التعريف بموضوع الكتاب:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مخاطبا مكة المكرمة: (والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت) أخرجه الترمذي والحاكم
ولما كانت مكة مهبطا للوحي وموضع ولادة سيد الأنام صلى الله عليه وسلم، وهجرته وفتحه، فقد اهتم المسلمون اهتماما كبيرا بتدوين تاريخها، وكتابة سير ولاتها وقضاتها وعلمائها ووجهائها وعظمائها والواردين إلى الحجاز، كيف لا وهي مبعث النور، ومنبع الجلال والجمال، وهي دعوة سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام: } فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون { [إبراهيم: 37]. وهي مقصد كل عابد وذاكر، وبها بيت الله، فكفاها شرفاً ورفعة.
وقد أُلفتْ كتب كثيرة تناولت تاريخ مكة، منها كتاب (أخبار مكة) للأزرقي، و(أخبار مكة) للفاكهي، و(شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام) و(العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين) كلاهما للفاسي. ومما صدر مؤخرا في هذا الباب كتاب عبد الله الغازي وسماه (إفادة الأنام بذكر أخبار بلد الله الحرام).
يقع هذا السفر في سبعة مجلدات ضخام، وخصص الأخير منه للفهارس العامة.
وقد جمع مؤلفه الشيخ عبد الله الغازي رحمه (ت: 1365) ما تفرق من كتب العلماء الذين كتبوا في التاريخ المكي عن مكة والبيت الحرام من القرن الثالث للهجرة النبوية إلى وفاة المؤلف رحمه الله، فجاء كتابه كالأم لما قبله من الأفراد فقد جمع ما كتبه الأولون وزاد، فكان موسوعياً في التصنيف.
وقد قدم المحقق بين يدي الكتاب دراسة وافية عنه، وقسم هذه الدراسة إلى مقدمة وستة مباحث وخاتمة. ففي المقدمة تكلم عن مقاصد البحث في الكتاب. وذكر ترجمة لطيفة للمؤلف في المبحث الأول اشتملت على نشأته وطلبه للعلم ورحلاته وأعماله وشيوخه وتلامذته ومؤلفاته وغير ذلك.
كما ذكر في المبحث الثاني تعريفا شاملا لكتابنا هذا، حيث ضمنه مقدمة في الكتب التاريخية عن مكة، وذكر فيها قرابة الخمسين كتابا عبر التاريخ في هذا الباب. وأبرز فيه مدى أهمية الكتاب، ومنهج المؤلف في كتابه، ووازن فيه بين كتابنا (إفادة الأنام) وبين كتاب جاء بعده لمحمد طاهر كردي سماه (التاريخ القويم لمكة وبيت الله الكريم) وهو موسوعي أيضا يقارب كتاب الغازي في حجمه، ورجح فيها كتاب الغازي.
وفي المبحث الثالث تعرض لموارد الغازي في كتابه (إفادة الأنام) حيث ذكر أن الغازي ذكر في مقدمة كتابه مصادره التي اعتمدها في جمع المادة العلمية لكتابه، حيث أورد ما يقرب مائة وثمانين كتابا اعتمد عليها في إخراج هذه الموسوعة التاريخية الشاملة لتاريخ مكة حتى وفاته.
ثم ذكر في المبحث الرابع منهج العمل في التحقيق. وفي المبحث الخامس منهج العمل في التعليق. وعرف في المبحث السادس بالنسخ الخطية للكتاب وقد اعتمد على نسخة خطية واحدة من سبعة مجلدات.
ثم أثبت المحقق نص الكتاب فأجاد في تحقيقه فجزى الله المؤلف والمحقق خيرا على هذا الكتاب العظيم.