مَشروعيَّةُ صِيامِ يوْمِ عَرَفةَ واستِحبابُه
والرَّدُّ على النَّوْكَى والمتَهَوِّكين
بقَلَم عَلَوي بن عبد القادر السَّقَّاف
المُشرِفِ العامِّ على مُؤسَّسة الدُّرَر السَّنِيَّة
6 ذو الحجة 1441هـ
الحَمدُ للهِ الذي جعَلَ في كلِّ زمانٍ عُلماءَ ربَّانيِّينَ يَحمِلونَ هذا العِلمَ، ويَنفُونَ عنه تَحريفَ المتهوِّكينَ الغالِين، وتأويلَ النَّوكَى الجاهِلِين، وانتحالَ الضالِّينَ المُبطِلِين، والصلاةُ والسلامُ على خاتَمِ الأنبياءِ والمُرْسلِين، الذي ترَكَنا على المَحجَّةِ البيضاءِ ليلُها كنَهارِها لا يَزيغُ عنها إلَّا مَن كان مِن الهالِكِين.
أمَّا بعدُ:
فمَا زِلْنا نسمَعُ ونقرأُ بيْن الفَينةِ والأُخرى لأُناسٍ يُثيرونَ مَسائِلَ اتَّفقَتِ الأُمَّةُ على حُكمِها، يُبلبِلُونَ بها العامَّةَ ويُشكِّكونَهم في دِينِهم وسُنَّةِ نبيِّهم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ويُزعزِعونَ ثِقتَهم بعُلمائِهم، حتى بِتْنَا نسمَعُ مِن العامَّةِ مَن يقولُ: ما أصبَحْنا نثِقُ في شيءٍ ولا في أحدٍ، تارةً تُحرِّمونَ وتارةً تُجيزونَ!
ولهذه الإثارةِ والبَلْبَلةِ وهذا التَّشكيكِ خُطورةٌ كبيرةٌ، تتمثَّلُ في الآتِي:
1- أنَّ هذه الآراءَ تُمثِّلُ حَلْقةً في فِكرةِ إعادةِ دِراسةِ النُّصوصِ الشرعيةِ مِن بدايتِها، والحُكمِ على الأحاديث، واستِنتاجِ الأحكامِ منها بفِكرٍ مُنعزِلٍ عمَّا قاله العُلماءُ الأوَّلون، وانتقاءِ بعضِ ما قالَه الأوَّلون كما يهْوون، واجتزاءِ النُّصوصِ بما يُحِيل معانيَها، دونَ الإشارةِ إلى وُجودِ نُصوصٍ أُخرى تُشِير إلى تعدُّدِ الأوجهِ في المسألةِ؛ وكلُّ ذلك بهَدفِ استنتاجِ أحكامٍ جديدةٍ في مَسائلَ تمَّ البتُّ فيها وانتهى أمْرُها، وهذا يُمثِّلُ مَدخلًا لِهَدمِ الدِّين كلِّه، بزَعمِ التَّجديدِ، أو تصويبِ أخطاءِ السابقينَ كلِّهم دونَ وقوفٍ عند حدٍّ.
2- أنَّها تُمثِّلُ حَلْقةً في هَدمِ قواعدَ وأُصولٍ ثابتةٍ، مِثلِ هَدمِ فِكرةِ الإجماعِ على حُكمٍ معيَّنٍ، وهَدمِ فِكرةِ توثيقِ ما ورَد في كُتبِ الحَديثِ المُعتمَدةِ، وخاصَّةً البُخاريَّ ومُسلمًا؛ وهذا شرٌّ عظيمٌ.
3- وأيضًا يُمثِّلُ هذا النَّهْجُ تَدليسًا كبيرًا على العامَّةِ في الأحكامِ الشرعيَّةِ، بما يُخالِفُ ما تعارَفَ عليه العلماءُ منذ القِدَمِ، وتلقَّاه الناسُ بالقَبولِ، وعمِلوا به عَبرَ الأجيالِ؛ وهذا ما يَعمَلُ على زَعزعةِ يَقينِ الناسِ في دِينهم، فتَجِدُهم يأخذون بجُزءٍ مِن النِّصوصِ المَبتورةِ عن سِياقِها، وبرأْيِ بَعضٍ مِن العلماءِ دونَ إشارةٍ لغيرِهم ممَّن يُؤيِّدون الرأيَ الأرجَحَ الذي عمِلَتْ به الأُمَّةُ، ودونَ جمْعٍ عِلميٍّ بيْن الأحاديثِ المُتعدِّدةِ في الموضوعِ.
4– أنَّه يُمثِّلُ خُطوةً في إهدارِ قِيمةِ العُلماءِ عامَّةً من السَّلفِ والخلَفِ؛ بالتَّشكيكِ الخَفِيِّ والتلميحِ بأنهم غيرُ أُمناءَ في نقْلِ حَقائقِ الدِّينِ وصَحيحِ الأحكامِ، والتصريحِ بأنَّهم يُحكِّمون آراءَ الرِّجالِ على صَحيحِ النُّصوصِ؛ وهذه دَعوَى مُنفلِتةٌ وخطيرةٌ، حتى إنْ كانتْ نِيَّةُ المتحدِّثِين لا تَذهَبُ إلى ذلك، ولكنَّ أقوالَهم تُوصِلُ إلى هذه النتيجةِ حتمًا.
