التعريف بموضوع الكتاب:
كتابُ هذا الأسبوع يَهدِف إلى الاستفادة من النِّقاط المشرقة في تراثنا الفِكري
والحضاري, وترْك الاشتغال بما ضيَّع الأمَّة, وضيَّع عليها زمنًا مهمًّا في الجدل
العقيم, والتعلُّق بالفِكر الوافد دون فائدة.
وقد بدأ المؤلِّفُ كتابَه بمدخل إلى دراسة التراث الإسلامي, مبيِّنًا أنَّ تشخيص
العِلل، وبيان مكامن الخَلل، والنظر في قواعد منهج دراسة التراث هي أَوْلى الأوليات
في تأصيل المعرفة الإسلاميَّة، وتصحيح الأصول والغايات قبل أيِّ عملٍ آخَر في مجال
البِناء الفِكريِّ والحضاريِّ في الأمَّة.
ثم تحدَّث المؤلِّف عن أصناف الناظرين في التُّراث الإسلامي، وهم:
1- التراثيُّون والتغنِّي بالأمجاد.
2- دُعاة الحَدَاثة والثورة على التُّراث.
3- المستشرقون والغارة على التُّراث.
4- المتطفلون النَّكِرات والجُرأة على التُّراث.
5- العلماء والمفكِّرون النُّقَّاد ونخْل التراث.
كما تَطرَّق المؤلِّف إلى صنيع السَّلف في النَّقد والردِّ على المتقدِّمين, حيث
بيَّن أنَّ للسَّلف في صناعة نقد المعارف والآثار قدَمًا راسخةً، ويدًا صالحة؛ فهم
أوَّلُ مَن فتح هذا الباب, وفتَق ذاك الجلباب. كما أَوْضح أنَّ الفكر الإسلامي لا
يَخلُص ويستقيم إلَّا بعد غربلةِ تراث السَّلف ونَخْلِه، وتمحيص النافع والصالح منه
لزَماننا؛ حتى يسلمَ التنظير, ويستويَ البناء عليه، وهذا يرتبط بقواعد منهجية في
تاريخ الفكر الإسلامي، وهي:
1- إعادة النَّظر في مناهِج قراءة التُّراث.
2- نقْد المعرفة وتمييز الأصيل من الدَّخيل.
3- النَّظَر في مستقبليَّات الفِكر الإسلامي.
انتقل المؤلِّف بعد ذلك إلى فُصول الكتاب:
ففي الفصل الأوَّل: ذكر المؤلِّف الانحرافاتِ
المنهجيَّةَ في دراسة التراث الإسلامي، وحصرها في الآتي:
1- الجمود والتقليد، وتقديس آراء الرِّجال.
2- تأثير الأهواء في المعرِفة الإسلاميَّة, وتحدَّث في هذه النقطة عن موقِف السَّلف
من هذه الأهواء المُحْدَثات.
3- ضَعْف البَصر بصناعة نقْد الآثار والأفكار.
4- الانبهار بتيَّار الحدَاثة والثورة على القديم.
5- ضمورُ الاهتمام بالعلوم الكونيَّة, وهنا بيَّن المؤلِّف أنَّ من آفات الجِهل
بعلوم الكون معاداةَ وسائل التمدُّن.
6- الاشتغال بالدَّجَل والخُرافة على حِساب العِلم.
7- اختلال سُلَّم الأولويات في فِقه الخلاف والمواجهة.
8- تعالم النَّكِرات وخطره على التراث الإسلامي, وهنا ذكَر المؤلِّف مجموعةً من
أسباب تشييخ الصَّحيفة والمتطفِّلين, كما ذكَر عددًا من آثار التعالُم, فتحدَّث عن
التعالم وأثره في تحريف نصوص الشَّريعة, والتعالم في الفِقه والفتوى, والتعالُم
بالتطاوُل في أعراض العلماء.
وفي الفصل الثاني: عدَّد المؤلِّف معالم
المنهج الإسلامي في قِراءة التراث, فبدأ بمعالِم المنهج في النَّظر والتلقِّي،
ومنها:
1- تجريد التوحيد سبيلُ إسلاميَّة المعرفة, وهنا تحدَّث عن شُبهة الانفصام بين
العِلم والدِّين في المعرفة الإسلاميَّة, وعن دعوى تحرُّر الأُمم، وتقدُّم الحضارات
بالتخلُّص من الدِّين, كما بيَّن أنَّ شقاءَ الحضارة المادية كان بسبب بفصْل
الدِّين عن الحياة.
