التعريف بموضوع الكتاب:
إن الدين الإسلامي بناء متكامل يشمل جميع مناحي حياة المسلم منذ ولادته وحتى مماته ثم ما يؤول إليه بعد مماته، وهذا البناء الضخم يقوم على أساس متين هو العقيدة الإسلامية التي تتخذ من وحدانية الخالق منطلقا لها.
وقد هيأ الله سبحانه وتعالى للأمة على مر الأيام والأعصار وفي كل الأماكن والأمصار، كوكبة من العلماء، الذين نذروا أنفسهم وأوقاتهم للحفاظ على هذه العقيدة من تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، فيسر الله لهم حفظها، وظهرت في أبهى حلة من الإتقان والحفظ والصيانة، وكل ذلك بفضل الله ثم بفضل هؤلاء الأئمة الأعلام.
وقد ألفوا الكثير حول موضوع العقيدة الذي هو الأصل الذي يقام عليه بناء الإسلام الشامخ العظيم، فألفوا المتون وشرحوا عليها الشروح في القديم والحديث، ومن هذه المؤلفات كتاب العقيدة الطحاوية لمؤلفها الإمام أبي جعفر الطحاوي، وهي عقيدة سهلة في عبارتها ، واضحة في معناها، يسيرة في مبناها, تتصف بأنها جامعة لمسائل العقيدة مع اتسامها بالاختصار والإيجاز، وقد اجتمع على مجمل ما فيها أهل السنة والجماعة، فكانت – في معظمها – محل إجماع واتفاق بينهم, عدا بعض الأحرف التي خالف فيها الماتن عقيدة أهل السنة والجماعة كقوله في حد الإيمان ( الإيمان هو الإقرار باللسان ، والتصديق بالجنان ) إذا أن الاقتصار في تعريف الإيمان بهذا التعريف هو مذهب مرجئة الفقهاء الذين يخرجون العمل عن مسمى الإيمان. ومما يؤخذ عليه أيضاً استخدامه لبعض العبارات المجملة والتي تحتمل معاني باطلة, ويكثر استعمالها عند المبتدعة.
لذا كان لزاما على طالب العلم أن يأخذ شرح هذه العقيدة ممن صفت عقيدته, ووضح منهجه, وكان على منهج السلف الصالح, وهم كثر ولله الحمد فقد حظي هذا المتن بشرح كثير من العلماء وطلاب العلم من أهل السنة والجماعة، في القديم والحديث، وهذا الكتاب الذي بين أيدينا هو أحد هذه الكتب التي شرحت العقيدة الطحاوية على المنهج الصحيح.
وأصل هذا الكتاب دروس ألقاها فضيلة الشيخ عبدلله بن محمد الغنيمان بمسجد الراجحي ببريدة، تم تفريغها وترتيبها ومراجعتها وإخراجها في هذه الحلة القشيبة.
ويتميز هذا الشرح بأنه يوصل إلى المقصود بعبارة سهلة واضحة, ويفك ألفاظ المتن ويبين كلماته بطريقة مبسطة, ويقف عند العبارات الملبسة والتي خالف فيها المؤلف منهج أهل السنة والجماعة فيبين الحق فيها.
جزى الله مؤلفه خير الجزاء ونفع به الإسلام والمسلمين.