هذا، ومِن المسائِل التي تُطرَحُ كلَّ عامٍ في مِثلِ هذه الأيَّامِ العَشْر الفاضلةِ: مسألةُ صَومِ يومِ عَرفةَ، حيثُ يَزعُمُ بعضُ النَّوكَى والمتهوِّكِينَ أنَّه غيرُ مَشروعٍ صومُه للحاجِّ ولا لغيرِ الحاجِّ، ويَزعُمون أنَّ الأحاديثَ الواردةَ في الحثِّ على صِيامِه واستحبابِه لغيرِ الواقفِ بعَرَفةَ ضعيفةٌ ولا يُحتَجُّ بها! ويَدَّعونَ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والصحابةَ رَضيَ اللهُ عنهم لم يَصومُوه، إلى آخِرِ هذه التُّرَّهاتِ!!
وقبْلَ إيرادِ شُبهاتِهم وما يُدلِّسون به على العامَّةِ، والردِّ عليها، يَحسُنُ التأسيسُ العِلميُّ لهذه المسألةِ، بناءً على ما ثبَتَ في السُّنَّةِ الصَّحيحةِ وفِعلِ الصحابةِ، وأقوالِ عُلماءِ الأُمَّةِ وفُقهائِها، ممَّا يَكتفِي به مَن عصمَه اللهُ مِن الاطِّلاعِ على هذه الشُّبهاتِ.
أولًا: حثُّ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على صِيام يومِ عَرفةَ
ثبَت في صَحيحِ مُسلمٍ مِن حِديثِ أبي قَتادةَ رَضيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: ((صِيامُ يَومِ عَرفةَ أحتسِبُ على اللهِ أنْ يُكفِّرَ السَّنةَ التي قَبْلَه، والسَّنةَ التي بعْدَه))([1])، وهذا حديثٌ صحيحٌ لا مَطعَنَ فيه، صحَّحَه جمعٌ غفيرٌ مِن العُلماءِ، ويَكفي أنَّه في صحيحِ الإمامِ مُسلمٍ الذي اتَّفقَتِ الأُمَّةُ على صِحَّتِه.
ثانيًا: فِعلُ الصَّحابةِ رَضيَ اللهُ عنهم
1- قال ابنُ جريرٍ الطَّبريُّ: (وقدِ اختارَ صوْمَه على إفْطارِه جَماعةٌ مِن الصحابةِ والتابعينَ، حتى لقد صامَه جَماعةٌ منهم بعرَفةَ)([2]).
2- وقال ابنُ عبدِ البرِّ: (كان ابنُ الزُّبيرِ وعائِشةُ يَصومانِ يومَ عَرفةَ، وعن عُمرَ بنِ الخطَّابِ وعثمانَ بنِ أبي العاصي مِثْلُ ذلك)([3]).
3- ونقَل ابنُ حزْمٍ: أنَّه قد صامَه غيرُ واحدٍ مِن الصحابةِ؛ منهم: عثمانُ بنُ عفَّانَ في يَومٍ حارٍّ يُظلَّلُ عليه، وعائِشةُ أمُّ المؤمنين كانتْ تصومُ يومَ عَرفةَ في الحجِّ([4]).
4- وممَّا يدُلُّ على أنَّ صومَ يومِ عَرفةَ كان معروفًا لدَى الصحابةِ رَضيَ اللهُ عنهم في عَهدِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ما جاءَ عن أُمِّ الفَضلِ بِنتِ الحارثِ: ((أنَّ ناسًا تمارَوْا عِندَها يومَ عَرفةَ في صَومِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ فقال بَعضُهم: هو صائِمٌ، وقال بعضُهم: ليس بصائمٍ. فأرسَلَتْ إليه بقَدَحِ لَبنٍ وهو واقفٌ على بَعيرِه، فشرِبَه))([5]).
وقد علَّق الحافظُ ابنُ حَجرٍ على هذا بقولِه: (هذا يُشعِرُ بأنَّ صومَ يومِ عَرفةَ كان مَعروفًا عِندَهم، مُعتادًا لهم في الحَضَرِ، وكأنَّ مَن جزَمَ بأنه صائمٌ استنَدَ إلى ما ألِفَه مِن العِبادةِ، ومَن جزَم بأنَّه غيرُ صائمٍ قامتْ عِندَه قَرينةُ كَونِه مسافِرًا، وقدْ عُرِفَ نَهيُه عن صومِ الفَرْضِ في السَّفَرِ، فضْلًا عن النَّفْلِ)([6]).
