ومن حيثُ تحقيقُ المسألة إنْ كان قد سُبِق فيها المؤلِّف، أو كان في شيءٍ منها خلاف، ومن حيثُ التوثيقُ كذلك.
وقد بلَغ عددُ السور التي تحدَّث عن آياتها (35) سورة، هي: سورة البقرة - سورة آل عمران - سورة النساء - سورة المائدة - سورة الأنعام - سورة الأعراف - سورة الأنفال - سورة التوبة - سورة يونس - سورة هود - سورة يوسف - سورة الحجر - سورة النحل - سورة الحج - سورة المؤمنون - سورة النور - سورة الفرقان - سورة الشعراء - سورة القصص - سورة النمل - سورة العنكبوت - سورة لقمان - سورة الأحزاب - سورة سبأ - سورة فاطر - سورة ص - سورة الزُّمَر - سورة غافر - سورة فُصِّلت - سورة الشورى - سورة الزُّخرف - سورة الذاريات - سورة الرحمن - سورة التغابن - سورة الصَّف.
والكتاب جيِّدٌ في بابه، ولَيْتَ مؤلِّفَه -رحمه الله - أتمَّه.