التَّعريفُ بموضوعِ الكتابِ
من كمالِ الشَّريعة الإسلامية؛ صلاحيَّتُها لكُلِّ زمانٍ ومكانٍ، ومن أظهَرِ ذلك ما يجِدُهُ الناظرُ في مسائلِ الفِقه وسَعتِها، وعلاجِها لما يُشكل على الناس على مرِّ العصور.
ولأنَّ كلَّ عصرٍ لا يخلو من مسألةٍ حادثةٍ أو مُعضلةٍ نازلةٍ، تكثُرُ حاجةُ الناس لمعرفةِ حجمِها بقدرِ كثرةِ تعامُلِهم مع هذه النازلةِ؛ لذلك يجتهدُ العُلَماء في حلِّ ما أشكل، وردِّ الحُكم إلى أُصولِهِ التي يُبنى الحُكم عليها.
وكتابُنا الذي نُعرف به ((نوازلُ المساجِدِ، دراسةٌ فقهيةٌ تطبيقيةٌ)) يتطرَّق إلى جانبٍ من جوانبِ هذا الموضوعِ، حيث جمعَ فيه مُؤلِّفه ما استجدَّ في أحكامِ المسجدِ؛ باعتباره مكانًا موقوفًا ترتَّب على وقفِهِ أحكامٌ شرعيةٌ، وقد أشار المُؤلِّف أنه لم يتطرَّقْ في هذا البحث إلى نوازلِ المسجدِ المُتعلِّقةِ بأحكامِ المُكلَّفينَ، أو العباداتِ المؤدَّاةِ فيه.
وقد قسَّم المُؤلِّف البحثَ إلى: مُقدِّمة، وتمهيدٍ، وثمانيةِ أبوابٍ، وخاتمةٍ، وفهارسَ.
فذكَرَ في المُقدِّمة أُمورًا منها:
أسبابُ اختيارِ الموضوعِ والتي ذكَرَ منها:
- كثرةُ النوازلِ المُتجدِّدة فيما يتعلَّق بالمسجد باعتباره مكانًا موقوفًا.
- وجودُ لَبسٍ لدى بعض الأفرادِ أو المُؤسَّسات، وهو اعتقادُ حُرية التصرُّفِ في المسجدِ، سواءٌ عند إنشائه، أو فيما يحدُث فيه بعد ذلك.
- وجودُ تطبيقاتٍ قضائيةٍ في بعض نوازلِ المسجدِ، اختلَفَ نظرُ أصحابِ الفضيلةِ القضاةِ فيها، نظرًا لعدم تحريرها.
ثم ذكَرَ طريقتَه في دراسةِ النوازل؛ ومن ذلك:
- تقسيمُها إلى أبوابٍ، وجمعُ النوازل المُتشابهةِ والمترابطةِ معًا.
- ذِكرُ النازلةِ وتصويرُ واقعِها، مع ذِكر أمثلةٍ عليها إن تيسَّر ذلك.
- بيانُ الحُكم الفِقهي فيها وَفق المنهج المُعتَبَر في ذلك.
- إن كان في النازلة تطبيقٌ قضائيٌّ، عقَدَ له مبحثًا أو فرعًا مستقلًّا، كذلك إن كان لها عَلاقةٌ بنظامٍ أو لائحةٍ معمولٍ بها عقَدَ لذلك النظام وتلك اللائحة مبحثًا أو فرعًا.
ثم التَّمهيدُ والذي ذكَرَ فيه:
تعريفَ النازلة: والذي اختار لها تعريفًا أنها: (واقعةٌ مٌستجدَّة تَستدعي حُكمًا شرعيًّا).
وأشار إلى أنَّ النَّوازل على نوعَينِ:
- نوازلُ تقعُ لأوَّل مرَّةٍ لا يُوجد لها سابقُ كلامٍ في كُتُب الفقهاء.
- نوازلُ أوردها الفُقَهاء السابقون، لكن طرَأَ عليها ما يَستدعي إعادةَ النظر والاجتهاد.
ونوَّه المُؤلِّف إلى أنه ينبغي أن يشمَلَ البحثُ في النوازل النوعَينِ كليهما.
وذكَرَ كذلك أهميةَ دراسةِ النَّوازل ومنها:
- كثرةُ النَّوازل المعاصرة التي يحتاجُ الناسُ فيها إلى معرفة حُكمها الشرعي.
- ما وقعَ بسبب الأنظمةِ التي تُصدرها بعض الدُّوَل ما يَستدعي تغيُّر الحُكم الشرعي في النازلة.
- تعزيزُ النَّظر المقاصِديِّ في التأصيل الفِقهي.
ثم انتقَلَ المُؤلِّف إلى تعريفِ المسجدِ، وبعد أن ذكَرَ تعريفاتِ الفقهاء للمسجد اختار تعريفَ أن المسجد هو: (المبنى المُسبَّل لأداءِ الصَّلواتِ الخَمسِ وغيرِها).
ثم كان البابُ الأولُ والذي تناول فيه المُؤلِّف المسائِلَ الخاصَّة بالنَّوازل المُتعلِّقة بوقفيَّةِ المسجِدِ.
ومن المسائل المدروسةِ في هذا الباب: النوازلُ المُتعلِّقةُ بالمساجدِ غيرِ الدائمةِ (المُؤقَّتة): وذكَرَ أن عدمَ دوامِها يعود إلى أسبابٍ منها:
- عدمُ مِلكيَّتِها لباني المسجدِ، مِثلَ مساجد المحطَّات والأسواقِ.