5- وقال الشَّوكانيُّ عندَ شرحِه لحديثِ أبي قَتادةَ: (والحديثُ يدُلُّ على استِحبابِ صومِ يومِ عَرفةَ، وكذلك الأحاديثُ الواردةُ في معناه التي قدَّمْنا الإشارةَ إليها، وإلى ذلك ذهَبَ عُمرُ، وعائشةُ، وابنُ الزُّبيرِ، وأُسامةُ بنُ زيدٍ، وعُثمانُ بن أبي العاصِ، والعِترةُ، وكان ذلك يُعجِبُ الحَسنَ ويَحكِيه عن عُثمانَ...)([7]).
ثالثًا: أقوالُ العُلماءِ والفُقهاءِ
1- نقَل ابنُ عبد البَرِّ إجماعَ العُلماءِ –وعلى رأسِهم صحابةُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- على مَشروعيَّةِ صِيامِ يومِ عَرَفةَ بغيرِ مَكَّةَ؛ حيثُ قال: (وقد أجمَع العُلماءُ على أنَّ يومَ عَرفةَ جائزٌ صِيامُه للمُتمتِّعِ إذا لم يجِدْ هدْيًا، وأنَّه جائزٌ صِيامُه بغيرِ مكَّةَ، ومَن كرِهَ صومَه بعَرَفةَ فإنَّما كرِهَه مِن أجْلِ الضَّعفِ عن الدُّعاءِ والعَملِ في ذلك الموقفِ والنَّصبِ للهِ فيه...)([8])
2- اتَّفقتِ المذاهبُ الفِقهيةُ الأربعةُ: الحنَفيةُ([9])، والمالكيَّة([10])، والشافعيَّة([11])، والحنابِلةُ([12])، على استِحبابِ صَومِ يومِ عَرفةَ، وممَّن نقَل الاتِّفاقَ على ذلك: ابنُ هُبيرةَ فقال: (اتَّفقوا على أنَّ صومَ يومِ عَرفةَ مُستحَبٌّ لمَن لم يكُنْ بعرَفةَ) ([13]).
3- وهو أيضًا قولُ الظاهِريَّةِ -للحاجِّ وغيرِه- كما نصَّ على ذلك ابنُ حزْمٍ([14]).
4- وهو أيضًا قولُ الطبَريِّ، وابنِ عبدِ البرِّ، وابنِ العرَبيِّ، وابنِ قُدامةَ، والنوويِّ، وابنِ تَيميَّةَ، وابنِ حَجرٍ، والشوكاني، وغيرِهم مِن العُلماءِ.
5- قال النَّوويُّ في شرْحِه لصحيحِ مُسلِمٍ: (ليس في صَومِ هذه التِّسعةِ كَراهةٌ، بل هي مُستحبَّةٌ استِحبابًا شديدًا، لا سيَّما التاسعُ منها، وهو يومُ عَرفةَ)([15]).
6- وقال الشَّوكانيُّ: (صوْم هذا اليومِ -يعني: يومَ عَرفةَ- مُستحَبٌّ لكلِّ أحدٍ، مَكروهٌ لمَن كان بعَرفاتٍ حاجًّا)([16]).
7- وكذلك أفْتَى باستِحبابِ صَومِ يومِ عَرفةَ لغيرِ الحُجاجِ عامَّةُ عُلماءِ هذا العَصرِ وفُقهائِه، منهم: محمَّد بنُ إبراهيمَ([17])، وابنُ بازٍ([18])، والألبانيُّ([19])، وابنُ عُثَيمين([20])، واللَّجنةُ الدائمة للإفتاء بالسُّعودية([21])، ودارُ الإفتاءِ المِصرية ([22]).
ولم يقُلْ أحدٌ مِن العُلماءِ المتقدِّمينَ والمتأخِّرينَ ولا المحقِّقينَ مِن المعاصِرينَ بعَدمِ مَشروعيَّةِ صِيامِ يومِ عَرَفةَ لغيرِ الحاجِّ، إنَّما هذا قولُ بعضِ النَّوكَى والمتهوِّكِينَ مِن المعاصِرينَ، وفيما يلي الردُّ على شُبهاتِ هؤلاءِ ودَحْضُها.
شُبهاتُ القائِلينَ بعَدمِ مَشروعيَّةِ صَومِ يَومِ عَرفةَ والردُّ عليها
إنَّ ممَّا يُؤسَفُ له أنْ يَقضيَ المرءُ وقتًا في الردِّ على مِثلِ هذا القولِ الحادِثِ، أو أنْ يَشغَلَ نفْسَه بقِراءتِه، لكنْ ما العملُ إذا كان هؤلاء يَنشُرونَ تُرَّهاتِهم هذه في وَسائلِ الإعلامِ المسموعةِ والمرئيَّةِ والمقروءةِ عبْر وسائِلِ التواصُلِ الاجتماعيِّ وغيرها، ويبثُّونَ سُمومَهم وشُبهاتِهم بيْن العامَّةِ، ويَصْرِفونهم عن عِبادةِ ربِّهم في مِثلِ هذه الأيَّامِ العَشرِ المُبارَكةِ، التي قال عنها النبيُّ صلَّى الله عليه وسلم: (ما من أيامٍ العملُ الصالحُ فيهنّ أحبُّ إلى اللهِ من هذهِ الأيامِ العشرِ)([23])، بلْ يُزهِّدونَهم في صوْمِ يومٍ هو من أعْظَمِ أيامِ السَّنة، ألَا وهو يومُ عرَفةَ؛ فإلَى اللهِ المشتكَى!
