التعريف بموضوع الكتاب:
الصراع بين الحق والباطل باق ما بقي الليل والنهار, وما دام أن هناك فريقان للخير والشر فإن المعركة التي شنها الشيطان على بني آدم مستمرة حتى يأذن الله - تبارك وتعالى - بذهاب هذه الدنيا ومن عليها, ولقد بشرنا رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - بمعارك حاسمة وملاحم قوية تقع في آخر الزمان تكون الغلبة فيها للحق وأهله, وتديل دولة الباطل وأهله.
وكما أن لنا في سنة نبينا صلى الله عليه وسلم بشائر مستقبلية, فإن لأعدائنا من اليهود والنصارى ومن نحى نحوهم أيضاً نبوءات مستقبلية تحدثت عن هذه الملاحم في كتبهم, صورتهم أنهم من يمثل جانب الحق من الصراع أو هكذا يظنون, وبدؤوا في الاستعداد لحدوث هذه النبوءات والعمل بمقدماتها وازادوا تمسكاً بها كلما أحسوا أنهم قريبون من تحقيق أهدافهم.
من أجل هذا وغيره من الأسباب كان الحديث عن ملاحم آخر الزمان أمراً مهما يجدر العناية به وتوضيحه لا سيما وقد ظهر في المسلمين بعض العابثين بنصوص الفتن والملاحم, تكلموا فيه بغير علم ولا هدى فجاؤوا بالعجائب وانتشرت كتبهم فأثرت في الأمة تأثيرا سلبياً بالغاً.
الكتاب الذي بين أيدينا ناقش هذه القضية نقاشاً علمياً, فبعد تمهيد عرف فيه المؤلف مفردات العنوان وتكلم فيه عن الجانب العقدي من الموضوع وأنه من مسائل الإيمان بالغيب, وتحدث عن موقف الأديان السماوية من مبدأ القتال.
شرع المؤلف في الكتاب والذي تألف من ثلاثة أبواب رئيسية:
الباب الأول: كان الحديث فيه عن الأصول المنهجية في دراسة الفتن والملاحم واحتوى هذا الباب على ثلاثة فصول, تحدث المؤلف في الأول عن المصادر التي يستقي منها أهل السنة أخبار الفتن والملاحم, وعن منهج أهل السنة والجماعة في التعامل مع هذه الأخبار, وعن الموقف الذي يتبناه أهل السنة تجاه أخبار الملاحم عند أهل الكتاب.
وفي الفصل الثاني من نفس الباب كان الحديث عن المخالفات التي يرتكبها بعض المسلمين عند دراستهم للملاحم, فتكلم عن المخالفات في إثبات هذه الملاحم, والمخالفات في الاستدلال بنصوصها, والمخالفات في تنزيل أخبار الفتن والملاحم على الواقع.
الفصل الثالث تكلم فيه المؤلف عن الأصول المعتمدة في دراسة الملاحم عند أهل الكتاب, فتكلم عن مصادرهم التي يأخذون منها هذه الأخبار, وعن المناهج العلمية والعملية التي يتبعها أهل الكتاب في التعامل معها.
الباب الثاني: كان الحديث فيه عن ملاحم آخر الزمان عند المسلمين وآثارها الفكرية, واشتمل هذا الباب على ثلاثة فصول , الفصل الأول تناول الملحمة الكبرى, وهي الملحمة التي تكون بين المسلمين والنصارى, فتحدث عن أحوال المسلمين وعلاقتهم مع النصارى قبيل هذه الملحمة , وعن أحداث الملحمة الكبرى, وفتح القسطنطينية.
أما الفصل الثاني فكان الحديث فيه عن الملحمة مع المسيح الدجال وأتباعه, وتناول فيه ظهوره في آخر الزمان, والقضاء عليه وعلى اتباعه, وأحوال العالم بعد القضاء عليه إلى وفاة عيسى عليه السلام.
أما الفصل الثالث فتناول فيه الآثار الفكرية لملاحم آخر الزمان عند المسلمين من حيث نظرتهم للمستقبل, وآثارها على موقفهم الفكري من أهل الكتاب, وآثارها في تعزيز بعض المفاهيم الإسلامية.
الباب الثالث: تحدث فيه المؤلف عن ملاحم آخر الزمان عند أهل الكتاب وآثارها الفكرية, وأحتوى هذا الفصل على ثلاثة فصول, الأول منها تناول ملاحم آخر الزمان عند اليهود كملحمة يوم غضب الرب وملحمة جوج وماجوج والملك الألفي عند اليهود.
أما الفصل الثاني فتناول ملاحم آخر الزمان عند النصارى كمقدمات ملحمة هرمجدون وأحداثها, والملك الألفي وملحمة جوج وماجوج.
وفي الفصل الثالث والأخير تناول المؤلف الآثار الفكرية لملاحم آخر الزمان عند أهل الكتاب, فتحدث عن الآثار الفكرية لملاحم آخر الزمان عند اليهود وكذلك عند النصارى, وتحدث أيضاً عن توظيف بعض أهل الكتاب نصوص الملاحم وآثارها توظيفاً نفعياً.
القارئ للكتاب يخرج بتصور صحيح عن أحداث وملاحم آخر الزمان بعيداً عن التخرصات والظنون والإسقاطات الخاطئة للنصوص على أحداث الواقع, فجزى الله المؤلف خير الجزاء.