التعريفُ بموضوعِ الكتابِ
إنَّ عِلم العقيدةِ من أهَمِّ العلومِ الشَّرْعيةِ وأخطَرِها، كيف لا؟! وهو العِلمُ الذي يُعقَد عليه القلبُ، ويتميَّز فيه الخلقُ بين مؤمنٍ وكافرٍ، وقد قال الله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: 19]؛ فقدَّم الأمرَ بمعرفةِ التوحيدِ على الأمرِ بالاستغفارِ؛ لذلك قال الشافعيُّ رحمه الله: "أَحْكَمْنا ذاك قبل هذا"، أي: علمَ التوحيدِ قبلَ فُروعِ الفِقْه.
وكتابُ هذا الأسبوع يَتناولُ فيه المُؤلِّف جملةً من البُحوث والمقالاتِ المتنوِّعةِ كُلُّها في شأنِ العقيدةِ، نُشِرَت في عددٍ من المنتدياتِ والمواقِعِ الإلكترونيَّة، وقد أعمَلَ فيها المؤلِّفُ نَظَره وقَلَمَه في بعض فِقْراتها إضافةً وتعديلًا وحَذْفًا؛ كي تكونَ إضاءةً في طريقةِ التَّحريرِ للمسائِلِ العَقَديَّة.
قسَّم المُؤلِّف كتابَه هذا إلى مُقَدِّمة، وعِدَّة تحريراتٍ، وتحتَ كلِّ تحريرٍ ما يُناسِبُه من قضايا ومسائِلَ، كما ذَكَر عِدَّة مقالاتٍ مُتَنوِّعة في بابِ العقيدةِ.
فتَحْتَ: تحرير موقِفِ الصَّحابةِ من المرتَدِّينَ ذكر مدخلًا تحدَّث فيه عن ظاهرةِ الرِّدَّة، وأنَّها عبارةٌ عن حالةِ ارتدادٍ واسعةٍ وقعتْ من قبائِلِ العَرَب في الجزيرة عن قَبُولهم الإسلامَ أو بعضَ شرائِعِه، وتَحدَّث عن دَوْر الصَّحابة الكِرامِ في مواجَهَتِها ومقاوَمَتِها. ثم ذكر ثلاثَ قضايا بيانُها على النَّحْو التالي:
القضيَّةُ الأولى: تحريرُ مَوْقِف الصَّحابة مِن حُكْم المُرْتَدِّينَ
القضية الثانية: تحريرُ موقِف الصَّحابة في قِتال أهْلِ الرِّدَّة
ذكَر تحت هذه القضيَّة أنَّ وجوبَ قِتالِ المرتدِّينَ ثابتٌ بإجماعِ الصحابةِ، ولم يكن مجرَّد فِعْل ٍسياسيٍّ مصلحيٍّ، بل هو أمرٌ شرعيٌّ له دَلالاتٌ شرعيَّة عديدةٌ.
القضية الثَّالثة: تحريرُ السَّبب الدَّافعِ لقِتال الصَّحابة للمرتَدِّينَ وتحديدُ المناطِ المؤَثِّر في حُرُوبهم تلك
وفيها بيَّنَ أنَّ المرتَدِّينَ كانوا على صِنْفين: الصِّنف الأوَّل: مَن تَرَك التديُّنَ بالإسلام جملةً، وهؤلاء أجمَعَ العلماءُ على أنَّ مُوجِبَ قتالِ الصحابةِ لهم هو كونُهم ارتدُّوا عن الدِّينِ.
وأمَّا الصِنْف الآخَر، وهم الذين مَنَعوا الزَّكاة، فقد ذهب بعضُ العلماء إلى أنَّ الموجِبَ لقتالهم هو البَغْيُ.