وَبَعْضُ الدَّاءِ مُلْتَمَسٌ شِفاهُ |
|
ودَاءُ النُّوكِ ليسَ لَهُ شِفاءُ([24])! |
فمِن شُبهاتِهم:
1- زعْمُهم أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لم يَصُمْه واستشهادُهم بحديثِ أُمِّ الفَضلِ بِنتِ الحارثِ: ((أنَّ ناسًا تمارَوْا عِندَها يومَ عَرفةَ في صَومِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ فقال بعضُهم: هو صائمٌ، وقال بعضُهم: ليس بصائمٍ. فأرسَلَتْ إليه بقَدَحِ لَبنٍ وهو واقفٌ على بَعيرِه، فشَرِبَه))([25]).
وبحَديثِ مَيمونةَ رَضيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ الناسَ شَكُّوا في صِيامِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يومَ عَرفةَ، فأرسَلَتْ إليه بحِلابٍ وهو واقفٌ في الموقفِ، فشرِبَ منه، والناسُ ينظُرون))([26]).
قالوا: هذا دليلٌ على أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لم يَصُمْه، وهذا صحيحٌ، لكنْ هذا عِندَما كان بعرَفةَ وهو حاجٌّ، وموضُوعنا عن صِيام يومِ عَرفةَ لغير الحاج، وليس في الحديثين أيُّ إشارةٍ إلى عدَمِ مشروعيَّةِ صِيامِ مَن ليس واقفًا بعَرَفةَ، بل هذانِ الحديثانِ عند التأمُّلِ يَصلُحانِ أنْ يكونَا من الأدلَّةِ لِمَن يقولُ بمشروعيَّةِ واستحبابِ صَومِ يومِ عَرفةَ؛ فإنَّه لولا أنَّ الصحابةَ يَعرِفون صومَ هذا اليومِ، أو أنَّ صومَه مشهورٌ عندهم، لَمَا شكُّوا في صَومِه ذلك اليومَ.
2- ومنها: استشهادُهم بحَديثِ ابنِ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما، قال: (ما رأيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَتحرَّى صِيامَ يومٍ فضَّلَه على غيرِه إلَّا هذا اليومَ؛ يومَ عاشوراءَ، وهذا الشَّهرَ، يعني: شَهرَ رمضانَ)([27]).
وقالوا: هذا يدُلُّ على أنَّ صِيامَ يومِ عاشوراءَ كان مَعروفًا عندَ الصحابةِ رَضيَ اللهُ عنهم، وأمَّا صَومُ يومِ عَرفةَ فلم يكُنْ مَعروفًا عِندَهم، وإلَّا لَذكَره ابنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما. وقالوا أيضًا: وفيه دليلٌ على أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لم يَتحرَّ صِيامِ يومِ عَرفةَ، بلْ كان يتحرَّى يومَ عاشوراءَ على غَيرِه مِن الأيامِ.
وهذا خلَلٌ عَظيمٌ في الفَهمِ؛ جرَّاءَ عدَمِ الجَمعِ بيْن النُّصوصِ، وعدَمِ سُلوكِ طَريقِ الرَّاسِخينَ في العِلمِ في فَهْمِ نُصوصِ الشريعةِ الغرَّاءِ، وإذا تأمَّلْنا كلامَ العُلماءِ المحقِّقينَ تبيَّنَ لنا الخللُ في كلام هؤلاء الجاهِلينَ المُتهوِّكينَ، وكيفيَّةُ الفَهْمِ الصَّحيحِ للنصوصِ الشرعيَّةِ، وكيفَ تعامَلَ معها العُلماءُ؛ قال الحافظُ ابنُ حَجرٍ عن هذا الحَديثِ: (هذا يَقتَضي أنَّ يومَ عاشوراءَ أفضلُ الأيامِ للصائمِ بعدَ رَمضانَ، لكنَّ ابنَ عبَّاسٍ أسنَدَ ذلك إلى عِلْمِه؛ فليس فيه ما يَرُدُّ عِلمَ غيرِه، وقد روَى مُسلِمٌ مِن حَديثِ أبي قتادةَ مَرفوعًا: «إنَّ صومَ عاشوراءَ يُكفِّرُ سَنةً، وإنَّ صِيامَ يومِ عَرَفةَ يُكفِّرُ سَنتينِ»، وظاهرُه: أنَّ صِيامَ يومِ عَرَفةَ أفضلُ مِن صِيامِ يومِ عاشوراءَ، وقد قِيل في الحِكمةِ في ذلك: إنَّ يومَ عاشوراءَ مَنسوبٌ إلى مُوسَى عليه السَّلامُ، ويومَ عرَفةَ مَنسوبٌ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ فلذلك كان أفضلَ)([28]).