2- الظنُّ والهوى لا يُغنيان في العلم شيئًا.
3- كلُّ الناس يُؤخَذ من كلامه ويردُّ إلا النبي صلَّى الله عليه وسلَّم.
4- لا يصلُح القولُ بصلاح صاحبه، ولكن بدلالة الدَّليل عليه.
5- إن كنتَ ناقلًا فالصحة، أو مدعيًا فالدَّليل.
6- إذا صحَّ النقل، شهِد العقل. وتحت هذا المعلم تحدَّث المؤلِّف عن جُرأة
العقلانيِّين الجُدد في تحريف النُّصوص.
7- إذا جاء النصُّ، بطل الفص, والمراد بالفص ما يتولَّد من مفهوم الناس للأمور، ومن
ثمَّ سمَّى ابنُ عربي كتابه "فصوص الحكم", وتحدَّث عن فصوص دخيلة على المعرفة
الإسلاميَّة.
8- العِبرة في العلوم بكلام العلماء الرَّاسخين, وفي هذا المعلَم تكلَّم المؤلِّف
عن غوائلِ التعالمِ والأخْذِ عن غير المختصين.
9- لا يُؤمَر عالم بالتقليد، ولا عامِيٌّ بالاجتهاد.
ثم جاء المؤلِّف بمعالم المنهج في قواعد الخلاف، فذكر عِدَّة معالم، وهي:
1- ليس كلُّ خلاف جاء معتبرًا، مبيِّنًا أنَّ من شروط الخلاف المعتبَر:
• أن يكون المخالِفُ من أصحاب الأصول الصَّحيحة.
• أن يكون المخالِف من أُولي النظر والاجتهاد.
• أن يكون مناطُ الحُكم المخالف معتبرًا.
2- لا عِبرةَ بخلاف أهل الأهواء في تفسير التُّراث.
3- زلَّات العلماء ليست حُجَّةً على أحد من المسلمين.
4- زلَّة العالم لا تُوجِب إهدار محاسنِه.
5- لا إنكارَ في مسائل الخلاف المعتبَر, وهنا تطرَّق المؤلِّف إلى لحديث عن أدَب
الخِلاف بين السَّلَف.
6- ترتيب الأولويات، وتقديم المعضلات.
انتَقَل المؤلِّف بعد ذلك إلى ذِكر معالم نقْد المعرفة ونخْل التراث، وهنا بيَّن
أنَّ:
1- فَهم السلف أسدُّ وأقوم، ومذهبهم أعلمُ وأحكم.
2- لا نعصم العلماء ولا نُؤثِّمهم.
3- نأخُذ النص، وننسخ الشخص.
4- مراعاة المذاهب بالدَّليل، واطِّراح التقليد والتزيين, وأنَّ اتباع المذهب
بدليله لا بقائله, كما بيَّن المؤلِّف أنه يجب الحذرُ من داء العصبيَّة للمذاهب.
5- قول الأكثرين والمشهورين ليس حُجَّةً على المسلمين.
6- الحذر من تحريف الغالين، وانتحال المبطِلين.
ثم عقَد المؤلِّف فصلًا ثالثًا، خصَّصه للحديث
عن التقويم العامِّ لمجالات قِراءة التراث الإسلامي, وفيه تحدَّث عن عِلم التوحيد
ومذاهب المتكلِّمين, فتناول أهميتَه بين علوم الشَّريعة, ونشأته وتطوُّرَه, كما
تطرَّق إلى ظهور عِلم الكلام وفِرق المتكلِّمين، ذاكرًا أسباب هذا الظهور، كالآتي:
1- الانحرافات السِّياسيَّة زمنَ الأُمويِّين.
2- الفضول العالَمي عند المسلمين.
3- دَعْوَى صيانة العقيدة من شُبَه الخصوم.
ثم تحدَّث عن بعض البِدع كبدعة التشبيه عند المجسِّمة, وبدعة الجهميَّة القدريَّة,
كما تناول موضوعَ عِلم الكلام ومدارسه
وموقِف السَّلف منه.
بعد ذلك تحدَّث المؤلِّف عن الفلسفة والمنطق، وأثرهما في المعرفة الإسلاميَّة, كما
تحدَّث عن التصوف وأثره على الفِكر الإسلامي، ومعالم الانحراف في تاريخه.