وتحت: تحرير موقِفِ ابنِ تيميَّة في حُكم الرَّافضة ذكر مسألتينِ:
الأولى: كلامُ ابنِ تيميَّة الذي يَدلُّ على عَدَمِ كُفر أعيانِ الرَّافِضَة
انتهى فيها إلى أنَّ الشِّيعة على ثلاثة أقسامٍ:
قِسْم كافِر بالإجماعِ: ومن هؤلاء: الشِّيعةُ الإسماعيليَّة والنُّصَيريَّة والقرامِطَة والغُلاة في عليٍّ.
قِسْم غير كافِر بالإجماع: ومِن هؤلاءِ: الشِّيعةُ المفَضِّلةُ.
قِسْم وقَعَ فيه خِلافٌ بين العلماء: ومن هؤلاء الرَّافِضَة.
المسألة الثانية: الكلامُ على ما أَشْكَلَ من كلام ابن تيميَّة في حُكم الرَّافضة
انتهَى فيها بعد نُقولاتٍ لابن تيميَّة: أنَّه لا يمكن أن يُؤخَذَ منها أنَّه كان يُكَفِّرُ الرافضةَ بأعيانِهِم، وإنَّما لا بدَّ من توفُّر شروطٍ مُعيَّنة.
وتحت: تحرير رأي ابنِ تيميَّة في انقسامِ الدِّينِ إلى أصولٍ وفروعٍ ذكَر مسألتين:
الأولى: كلام ابنِ تيميَّةَ الذي يدلُّ على أنَّ تقسيمَ الدِّينِ إلى أصولٍ وفروعٍ صحيحٌ مقبولٌ
وفيها انتهى إلى أنَّ ابنَ تيميَّةَ ممَّن يقولُ بانقسامِ الدِّينِ إلى أصولٍ وفروعٍ، وأنَّه من المُعْتَبِرينَ له، وأنَّ جِهةَ البُطلانِ عنده ليستْ راجعةً إلى أصله، وإنَّما إلى تفاصيلِه المذكورة له؛ إمَّا من جِهَة الضابطِ أو من جِهةِ الحُكْمِ المرتَّبِ عليه.
والمسألة الثانية: كلامه الذي فُهِمَ منه أنَّه يُنكِر أصلَ التَّقسيمِ
وخَلَص فيها إلى أنَّ ابن تيميَّةَ لا يُنكِرُ التقسيمَ، بل يُنكِر فيه أمرينِ:
الأوَّل: الضَّوابط التي ذُكِرَت له. والثاني: الأحكام التي رُتِّبَت على هذا التقسيمِ.
ومن المقالاتِ المُتَنوِّعة التي ذَكرَها في بابِ العَقيدةِ:
- المنهج العقليُّ عند الإمام أحمد بن حنبل- قِراءة تحليليَّة
- ظاهِرَةُ التساهُلِ في إطلاقِ أوصافِ التَّفْسيقِ والتَّضْليل
- بَراءةُ الأشاعِرَة من مذهَبِ أهلِ السُّنَّة والجماعة
وتحت عنوان: تميُّز ابنِ تيميَّة في نَقْدِ المنطقِ الأُرسطيِّ ذكر مبحثينِ:
المبحث الأوَّل: المواقِفُ الإجماليَّة من مَنْطِق أرسطو وفيه ذكر مَوْقفينِ:
موقف المُؤَيِّدينَ: وذكر منهم: ابن سينا، وابن رشد، وابن حزم، والغزاليَّ.
موقف المُعارضينَ: وذكر منهم المتقدِّمينَ مِن علماء المسلمينَ ونُظَراءَهم من السَّلَف.
المبحث الثاني: مواقِفُ النَّاس مِن تميُّز نقدِ ابنِ تيميَّة للمَنْطِق
وفيه أيضًا ذكَرَ موقفينِ: موقِف المؤيِّدين لتميُّزه: وذكر منهم: عبد اللطيف العبد، والشيخ مصطفى عبد الرَّزَّاق، وعلي سامي النشَّار. وموقف المُعارِضينَ: وذكر منهم: البوطي، وعبد الله العروي.
والكتاب مفيد وماتع.