وقال الألبانيُّ: (التعارُضُ بيْن نفْيِ ابنِ عباسٍ فضْلَ يومٍ غيرَ عاشوراءَ، وإثباتِ غيرِه -كأبي قَتادةَ- الأمْرُ فيه هيِّنٌ؛ لِمَا تقرَّرَ في الأصولِ أنَّ المُثبِتَ مُقدَّمٌ على النافي)([29]).
فاقتِصارُ ابنِ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما على ذِكْرِ يَومِ عاشوراءَ لا يَستلزِمُ ضعْفَ الأحاديثِ التي ذَكَرتْ غيرَه.
3-ومنها: استشهادُهم بقولِ عائِشةَ رَضيَ اللهُ عنها: (ما رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صائِمًا في العَشرِ قطُّ)([30]).
وقالوا: هذا الحديثُ صريحٌ في أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لم يَصُمِ العشرَ الأُولى مِن ذي الحِجَّةِ، واليومُ التاسعُ منها، وهو يومُ عَرفةَ، وهذا الزعمُ مخالِفٌ لفَهمِ العُلماءِ الراسخينَ؛ يُوضِّح ذلك قولُ الإمامِ النَّوويِّ تعليقًا على هذا الحديثِ: (ثبَت في صَحيحِ البُخاريِّ: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «ما مِن أيامٍ العمَلُ الصالحُ فيها أفضَلُ منه في هذه»، يعني العَشرَ الأوائلَ مِن ذي الحِجَّةِ؛ فيُتأوَّلُ قولُها: (لم يَصُمِ العشرَ) أنَّه لم يَصُمْه لعارضِ مرَضٍ، أو سفَرٍ، أو غيرِهما، أو أنَّها لم تَرَه صائمًا فيه، ولا يَلزَمُ مِن ذلك عَدمُ صِيامِه في نفْسِ الأمرِ)([31]).
وقال الحافظ ابنِ حَجرٍ -تَعليقًا على حَديثِ عائشةَ رَضيَ اللهُ عنها، ومُوضِّحًا فيه أنَّ حديثَها لا يُعارِضُ ما ذُكِر مِن الأدلَّةِ على فَضْلِ صِيامِ عَشرِ ذِي الحِجَّةِ-: (... لاحتمالِ أنْ يكونَ ذلك لكونِه كان يَترُك العَملَ وهو يُحِبُّ أنْ يَعمَلَه؛ خَشيةَ أنْ يُفرَضَ على أُمَّتِه، كما رواهُ الصَّحيحانِ مِن حَديثِ عائشةَ أيضًا)([32]).
وأيضًا فإنَّ عائشةَ رَضيَ اللهُ عنها لو علِمَتْ أنَّ النبيَّ نهَى عن صِيامِه ما صامَتْه في الحجِّ، وفي غيرِ الحجِّ، كما ورَدَ عن القاسمِ بنِ محمَّدٍ، قال: (كانتْ عائِشةُ رَضيَ اللهُ عنها تصومُ يومَ عَرفةَ. ولقد رأيتُها عَشيَّةَ عرَفةَ يَدفَعُ الإمامُ، ثم تقِفُ حتى يَبْيَضَّ ما بيْنها وبيْن الناسِ مِن الأرضِ، ثم تَدْعو بالشرابِ فتُفطِرُ)([33]).
وقال ابنُ حزْمٍ: (أمَّا أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لم يَصُمْه فلا حُجَّةَ لكم في ذلك؛ لأنَّه عليه السلامُ قد حَضَّ على صِيامِه أعظَمَ حضٍّ، وأخبَر أنَّه يُكفِّرُ ذُنوبَ سَنتَينِ، وما علينا أنْ نَنتظِرَ بعدَ هذا أيصومُه عليه السلامُ أم لا؟)([34])؛ لأن رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يترُكُ العملَ أحيانًا وهو يُحِبُّ أنْ يَعمَلَ به؛ خَشيةَ أنْ يَعملَ به الناسُ، فيُفرَضَ عليهم كما قال ابنُ حَجَر.
4- ومِن شُبهاتِهم: الزَّعْمُ بأنَّ الصحابةَ رضي الله عنهم -وعلى رأسِهم أبو بكرٍ وعمرُ رَضيَ اللهُ عنهما- لم يَصوموا يومَ عَرفةَ، ولم يَكونوا يَعرِفونه، مُستشهِدينَ بقولِ ابنِ عُمَرَ رَضيَ الله عنهما الذي رواه الطحاويُّ: (لم يَصُمْ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولا أبو بكرٍ، ولا عُمَرُ، ولا عثمانُ، ولا علِيٌّ يومَ عَرفةَ)([35]).
