الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الأوَّلُ: هل يُشتَرَطُ أن يكونَ المُصالَحُ عنه معلومًا؟


لا يُشتَرَطُ أن يكونَ المُصالَحُ عنه معلومًا [47] المُصالَحُ عنه: هو الشَّيءُ المُدَّعى به، أو المُتنازَعُ فيه. يُنظر: ((مجلة الأحكام العدلية)) (ص: 297). ، ويجوزُ أن يكونَ المُصالَحُ عنه مجهولًا إذا تَعَذَّرَت مَعرِفتُه [48] كأن يُجهَلَ القَدْرُ المُصالَحُ عنه، ويتعَذَّرَ الوصولُ إلى مَعرِفتِه. ، وهو مَذهَبُ المالِكيَّةِ [49] ((مواهب الجليل)) للحطاب (7/4)، ((منح الجليل)) لعليش (6/136)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير)) (3/310). ، والحَنابِلةِ [50] ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (4/168)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/396). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عَنِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه قال في رَجُلَينِ اختَصَما في مَواريثَ بَينَهما قد دَرَست: ((أمَا إذ قُلتُما فاذهَبا فاقتَسِما، ثُمَّ تَوخَّيا الحَقَّ، ثُمَّ استَهِما، ثُمَّ ليُحْلِلْ كُلُّ واحِدٍ مِنكُما صاحِبَه)) [51] أخرجه أبو داود (3584)، وأحمد (26717) واللفظ له، من حديثِ أمِّ سَلَمةَ رَضِيَ اللهُ عنها. حسَّن إسنادَه الألباني في ((هداية الرواة)) (3696)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (3584). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ المَواريثَ الدَّارِسةَ لا تَكونُ إلَّا مَجهولةً، ولو كان الحُكمُ مُختَلِفًا لبَيَّنَ ذلك رَسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ فدَلَّ ذلك على جَوازِ الصُّلحِ على المَجهولِ [52] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (4/368). .
ثانيًا: لأنَّ الحاجةَ تَدعو إليه [53] يُنظر: ((الكافي)) لابن قدامة (2/118). .
ثالثًا: لأنَّه إسقاطُ حَقٍّ، فصَحَّ في المَجهولِ، كالعَتاقِ والطَّلاقِ [54] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (4/368). .
رابِعًا: لأنَّه إذا صَحَّ الصُّلحُ مَعَ العِلمِ وإمكانِ أداءِ الحَقِّ بعَينِه، فلأن يَصِحَّ مَعَ الجَهلِ أَولى؛ وذلك لأنَّه إذا كان مَعلومًا فلهما طَريقٌ إلى التَّخَلُّصِ وبَراءةِ أحَدِهما مِن صاحِبِه بدونِه، ومَعَ الجَهلِ لا يُمكِنُ ذلك، فلو لَم يَجُزِ الصُّلحُ أفضى إلى ضَياعِ المالِ [55] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (4/368). .

انظر أيضا: