التعريف بموضوع الكتاب:
كتاب (شرح معاني الآثار) من أعظم مؤلفات العلامة أبي جعفر الطحاوي وذلك لما احتوى عليه هذا الكتاب من فوائد تتعلق بالأحاديث سندا ومتنا واستنباط الأحكام منها مع حسن ترتيبه وتبويبه وقد صار هذا الكتاب من المراجع المهمة في المذهب الحنفي وذلك لأنه يثبت مذهب الأحناف مع إيراد أدلتهم وينفي ما ألصق بهم من رد الأحاديث وتقديم الرأي عليها، ولا يفوت الطحاوي أن يذكر أدلة المخالفين وينتصر لمذهبه الحنفي غالبا باستثناء مواضع يسيرة، لذا اشتدت عناية العلماء بهذا الكتاب بروايته وتدريسه وشرحه وتلخيصه والترجمة لرجاله.
وكان من هؤلاء الذين اعتنوا بهذا الكتاب العلامة بدر الدين العيني حيث شرحه في كتابين الأول (مباني الأخبار في شرح معاني الآثار) وهو خال من الكلام عن الرجال حيث أفردهم في كتاب خاص سماه (مغاني الأخيار في رجال معاني الآثار) أما الكتاب الثاني وهو كتابنا هذا (نخب الأفكار في تنقيح معاني الآثار) .
ويصدر العيني بكلام الطحاوي رامزا له بحرف (ص) أي أصل ويضعه أمام كل قطعة من كلام الطحاوي أراد شرحها ثم يضع بين يدي شرحه حرف (ش) أي شرح تمييزا له عن كلام الطحاوي.
ويتميز شرح العيني هذا بأنه يذكر مناسبة الحديث بالباب ومناسبة الباب بما قبله من الأبواب ويطيل الكلام عن الرجال في أسانيد الأحاديث فيترجم لكل راو مقتصرا على اسمه ونسبه ولقبه ومرتبته في الجرح أو التعديل ومن وثقه ومن ضعفه ويضبط ما أشكل من الأسماء بالشكل أو بالحروف وبعدها يخرج الحديث ذاكرا من أخرجه من أصحاب الكتب المشهورة ولا يكتفي بذلك بل يحكم على الحديث صحة وضعفا
ويتعرض أيضا للحديث ببيان ما فيه من اللغات والإعراب ووجوه المعاني والبيان والأسئلة والاعتراضات والأجوبة .
أما من الناحية الفقهية فينقل المذاهب الفقهية المتعلقة بالمسألة وأقوال العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم مع ذكر الأدلة المحتج بها ثم يقوم بالترجيح مع الانتصار غالبا للمذهب الحنفي.
ويكثر المؤلف من إيراد الاعتراضات والإشكالات مصدرا لها بقوله فإن قيل..... ثم يسرد الاعتراض ويجيب عنه بقوله : قلت.... ثم يسرد الجواب .
ويكثر أيضا في الغالب من ذكر الفوائد والاستنباطات المستخرجة من الأحاديث .
ويتميز الكتاب بأنه يرفع الإبهام في كلام الطحاوي عند عرضه للأقوال دون أن ينسبها لقائل فيسميهم العيني .
كذلك يتميز هذا الكتاب بأنه يكمل كتاب الطحاوي بذكر ما فاته من الأحاديث.
لكن يؤخذ على الكتاب أنه يترك بياضا لما لم يجد تخريجه من الأحاديث أو ترجمته من الرجال في كثير من الأحيان، كذلك الانتصار للمذهب الحنفي والتكلف في دفع أدلة المخالفين، مع بعض الأوهام التي وقعت فيه وأكثرها في تعيين الرواة أو تخريج بعض الأحاديث.
يبقى أن الكتاب عظيم الأهمية كبير النفع خاصة وأنه يطبع لأول مرة مع حسن إخراج وجودة تحقيق فجزى الله القائمين على إخراجه وتحقيقه خيرا.