ويردُّ على هذه الشُّبهةِ الطحاويُّ نفسُه، حيثُ قال: (هذا أيضًا -عِندَنا- على الصِّيامِ يومَ عَرفةَ بالموقِفِ، وقدْ بيَّن ذلك ابنُ عمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما في غيرِ هذا الحَديثِ... أنَّ رجلًا سأَلَ ابنَ عُمَرَ عن صومِ يومِ عَرفةَ بالموقِفِ، فقال: خرَجْنا مع رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فلم يَصُمْه، ومع أبي بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه فلمْ يَصُمْه، ومع عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنه فلمْ يَصُمْه، ومع عُثمانَ رَضيَ اللهُ عنه فلم يَصُمْه، وأنا لا أَصومُه، ولا آمُرُك ولا أنهاك، فإنْ شِئتَ فلا تَصُمْه)([36]).
فبيَّن الطحاويُّ أنَّ ما رَوَى نافعٌ عن ابنِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما إنَّما هو على الصَّومِ في الموقِفِ.
وأيضًا قدْ ثبَت عن عَددٍ مِن الصحابةِ رَضيَ اللهُ عنهم والتابعينَ صِيامُ عرَفةَ بعرَفةَ، فضْلًا عن صِيامِه في غيرِ عرَفةَ؛ قال الإمامُ الطَّبريُّ: (وقد اختارَ صومَه على إفطارِه جَماعةٌ مِن الصحابةِ والتابعينَ، حتى لقدْ صامَه جَماعةٌ منهم بعرَفةَ)([37]).
والدليل على ذلك ما أخرَجه الترمذيُّ -وبوَّب له بقولِه: «بابُ كراهيةِ صَومِ يَومِ عَرفةَ بعرَفةَ»- عن أبي نَجِيحٍ قال: (سُئِلَ ابنُ عُمَرَ عن صَومِ يومِ عَرفةَ بعرَفةَ، فقال: حجَجْتُ مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فلم يَصُمْه، ومع أبي بَكرٍ فلم يَصُمْه، ومع عُمَرَ فلم يَصُمْه، ومع عُثمانَ فلم يَصُمْه، وأنا لا أصومُه، ولا آمُرُ به، ولا أنْهى عنه)([38])؛ فهو ظاهرٌ في عدم النهي عن صَومِ يومِ عَرفةَ للحاجِّ.
5- ومِن شُبهاتهم: استدلالُهم بقاعِدة: (أنَّ أيَّ حديثٍ فيه: أنَّ مَن فعَلَ كذا غُفِرَ له ما تقدَّمَ مِن ذنْبِه وما تأخَّرَ؛ فهو ضَعيفٌ).
وقالوا: حديثُ أبي قَتادةَ رَضيَ اللهُ عنه لا يصحُّ حتَّى ولو كان في صَحيحِ مسلِمٍ! وطبَّقوا عليه هذه القاعدةَ.
وهذه القاعدةُ صحيحةٌ؛ فلا يصحُّ حديثٌ فيه أنَّ مَن فعَلَ كذا غُفِرَ له ما تقدَّمَ مِن ذنْبِه وما تأخَّرَ، ولكن بهذا الإطلاقِ، أمَّا حديثُ أبي قَتادةَ فقد قيَّدَه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعامٍ قبْلَه وعامٍ بعْدَه، ولم يقُلْ: ما تقدَّمَ وما تأخَّرَ؛ فالحديثُ فيه تَحديدُ سَنتينِ فقطْ، وليس ما مضَى من العُمرَ بأكمَلِه، أو ما تأخَّرَ بأكمَلِه؛ فتأمَّلِ الفرقَ!
وحديثُ أبي قَتادةَ رَضيَ اللهُ عنه له نَظائرُ في تَكفيرِ الذُّنوبِ المُستقبَلةِ أو الماضيةِ؛ منها: حَديثُ أبي هُريرةَ رَضيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن اغتسَلَ، ثم أتَى الجُمُعةَ، فصلَّى ما قُدِّرَ له، ثم أَنصَتَ حتى يَفرُغَ مِن خُطبتِه، ثم يُصلِّي معه؛ غُفِرَ له ما بيْنَه وبيْن الجُمعةِ الأُخرَى، وفضْلَ ثلاثةِ أيَّامٍ))([39])
فهلْ طبَّقَ أحدٌ مِن العُلماءِ قديمًا وحديثًا هذه القاعدةَ على هذا الحديثِ أو غيرِه، وحكَموا بضَعْفِها بِناءً على تلك القاعدةِ؟!
6- ومِن شُبهاتهم: الاستدلالُ بـحديثِ عُقبةَ بنِ عامرٍ رَضيَ اللهُ عنه، قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((يومُ عرَفةَ، ويومُ النَّحرِ، وأيَّامُ التشريقِ عِيدُنا أهلَ الإسلامِ، وهي أيَّامُ أكلٍ وشُربٍ))([40])، حيثُ زعَموا أنَّ قولَه: ((عِيدُنا أهلَ الإسلامِ))؛ يدُلُّ على أنَّ هذه الأيامَ الخَمْسةَ -بما فيها يومُ عَرفةَ- أيَّامُ أكْلٍ وشُربٍ للحاجِّ وغيرِ الحاجِّ.