- وقتيَّةُ الصلاةِ فيها بألَّا يُصلى فيها جميعُ الأوقات كمساجدِ الدَّوائر الحكومية.
ومن المسائلِ المدروسةِ كذلك في هذا البابِ النوازلُ المُتعلِّقةُ بالمساجدِ المملوكةِ لجهاتٍ أو أفرادٍ في المراكز الإسلامية، وكذلك النوازلُ المُتعلِّقةُ بتغيُّر وقفيَّة المسجدِ، وكان من طريقتِهِ في كلِّ مسألةٍ ذِكرُ صورتِها، والتكييفِ الفِقهي لها، والأحكامِ المُتعلِّقةِ بها.
ثم كان البابُ الثاني والذي درَسَ فيه المُؤلِّف النوازلَ المُتعلِّقةَ بتصميمِ المسجد وبنائِهِ.
وذكَرَ فيه ضوابطَ بناءِ المسجدِ؛ ومما ذكره من ضوابطَ:
- الإخلاصُ.
- الالتزامُ بالمنهج الشرعي في البناء.
- مُراعاةُ الهيئةِ الشرعيَّةِ في بناء المسجد.
- الإتقانُ في العمل.
- الاقتِصادُ في البناء وعدمُ التكلُّف.
ومن المسائلِ المدروسةِ في هذا الباب مسائلُ عُقودِ بناءِ المسجدِ وصيانتِهِ، ومسألةُ بناءِ المسجدِ على أشكالٍ هندسيَّةٍ بسبب جِهة القِبلةِ، أو شكلِ الأرضِ، وذكر بأنه يجوزُ بناُء المسجدِ على الشَّكل الممكنِ من الأرضِ، سواءٌ كانت دائريةً، أو مُتوازيةَ الأضلاعِ، أو غيرَ ذلك، وذكر أنَّ الأصلَ في بناء المسجدِ أن يُراعى فيه:
- الاستفادةُ من الأرضِ الموقوفةِ للمسجدِ.
- مُراعاةُ اتجاه القِبْلة عند بناء المسجدِ.
أما إذا كان البناءُ على الشَّكل الهندسيِّ لغير حاجةٍ، بل فقط رغبةً في التفنُّن المِعْماري، فقد ذكر أن الظاهِرَ كراهةُ بناء المسجد على هذه الأشكالِ.
ومن المسائلِ المدروسةِ كذلك في هذا الباب:
النوازلُ الخاصَّة بتمويلِ بناءِ المسجدِ، والنوازلُ الخاصَّة بدَيمومةِ بناء المسجد، والنوازلُ الخاصَّة بالأبواب في المسجد.
ثم البابُ الثالثُ والذي خصَّصه المُؤلِّف لدراسةِ النَّوازل المُتعلِّقة بمُلحَقاتِ المسجدِ.
وفيه من المسائلِ المدروسةِ: مِنبرُ المسجدِ، أماكنُ الوضوءِ، دُور تعليمِ القرآنِ الكريمِ في المسجدِ، وأشار إلى أنه يجوزُ أن يعمدَ إلى تخصيصِ جُزءٍ من المسجدِ؛ ليكون مكانًا لتعليمِ القُرآنِ، لكن دُون فَصلٍ لهذا الجُزءِ عن بقيَّة المسجدِ.
أما البابُ الرابعُ فقد كان مُخصَّصًا لدراسةِ النَّوازلِ المُتعلِّقة بأثاثِ المسجدِ، ونظافتِهِ، وغيرها من المسائل.
وفي البابِ الخامسِ كان الحديثُ عن النَّوازل المُتعلِّقةِ بالخِدْماتِ، ووسائلِ الاتصالِ في المسجدِ؛ ومما تناوله فيه مسائلُ منها: المُصحَفُ الإلكترونيُّ في المسجد، ونبَّه أنه لا يكون عِوضًا عن المُصحَفِ المكتوبِ عند وَقفِ مصاحِفَ على المسجدِ، أو عندَ الرَّغبةِ في توفيرِها في المسجدِ كجُزءٍ من تجهيزِ المسجدِ بما أُوقف لبنائه من مالٍ، ومسألةُ جهاز مانع الاتِّصالِ اللَّاسلكيِّ، وغيرُها من المسائلِ.
أما البابُ السادسُ فكان عن النَّوازلِ المُتعلِّقةِ باستخدامِ المسجدِ لغير ما بُني له، ومن المسائلِ المدروسةِ فيه مسألةُ استخدامِ المسجدِ مكانًا لإقامةِ المُناسباتِ وللطَّعامِ، وذكَرَ أنه لا يجوزُ استخدامُ المسجدِ لإقامة وليمةِ النكاحِ، وما شابَهَها، وذكَرَ الأدِلَّة على ذلك.
ومن المسائِلِ المدروسةِ كذلك: استخدامُ المسجدِ مكانًا للعزاءِ والمآتِمِ، وغيرِ ذلك.
ثم كان البابُ السابعُ عن النَّوازلِ المُتعلِّقةِ باستِخدام المسجدِ أو أجزائِهِ للإعلانِ.
وكان البابُ الثامنُ والأخيرُ مُخصَّصًا لدراسة النَّوازلِ المُتعلِّقةِ بالمسؤوليَّةِ عن الإهمالِ في المساجدِ، وما يُلحق بها
ثم كانت خاتمةُ الكتابِ، وفيها تلخيصٌ مُركَّز لمُحتوياتِ الكتابِ.
والكتابُ فريدٌ في بابِهِ وحافلٌ بالمسائِلِ.
اللغة