وهذا مُخالِفٌ لفَهمِ الراسِخينَ من أهلِ العِلْم؛ قال ابنُ عبدِ البَرِّ: (ذِكرُ يومِ عَرفةَ في هذا الحَديثِ غيرُ محفوظٍ، وإنما المحفوظُ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن وجوهٍ: يومُ الفِطرِ، ويومُ النَّحرِ، وأيَّامُ التشريقِ أيَّامُ أكْلٍ وشُربٍ)([41]).
وهذا قولُ جمْعٍ مِن العُلماءِ المُصنِّفين في علومِ الحديثِ؛ فإنَّهم حِين يَتكلَّمون عن الحديثِ الشاذِّ يَذكُرون هذا الحديثَ مِثالًا على الشُّذوذِ في المتنِ، ومنهم الزَّركشيُّ([42])، والسَّخاويُّ([43])، وزَكريا الأنصاريُّ([44])، وعليٌّ القاري([45])، وغيرهم.
وعلى فرْضِ صِحَّةِ هذه اللفظةِ وعَدمِ شُذوذِها؛ فإنَّ وصْفَ يومِ عَرفةَ بأنه عِيدٌ لا يدُلُّ على عَدمِ مَشروعيَّةِ صيامِ يومِ عَرَفةَ لغيرِ الحُجَّاجِ؛ لأنَّ المقصودَ به أنَّ عرَفةَ عِيدٌ لأهلِ عرَفةَ مِن الحُجاجِ؛ لاجتِماعِهم فيه، قال الإمامُ الطَّبريُّ: (وليس في قولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «يومُ عرَفةَ، ويومُ النَّحرِ، وأيَّامُ التشريقِ عِيدُنا أهلَ الإسلامِ، هنَّ أيَّامُ أكلٍ وشُربٍ» دَلالةٌ على نَهيِه عن صَومِ شيءٍ مِن ذلك، ...فكذلِك يومُ عَرَفةَ لا يَمنَعُ كونُه عِيدًا مِن أنْ يَصومَه بغيرِ عرَفةَ مَن أرادَ صومَه، بلْ له على ذلك الثوابُ الجزيلُ والأجرُ العظيمُ)([46]).
ونقَل ابنُ القيِّمِ عن شَيخِ الإسلامِ ابنِ تَيميَّةَ قولَه: (إنَّما يكونُ يومُ عَرفةَ عِيدًا في حقِّ أهلِ عرَفةَ؛ لاجتِماعِهم فيه، بخِلافِ أهلِ الأمْصارِ؛ فإنَّهم إنَّما يَجتمِعون يومَ النَّحرِ، فكان هو العِيدَ في حقِّهم)([47]).
وقال ابنُ حَجرٍ: (إنما كُرِه صَومُ يومِ عَرفةَ؛ لأنَّه يومُ عِيدٍ لأهلِ الموقِفِ؛ لاجتِماعِهم فيه)([48]).
وقال الشَّوكانيُّ عن يومِ عَرفةَ: (... أنَّه يومُ عِيدٍ لأهلِ الموقفِ؛ لاجتِماعِهم فيه)([49]).
والخُلاصةُ: أنَّ تعدُّدَ الأخبارِ والأحاديثِ الصحيحةِ عن صِيامِ يومِ عَرَفةَ وفضْلِه، مع وُجودِ أخبارٍ وأحاديثَ تدلُّ على عَدمِ صيامِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم له، وكذلك عَدمُ صيامِ بعضِ الصحابةِ فيه؛ كلُّ هذا يُجْمَعُ بَيْنَه، ولا يَنفي بعضُه بعضًا؛ فهو مِن بابِ تعدُّدِ الأوصافِ الصَّحيحةِ للأمْرِ الواحدِ، وعَدمُ فِعلِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لكلِّ ما حَثَّ عليه وأمَرَ به لا يَنفي صِفةَ المشروعيةِ عمَّا قاله؛ وإلَّا سنَجِدُ أنفُسَنا قدْ ألْغَينا كثيرًا من أُمورِ الشَّرعِ التي أمَرَ بها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ولم يَفعَلْها، لأنَّ الأوامرَ والنواهيَ تكونُ مُوجَّهةً لأفرادِ الأمَّةِ، فيَسمَعون ويُطيعون، ويأْتون منها ما استَطاعوا، كما قال اللهُ تعالَى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا} [التغابن: 16].
أسألُ اللهَ العَليَّ القَديرَ الهِدايةَ والتوفيقَ والسَّدادَ، وأسألُه سُبحانَه أنْ يُرِيَنا الحَقَّ حقًّا ويَرزُقَنا اتِّباعَه، وأنْ يُرِيَنا الباطِلَ باطلًا ويَرزُقَنا اجتِنابَه.
والحمدُ للهِ ربِّ العالَمين،،،
بقِي أخيرًا أنْ أقولَ:
النَّوكَى هنا هم الجَهلَةُ ([50])، والمتهوِّكون هم المُتحيِّرونَ([51])، وللكلمتَينِ معنى آخَرُ غيرُ مَقصودٍ هنا([52]).
([1]) صحيح مسلم (2/ 818).
([2]) ((تهذيب الآثارِ - مُسند عمر)) (1/ 365).
([3]) ((التمهيد)) (21/158).
([4]) ((المحلى)) (7/19).
([5]) أخرجه البخاري (1988)، ومسلم (1123).
([6]) ((فتح الباري)) (4/237).
([7]) ((نَيل الأوطار)) (4/284).
ويُنظُر الآثارُ الثابتةُ عنهم في صومِ يومِ عَرفةَ في: ((مُصنَّف عبد الرزَّاق)) (7830)، و((مُصنَّف ابن أبي شَيبة)) (3/96)، و((تهذيب الآثار)) لابن جرير الطَّبريِّ (2370) و(2371)، وغيرِ ذلك.
([8]) ((التمهيد)) (21/164).
([9]) ((بدائع الصَّنائعِ)) للكاسانيِّ (2/79)، ((فتح القديرِ)) للكَمال ابن الهُمامِ (2/350).
([10]) ((مواهب الجليلِ)) للحَطَّاب (3/312)، ((الفواكهُ الدَّواني)) للنَّفراويِّ (1/91).
([11]) ((المجموع)) للنَّووي (6/380)، ((مُغني المحتاج)) للشِّربيني (1/446).
([12]) ((المُغني)) لابن قُدامةَ (3/177)، ((الفروع)) لابن مُفلِحٍ (5/88).
([13]) ((الإفصاح)) (3/170).
([14]) ((المحلَّى)) (7/17).
([15]) (8/71).
([16]) ((نيل الأوطار)) (4/ 284).
([17]) ((فتاوى ورسائل الشيخِ محمَّد بن إبراهيمَ)) (4/204).
([18]) ((فتاوى نُور على الدَّرب)) ( 16/ 411).
([19]) ((سِلسلة الأحاديث الضَّعيفة)) (1/45).
([20]) ((شرح رِياض الصالحين)) ( 5/ 304).
([21]) ((فتاوى اللَّجنة الدائمة)) (10/ 395).
([22]) ((فتاوى دار الإفتاء المصرية)) ( 9/ 255).
([23]) أخرحه الترمذي (757)
([24]) من شِعر قَيْس بن الخَطيم، وهو في دِيوانِه (ص: 36).
([25]) أخرجه البخاري (1988)، ومسلم (1123).
([26]) أخرجه البخاري (1989)، ومسلم (1124).
([27]) أخرَجه البُخاري (2006)، ومسلم (1132).
([28]) ((فتح الباري)) (4/249).
([29]) ((سلسلة الأحاديث الضعيفة)) (1/454).
([30]) أخرجه مسلم (1176).
([31]) ((شرح النووي على مسلم)) (8/71).
([32]) ((فتح الباري)) لابن حجر (2/460).
([33]) أخرجه مالك في ((الموطأ)) (1/375)، وصحَّح إسنادَه ابنُ حجر في ((الدراية)) (2/22)، وشعيبٌ الأرناؤوط في تخريج ((شرح السنة)) (6/345).
([34]) ((المحلَّى)) (7/18).
([35]) ((شرح معاني الآثار)) (1 /72).
([36]) المصدر السابق.
([37]) ((تهذيب الآثار - مسند عمر)) (1/ 365).
([38]) ((سنن الترمذي)) (751).
([39]) أخرجه مسلمٌ (857).
([40]) أخرجه الترمذي (773)، وقال: حسنٌ صحيح. وقال ابن عبدالبر في ((التمهيد)) (21/163): انفرَد به موسى بن علي عن أبيه، وما انفرد به فليس بالقويِّ.
([41]) ((التمهيد)) (21/ 163).
([42]) ((النكت على مقدمة ابن الصلاح)) (2/ 137).
([43]) ((فتح المغيث)) (1/ 245).
([44]) ((فتح الباقي بشرح ألفية العراقي)) (1/ 233).
([45]) ((شرح النخبة)) (ص: 334).
([46]) ((تهذيب الآثار- مسند عمر)) للطبري (1/351).
([47]) ((زاد المعاد)) (1/ 62).
([48]) ((فتح الباري)) (4/238).
([49]) ((نيل الأوطار)) (4/ 284).
([50]) قال الأنباريُّ في ((الزاهر في معاني كلمات الناس)) (1/ 136): (قال الأصمعي: الأنوك [مُفرَد النَّوكَى]: العاجِزُ الجاهِلُ. قال: والنَّوْك عند العَرب: العجزُ والجهلُ)..
([51]) قال ابن الأثير في ((النهاية)) (5/ 282): (التهوُّك كالتهوُّر، وهو الوقوعُ في الأمْرِ بغير رويَّة، والمتهوِّك: الذي يقَع في كلِّ أمْرْ. وقيل: هو التحيُّر).
([52]) انظر: ((العين)) للخليل (4/ 64، 65)، ((الزاهر في معاني كلمات الناس)) للأنباري (1/ 136)، ((تهذيب اللغة)) للأزهري (10/ 208)، ، ((الصحاح)) للجوهري (4/ 1617).